الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الواجب أولى من الاستماع لغير الواجب (1).
وإذا نسي المأموم قراءة الفاتحة، أو سها عن ذلك، أو جهل وجوبها، سقط عنه وكفته قراءة الإمام على الصحيح. وكذا إذا أدرك الإمام راكعا لفوات محلها، لحديث أبي بكرة رضي الله عنه:«أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: زادك الله حرصاً، ولا تعد» (2).
وقد أجمع العلماء على هذا.
قال القرطبي (3): «وأما المأموم فإن أدرك الإمام راكعًا فالإمام يحمل عنه القراءة، ولإجماعهم على أنه إذا أدركه راكعًا أنه يكبر ويركع، ولا يقرأ شيئًا» .
القول الثاني:
أن المأموم يقرأ خلف الإمام في الصلاة السرية، ولا يقرأ في الصلاة الجهرية، بل ينصت لقراءة الإمام.
وهذا هو الثابت - والله أعلم - عن علي بن أبي طالب - رضي الله
(1) انظر «مجموع الفتاوى» 23: 313.
(2)
أخرجه البخاري في الأذان- باب إذا ركع دون الصف، الحديث 783، وأبو داود في الصلاة- باب الرجل يركع دون الصف، الحديث 839، وأحمد 5: 39، 42، 45، 46، 50.
(3)
في «تفسيره» 1: 118، وانظر:«خير الكلام في القراءة خلف الإمام» فقرة 21، «المغني» 2: 262 - 263، «إمام الكلام في القراءة خلف الإمام» ص96 - 115.
عنه - (1).
(1) أخرجه عن علي -البخاري في جزء القراءة- الأثران 1، 54، وابن أبي شيبة 1: 371، 373، وابن المنذر في «الأوسط» الأثر 1312، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» 1: 206، 209، والدارقطني 1: 322، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثران 198، 425 من طريق الزهري عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:«إذا لم يجهر الإمام في الصلوات فاقرأ بأم الكتاب وسورة أخرى في الأولين من الظهر والعصر، وبفاتحة الكتاب في الأخريين من الظهر والعصر، وفي الآخرة من المغرب وفي الأخريين من العشاء» .
وقال الدارقطني: «إسناده صحيح» وقال ابن عبد البر في «التمهيد» 11: 35: «أصح شيء عن علي ما رواه الزهري» .
وهذا والله أعلم يفسر ما رواه ابن أبي شيبة 1: 373 من طريق الحكم وحماد: «أن عليًا كان يأمر بالقراءة خلف الإمام» - إن صح هذا- على أن المراد به الأمر بالقراءة خلف الإمام فيما أسر فيه بالقراءة.
كما يفسر ما رواه عبد الرزاق الأثر 2805 - عن علي «أنه كان ينهى عن القراءة خلف الإمام - إن صح هذا أيضًا- على أن المراد به القراءة حال جهر الإمام بالقراءة» .
وأما ما أخرجه عبد الرزاق الآثار 2801، 2804 - 2806، وابن أبي شيبة 1: 376، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» 1: 219، والدارقطني 1: 331 - 332 عن علي أنه قال: «من قرأ مع الإمام، أو خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة» .
فقد ضعفه أكثر أهل العلم فقال البخاري في جزء القراءة، فقرة:(38)«لا يصح» ، وقال الدارقطني في سننه: 1: 332: «لا يصح إسناده» ، وقال ابن حبان في كتاب الضعفاء:«باطل ويكفي في ضعفه إجماع المسلمين على خلافه» .
وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» .
وقال في «التمهيد» 11: 49 - 50: «هذا الخبر لو صح كان معناه من قرأ مع الإمام فيما جهر فيه بالقراءة فقد أخطأ الفطرة، لأنه حينئذ خالف الكتاب والسنة فكيف وهو خبر غير صحيح، وقد عارض هذا الخبر عن علي ما هو أثبت منه، وهو خبر الزهري عن عبد الله بن أبي رافع عن علي» .
وقال أيضًا 11: 51 - بعدما ذكر ضعف ما روي عن سعد بن أبي وقاص في هذا قال: «وكذلك كل ما روي عن علي في هذا الباب فمنقطع لا يثبت، ولا يتصل، وليس عنه فيه حديث متصل غير حديث عبد الله بن أبي ليلى، وهو مجهول، وزعم بعضهم أنه أخو عبد الرحمن بن أبي ليلى ولا يصح حديثه، ولا أعلم في هذا الباب صاحبًا صح عنه بلا اختلاف أنه قال مثل ما قال الكوفيون إلا جابر بن عبد الله وحده.
وذكر البيهقي في «القراءة خلف الإمام» ص189 أنه موقوف على علي بإسناد رواه ضعيف يكفي ذكره واختلاف الرواة فيه عن بيان ضعفه.
ثم ذكر رواياته واختلافها، وعدم صحتها - الآثار 414 - 423.
وهو مروي أيضًا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (1) - وعن ابنه عبد الله بن عمر بن الخطاب (2)،
وعبد الله بن
(1) سبق تخريجه عن عمر ص356، 357 وأسانيده - والله أعلم- لا تثبت كما سبق بيان ذلك.
(2)
أخرجه عن ابن عمر - عبد الرزاق- الأثر 2811، وابن المنذر في «الأوسط» الأثر 1315، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثر 330 - من طريق ابن شهاب عن سالم أن ابن عمر كان يقول:«ينصت للإمام فيما يجهر به في الصلاة، ولا يقرأ معه» . ذكر ابن عبد البر في «التمهيد» 11: 36: «أن هذا أصح ما روي عن ابن عمر» . وأخرج مالك في «الموطأ» الأثر 189، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» 1: 220، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثر 398 - من طريق نافع عن ابن عمر قال:«إذا صلى أحدكم خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام، وإذا صلى وحده فيقرأ. وكان عبد الله بن عمر لا يقرأ خلف الإمام» .
وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» 2: 184: «وهذا الحديث عن ابن عمر يدل ظاهره على أنه كان لا يقرأ خلف الإمام، ولا يرى القراءة خلفه جملة، في السر، ولا في الجهر، ولكن مالكًا رحمه الله، أدى ما سمع من نافع كما سمعه، وبلغه عن ابن عمر: أن مذهبه كان أنه لا يقرأ خلف الإمام فيما يجهر فيه، دون ما أسر، فأدخل حديثه في الباب، كأنه قيده بترجمة الباب، وبما علم من المعنى فيه ثم استدل ابن عبد البر على هذا بما أخرجه عن عبد الرزاق من طريق ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر- ثم قال: «وكل ما روي عن نافع عن ابن عمر من رواية مالك وغيره من الألفاظ المجملة في هذا الحديث فإنه يفسره ويقضي عليه حديث ابن شهاب عن سالم هذا والله أعلم» . وذكر نحوًا من هذا في «التمهيد» 11: 36 - 37، وقال البيهقي في «القراءة خلف الإمام» ص183 «ورواية سالم عن ابن عمر تدل على صحة ما حمل مالك ابن أنس- رحمه الله عليه رواية نافع» .
قلت: كما قد يفسر حديث ابن شهاب عن سالم ما أخرجه عبد الرزاق الأثران 2814 - 2815 من طريق زيد بن أسلم، وابن ذكوان عن ابن عمر أنه كان ينهى عن القراءة خلف الإمام، أو لا يقرأ خلف الإمام- إن صح هذا- على أن المراد به النهي عن القراءة أو تركها إذا جهر الإمام بالقراءة. لكن أخرج الطحاوي 1: 219 - عن ابن عمر وزيد بن ثابت وجابر أنهم قالوا: لا تقرؤوا في شيء من الصلوات.: وهذا- إن صح عن ابن عمر- لا يمكن حمله على ما سبق، والله أعلم.
مغفل (1)، وعبد الله بن مسعود (2)
(1) أخرجه ابن أبي شيبة 1: 371، والبخاري في جزء القراءة خلف الإمام الأثر 61، وابن المنذر في «الأوسط» الأثر 1316، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثر 235 - عن عبد الله بن مغفل أنه كان يأمر بالصلاة التي لا يجهر فيها الإمام- أن يقرأ في الصلاة في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب»
(2)
أخرجه عبد الرازق- الأثر 2803، وابن أبي شيبة 1: 376، وابن المنذر في «الأوسط» الأثر 1310، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» 1: 219، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثران 257، 374، وابن عبد البر في «التمهيد» 11: 30 - عن ابن مسعود بلفظ: «أنصت للقرآن فإن في الصلاة شغلًا، وسيكفيك ذلك الإمام. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» 2: 111 «رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله موثوقون» .
قال عبد الله بن المبارك فيما ذكره البخاري في جزء القراءة، فقرة 28، 29:«دل أن هذا الجهر، وإنما يقرأ خلفه فيما سكت الإمام» . وكذا قال ابن عبد البر: «قوله: أنصت» يدل على أن ذلك في الجهر دون السر».
قلت: ويدل على هذا ما أخرجه ابن أبي شيبة 1: 373، وابن المنذر في «الأوسط» الأثر 1311، عن عبد الله بن مسعود: أنه قرأ في العصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة».
وهذا كله يفسر ما أخرجه البخاري في جزء القراءة- الأثر55 - عن ابن أبي مريم سمعت ابن مسعود رضي الله عنه يقرأ خلف الإمام- إن صح هذا- على أن المراد به القراءة في الصلاة السرية.
كما يفسر ما روي عنه- عند عبد الرزاق- الأثر 2806، والطحاوي 1: 219 - أنه قال: «من قرأ مع الإمام، أو ليت الذي يقرأ مع الإمام ملئ فوه ترابًا» - إن صح هذا عنه- على أن المراد به القراءة مع الإمام حال جهر الإمام بالقراءة. علمًا أن في إسناد عبد الرزاق شيخه داود بن قيس الصنعاني وهو مقبول كما في «التقريب» 1: 234، وفي إسناد الطحاوي: خديج بن معاوية وهو صدوق يخطئ كمن في «التقريب» 1: 156.
وعائشة (1). وأبي سعيد الخدري، مع اختلاف عنه في ذلك (2)،
وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة (3) والزهري (4)،
(1) أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» الأثر 1313 - عن عائشة- رضي الله عنها قال: «اقرأ خلف الإمام فيما يخافت به» .
والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثران 221 - 222 - عن عائشة أنها تأمر بالقراءة خلف الإمام في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وشيء من القرآن، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب».
أما ما ذكره البخاري عنها في جزء القراءة، فقرة 134 بعدما أخرج عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه «لا يركع أحدكم حتى يقرأ بأم القرآن». قال البخاري:«وكانت عائشة تقول ذلك» .
فإن هذا- إن صح- ليس صريحًا في أن عائشة، ولا أبا سعيد يريان القراءة خلف الإمام مطلقًا في الصلاة السرية والجهرية، إذ قد يصح حمله على القراءة في الصلاة السرية، بل لو قيل بحمله على من صلى منفردًا لما امتنع قبول ذك.
(2)
فقد أخرج البخاري في جزء القراءة- الأثر 57، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» عن أبي نضره قال: سألت أبا سعيد عن القراءة خلف الإمام، فقال:«فاتحة الكتاب وفي إسنادهما العوام بن حمزة المازني: صدوق ربما وهم كما في «التقريب» 2: 89. وأخرج البخاري- الأثر 133 - عن عبد الرحمن بن هرمز قال: قال أبو سعيد: «لا يركع أحدكم حتى يقرأ بأم الكتاب».
فهذان الأثران- إن صحا- عن أبي سعيد- قد يؤخذ منهما أنه يرى القراءة خلف الإمام مطلقًا حتى في الصلاة الجهرية. لكن أخرج ابن أبي شيبة 1: 377 - عن أبي هارون قال: سألت أبا سعيد عن القراءة خلف الإمام، فقال:«يكفيك ذاك الإمام» فهذا- إن صح عن أبي سعيد- يدل على أن المراد بالأثرين السابقين القراءة في السرية. والأمر محتمل فالله أعلم.
(3)
أخرجه عبد الرزاق- الأثر 2775، وابن أبي شيبة 1: 373 - بإسناد صحيح- والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثر 245 - كلهم من ريق حصين بن عبد الرحمن قال: «سمعت عبيد الله بن عبد الله بن عتبة يقرأ في الظهر والعصر مع الإمام ..» وليس في رواية ابن أبي شيبة والبيهقي «» في الظهر والعصر». وقد ذكر هذا القول عن عبيد الله، وأنه يقرأ خلف الإمام. ابن عبد البر في «التمهيد» 11: 28، و» الاستذكار» 2:186.
(4)
أخرجه عن الزهري- عبد الرزاق- الأثر 2784، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثران 273، 332 - أنه ينهى عن القراءة فيما جهر الإمام، ويقرأ فيما لم يجهر الإمام» وذكره ابن عبد البر في «الاستذكار» 2:186.
وقتادة (1)، وسعيد بن المسيب (2)، والحكم بن عتيبة (3)، والقاسم ابن محمد (4)، وعروة بن الزبير (5)،
ونافع بن جبير بن مطعم (6)، وسالم ابن عبد الله بن عمر (7).
وبه قال الإمام مالك وأصحابه (8) وأحمد بن حنبل، إلا أنه قال: إن سمع في صلاة الجهر لم يقرأ، وإن لم يسمع قرأ (9)، وذكر ابن
(1) أخرجه عبد الرزاق - الأثر 2785 عن قتادة أنه قال: «إذا جهر الإمام فلا تقرأ شيئًا» وذكره ابن عبد البر في «التمهيد» 11: 28.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة 1: 374، 377 عن سعيد قال:«يقرأ الإمام ومن خلفه في الظهر والعصر بفاتحة الكتاب» ، وفي رواية قال:«أنصت للإمام» ، وذكره ابن عبد البر في «التمهيد» 11: 28، و «الاستذكار» 2:186.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة 1: 374 عن الحكم قال: «اقرأ خلف الإمام فيما لو لم يجهر في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخيرين بفاتحة الكتاب» .
(4)
أخرجه عن القاسم بن محمد - مالك في «الموطأ» الأثر 187، وابن أبي شيبة 1: 345، وذكره ابن عبد البر «في التمهيد» 11:54.
(5)
أخرجه عن عروة مالك في «الموطأ» الأثر 186، وعبد الرزاق- الأثر 2791، وابن أبي شيبة 1: 374، والبخاري في جزء القراءة - الأثر 276 ..
(6)
أخرجه مالك في «الموطأ» الأثر 188، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثر 332 - عن نافع بن جبير بن مطعم أنه كان يقرأ خلف الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة.
(7)
ذكره عن سالم ابن عبد البر في «الاستذكار» 2: 186، وفي «التمهيد» 11: 28/ 37.
(8)
انظر «المدونة» 1: 67، «الموطأ» ص 67 - 68، «الاستذكار» 2: 186 - 188، «التمهيد» 11: 28، 34، 37 - 38، «الكافي في فقه أهل المدينة» 1: 170، «بداية المجتهد» 1: 154، «أحكام القرآن» لابن العربي 1: 4، «الجامع لأحكام القرآن» 1:117.
(9)
انظر «مسائل الإمام أحمد» رواية ابنه عبد الله ص 71، 79 الفقرات 254 - 257، 280، و «رواية النسبايوري» 1: 51، و «رواية أبي داود» ص 32، «المغني» 1: 259، 264، 267 - 268، «تنقيح التحقيق» 2: 857، «الشرح الكبير» 1: 390 - 391، «مجموع الفتاوى» 23: 268 - 269.
تيمية (1) أنه لم يصح عنه غيرها.
وقال به أيضًا عبد الله بن المبارك (2)، وإسحاق بن راهويه (3) وهو قول الشافعي في القديم (4)، وبه قال الأوزاعي وأبو ثور (5) وداود (6).
وهو اختيار جمع من المحققين أيضًا منهم:
الطبري (7)، وأبو بكر بن العربي (8)، وشيخ الإسلام ابن تيمية قال:«وهو قول جمهور أهل العلم، وأعدل الأقوال» (9).
واختاره - أيضًا - الحافظ ابن كثير (10)، وشيخ الإسلام محمد ابن
(1) في «مجموع الفتاوى» 22: 295، وانظر 23:381.
(2)
انظر: «الأوسط» 3: 106، «سنن الترمذي» 2: 121، «الاستذكار» 2: 186، «التمهيد» 11: 28، «الاعتبار» للحازمي ص 100، والمغني 2: 259، «المجموع» 3: 395 - 396.
(3)
انظر: «الأوسط» 3: 106ن «الاستذكار» 2: 186، «التمهيد» 11: 28، «الاعتبار» ص 100، «المغني» 2:259.
(4)
انظر: «أحكام القرآن» للشافعي ص 77، «المهذب» 1: 79، «القراءة خلف الإمام» للبيهقي ص 107، 11، «تفسير ابن كثير» 1:28.
(5)
انظر: «الاستذكار» 2: 193.
(6)
انظر: «التمهيد» 11: 28.
(7)
في «تفسيره» 13: 352.
(8)
في «أحكام القرآن» 1: 5، قال:«والصحيح عندي وجوب قراءتها فيما يسر، وتحريمها فيماجهر إذا سمع قراءة الإمام لما عليه من فرض الإنصات والاستماع لقراءته، فإن كان عنه في مقام بعيد فهو بمنزلة صلاة السر»
(9)
انظر: «مجموع الفتاوى» 23: 327، 330، وانظر 294، 297.
(10)
في «تفسيره» 1: 28، 63.
عبد الوهاب (1)، واللكنوي من محققي الأحناف في هذا العصر (2).
واختاره من علمائنا المعاصرين فضيلة الشيخ شيخنا محمد بن ناصر الدين الألباني (3)، وفضيلة الشيخ شيخنا صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان.
واختلفوا في حكم القراءة في الصلاة السرية خلف الإمام، أهي واجبة أم سنة.
فذهب مالك (4)، وأحمد في رواية (5) له عدها بعض أصحابه هي المشهورة عنه (6).
واختارها بعض أصحابه كشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب (7) إلى أن قراءة الفاتحة في الصلاة السرية خلف الإمام سنة.
وذهب الأوزاعي (8)
(1) في «آداب المشي إلى الصلاة» ص 98 باب صلاة الجماعة.
(2)
كانت وفاته سنة 1304 هـ وانظر: كتابه «إمام الكلام فيلا القراءة خلف الإمام» ص 225 - 228 - وهذا الكتاب من خير ما ألأف في هذه المسألة، كما سبقت الإشارة إليه.
(3)
في «صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم» له ص 55 - 57.
(4)
انظر: «الاستذكار» 2: 89 - 193، «التمهيد» 11: 53، وانظر: المراجع السابقة في ذكر قول مالك.
(5)
انظر: «مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله» ص 72، 78، فقرة 257، 278، «التحقيق» 1:391.
(6)
انظر: «مجموع الفتاوى» 23: 266.
(7)
انظر: «آداب المشي إلى الصلاة» ص 98.
(8)
انظر: «الاستذكار» 2: 194، «التمهيد» 11:45.
والشافعي (1) وأبو ثور وإسحاق، وداود (2)، وأحمد في رواية (3) عنه إلى أن القراءة في الصلاة السرية خلف الإمام واجبة ولا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. واختار هذا ابن العربي (4).
واتفقوا على أنه لا يشرع قراءة الفاتحة، ولا غيرها حال سماع المأموم لقراءة إمامه ..
واختلفوا في حكم من قرأ وهو يسمع قراءة الإمام: فذهب بعضهم إلى كراهية ذلك (5)، وذهب بعضهم إلى تحريمه (6)، بل شذ بعضهم فقال ببطلان صلاته (7).
أما إذا لم يسمع المأموم قراءة الإمام، أو كان للإمام سكتات. فقال بعضهم الأفضل للمأموم أن يقرأ الفاتحة في هذه الأحوال (8) - وهو الأولى - لكن لو لم يفعل فصلاته صحيحة عندهم (9).
الأدلة التي استدل بها أصحاب هذا القول:
(1) انظر: «أحكام القرآن» للشافعي 1: 77، «المهذب» 1:79.
(2)
انظر: «الاستذكار» 2: 194، «التمهيد» 11:54.
(3)
انظر «مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله» ص 71 فقرة 256، «مجموع الفتاوى» 23:266.
(4)
في «أحكام القرآن» 1: 5.
(5)
انظر: «كشاف القناع» 1: 464.
(6)
انظر: «أحكام القرآن» لابن العربي 1: 5، «مجموع الفتاوى» 22:342.
(7)
انظر: «المبسوط» 1: 199، «مجموع الفتاوى» 22: 339، «إمام الكلام في القراءة خلف الإمام» ص 71، 82، 90.
(8)
انظر: «مجموع الفتاوى» 23: 266، 309، 329.
(9)
انظر: «المغني» 2: 268.
أ- استدلوا على وجوب القراءة في الصلاة السرية، أو استحبابها بالأدلة التي استدل بها أصحاب القول الأول على وجوبها أو استحبابها في الحالين وعلى أنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها كحديث عبادة بن الصامت «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» متفق عليه (1).
وحديث أبي هريرة «كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج - ثلاثا، غير تمام» رواه مسلم.
وغير ذلك من الأحاديث بهذا المعنى وقالوا: المراد بها الإمام والمنفرد، وكذا المأموم في الصلاة السرية، وكذا في الجهرية إذا لم يسمع قراءة الإمام.
ب- أما أدلتهم على أن المأموم لا يقرأ في الصلاة الجهرية، بل ينصت لقراءة الإمام فمنها ما يأتي:
1 -
قوله - تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)} (2).
قالوا: فهذه الآية نزلت في الأمر بالإنصات عند القراءة في الصلاة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنهم كانوا يتكلمون في الصلاة فنزلت: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ
(1) انظر: «عارضة الإحوذي» 2: 108 - 111، وقد سبق تخريج هذا الحديث في أسماء الفاتحة في المبحث الثاني، من الفصل الأول من هذا الباب.
(2)
سورة الأعراف، الآية 204.
تُرْحَمُونَ} (1) وقد روي نحوه عن ابن مسعود (2)، وابن عباس (3)، وقتادة (4)، والزهري (5)، ومعاوية بن قرة (6).
والقول بأنها في الصلاة دون ذكر سبب نزولها مروي أيضًا عن أبي هريرة (7) وابن عباس (8)، وابن مسعود (9)، وعبد الله بن مغفل (10)، والزهري، ومجاهد، وسعيد بن المسيب، والشعبي، وإبراهيم النخعي، والحسن (11)، وعبيد بن عمير، وعطاء بن أبي رباح،
(1) أخرجه الطبري في «تفسيره» الآثار 15582، 15586، 15601، والواحدي في «أسباب النزول» ص 171، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الآثار 274 - 279، وابن عبد ابر في «التمهيد» 11:29.
(2)
أخرجه عن ابن مسعود الطبري في «تفسيره» الأثر 15581، وابن عبد البر في «التمهيد» 11: 29 - 30.
(3)
أخرجه عن ابن عباس - البيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثر 280.
(4)
أخرجه عن قتادة- الطبري في «تفسيره» الآثار 15598 - 15599، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثر 282.
(5)
أخرجه عن الزهري- الطبري في «تفسيره» - الأثر 15600، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثر 281.
(6)
أخرجه عن معاوية- البيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثر 283.
(7)
أخرجه عن أبي هريرة ابن المنذر في «الأوسط» الأثر 1318.
(8)
أخرجه عن ابن عباس الطبري في «تفسيره» الأثر 15604، وابن المنذر في «الأوسط» الأثر 1317، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثر 258.
(9)
أخرجه عن ابن مسعود- الطبري في «تفسيره» الأثر 15584، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الآثار 253 - 256.
(10)
أخرجه عن عبد الله بن مغفل، البيهقي في «القراءة خلف الإمام» الآثار 250 - 252.
(11)
أخرجه عنهم الطبري في «تفسيره» الآثار 15583 - 15595، 15597، 15602، 15605، 15607، 15611، 15613، 15615، 15617، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الآثار 260 - 373.
والضحاك، والسدي، وعبد الرحمن بن زيد (1)، ومحمد بن كعب القرظي (2)، واختاره الطبري (3).
بل ذكر الإمام أحمد الإجماع على أنها نزلت في الصلاة (4).
2 -
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فبين لنا سنتنا، وعلمنا صلاتنا، فقال:«أقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا» (5).
(1) أخرجه عنهم الطبري في «تفسيره» الآثار 15585، 15596، 15603، 15606، 15612،15618.
(2)
أخرجه عنه البيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأثر 259.
(3)
في «تفسيره» 13: 352.
(4)
انظر: «مسائل الإمام أحمد» رواية أبي داود ص 31، «المغني» 2: 261، «مجموع فتاوى ابن تيمية» 23: 269، 312، وانظر «الاستذكار» 2: 187، «التمهيد» 11: 28، 29.
(5)
أخرجه مسلم - في الصلاة- باب التشهد في الصلاة- الحديث 404، وأبو داود- في الصلاة- باب التشهد- الحديثان 972، 973ن وقال:«قوله: «فأنصتوا» ليس بمحفوظ فلم يجيئ به إلا سليمان التيمي في هذا الحديث». =
= وأخرجه النسائي في الإمامة- باب مبادرة الإمام- الحديث 800، وابن ماجه في إقامة الصلاة- باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا- الحديث 847، وابن المنذر في «الأوسط» الحديث 1320، والدراقطني 1: 33، وذكر تفرد سليمان التيمي بقوله «وإذا قرأ فأنصتوا» عن أصحاب قتادة الحفاظ، وأخرجه البيهيقي في «القراءة خلف الإمام» الأحاديث 305 - 310 بطرقه ورواياته.
كما ذكر البخاري في جزء القراءة، فقرة 264 نحوًا من قول الدارقطني. وقد صحح هذا الحديث الإمام مسلم- كما سبق، وقال: لمن تكلم في هذا الحديث «يريد أحفظ من سليمان» كما صححه الإمام أحمد فيما ذكر ابن عبد البر فب «الاستذكار» 2: 188، وفي «التمهيد» 11: 34، وابن تيمية في «مجموع الفتاوى» 22: 340، كما صححه إسحاق بن راهويه، فيما ذكر ابن تيمية في الموضع السابق.
وقال ابن تيمية في هذا الموضع «وعلله البخاري بأنه اختلف فيه، وليس ذلك بقادح في صحته. وانظر: «إمام الكلام في القراءة خلف الإمام» ص 170 - 173.
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا» (1).
(1) أخرجه أبو داود في الصلاة- باب الإمام يصلي من قعود- الحديثان 603، 604، وقال:«هذه الزيادة: «إذا قرأ فأنصتوا» ليست بمحفوظة، الوهم عندنا من أبي خالد»، وأخرجه النسائي من طريق أبي خالد، ومن طريق محمد بن سعد الأنصاري- في الافتتاح- باب قوله عز وجل {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الحديثان 882، 883، وابن ماجه في الموضع السابق- الحديث 1319، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» 1" 217، والدارقطني 1: 327، 328، كلهم من طريق أبي خالد، وقال الدارقطني:«تابعه محمد بن سعد، وأخرجه البيهقي في «السنن» 2: 156 - 157، وروى فيها عن يحيى بن معين وأب حاتم أن هذه الزيادة ليست بمحفوظة. كما أخرجه في «القراءة خلف الإمام» الحديث 311، بطرقه وذكر أهل العلم في إسناده ومتنه ص 132 - 135. وأخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» 11: 32 - 33. وقد تكلم البخاري في جزء القرآن الفقرات 265 - 267 بحجة أن أكثر الرواة لم يذكروا هذه الزيادة. وذكر النووي في «شرح مسلم» 4: 122 - 123 ما روى أبو داود وابن معين وأبو حاتم والدارقطني من زكيادة هذه اللفظة، وذكر ذلك- أيضًا- عن أبي علي النيسابوري شيخ الحاكم أبي عبد الله، ثم قال النووي:«واجتماع هؤلاء الحفاظ على تضعيفها مقدم على تصحيح مسلم، لا سيما ولم يروها مسندة في صحيحه» . وقد صححه جمع من أهل العلم، منهم الإمام مسلم صاحب الصحيح، فقد سأله أبو بكر ابن أخت النضر عن حديث أبي هريرة هذا. «وإذا قرأ فأنصتوا» فقال:«هو عندي صحيح فقال له: لم لم تضعه هنا؟ يعني في صحيحه. فقال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ها هنا، إنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه» «صحيح مسلم» 1: 304.
كما صححه الإمام احمد فيما لاذكره ابن عبد البر في «الاستذكار» 2: 188 وفي «التمهيد» 11: 34، والقرطبي في «تفسيره» 1:121.
وصححه ابن حزم في «المحلى» 3: 308، والمنذري في «مختصر سنن أبي داود» 1: 313 قال المنذري ردا على قول أبي داود السابق: «وفيما قاله نظر، فإن أبا خالد هذا هو سليمان بنحيان الأحمر، وهو من الثقات الذين احتج البخاري ومسلم بحديثهم في صحيحهما.
ثم أشار إلى متابعة محمد بن سعد له التي أشار إليها الدارقطني والتي أخرجها النسائي في الموضوع السابق، كما أشار غلى إخراج مسلم لهذه الزيادة من حديث أبي موسى الأشعري من طريق سليمان التيمي عن قتادة
…
قال المنذري: ولم يؤثر عند مسلم تفرد سليمان بذلك لثقته وحفظه، وصحح هذه الزيادة من حدث أبي هريرة وأبي موسى».
وقال الألباني «حسن صحيح» ، وانظر «إرواء الغليل» 2: 120 - 121، «إمام الكلام في القراءة خلف الإمام» ص 170 - 173.
قالوا: فهذه الأدلة الثلاثة - الآية، وحديث أبي موسى، وحديث أبي هريرة فيها وجوب الإنصات والاستماع لقراءة الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة، ولم يخص هذا الأمر بقراءة الفاتحة ولا غيرها (1)، بل إن هذه الأدلة هي المخصصة للأحاديث التي فيها إيجاب قراءة الفاتحة في الصلاة مطلقًا، كحديث عبادة بن الصامت في الصحيحين:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» وغيره (2).
واستدل شيخ الإسلام ابن تيمية (3) على تخصيص عموم أحاديث وجوب قراءة الفاتحة بالآية والحديثين المذكورين بأنه قد خص من عموم تلك الأحاديث أمور، منها: أن من أدرك الإمام راكعا فكبر ودخل معه قلب رفعه من الركوع فقد أدرك الركعة بإجماع أهل العلم (4)، كما جاء في حديث أبي بكرة (5).
(1) انظر: «الاستذكار» 2: 186، «التمهيد» 11: 28 - 30، «أحكام القرآن» لابن العربي 1: 5، «مجموع فتاوى ابن تيمية» 23: 290 - 312.
(2)
انظر: «التمهيد» 11: 31، 34ن «أحكام القرآن» لابن العربي 1:5.
(3)
في «مجموع الفتاوى» 23: 290 - 291، 320.
(4)
راجع ما سبق في نهاية القول الأول، وانظر «الجامع لأحكام القرآن «للقرطبي 1:118.
(5)
حديث أبي بكرة سبق ذكره وتخريجه في ذكر أدلة القول الأول.
وخص منه الصلاة بإمامين، فإن الإمام الثاني يقرأ من حيث انتهى الإمام الأول، ولا يستأنف قراءة الفاتحة، كما في فعله صلى الله عليه وسلم لما صلى بالناس وقد سبقه أبو بكر ببعض الصلاة قرأ من حيث انتهى أبو بكر، ولم يستأنف قراءة الفاتحة، لأنه بنى على صلاة أبي بكر، فإذا سقطت عنه الفاتحة في هذا الموضع فعن المأموم أولى.
وخص منه أيضًا حال العذر كالجهل والسهو، فإذا ترك المأموم قراءة الفاتحة خلف إمامه في السرية جهلًا أو سهوًا سقطت عنه، وتحلمها الإمام.
فإذا خص من ذلك حال المسبوق، والصلاة بإمامين، وحال العذر بالجهل، أو السهو فكذلك خص منه حال استماع المأموم لقراءة إمامه، لأن هذا عذر. فلا يقرأ في حال جهر إمامه بل يستمع، أما أمر المأموم بالإنصات فلم يخص منه شيء، ولا بنص خاص ولا إجماع، وإذا تعارض عمومان أحدهما محفوظ والآخر مخصوص وجب تقديم المحفوظ.
قال ابن تيمية (1): «ولو كانت قراءة الفاتحة فرضًا على المأموم مطلقا لم تسقط بسبق ولا جهل، كما أن الأعرابي المسيء في صلاته قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ارجع فصل فإنك لم تصل» وأمر الذي صلى خلف الصف وحده أن يعيد الصلاة».
(1) في «مجموع الفتاوى» 23: 320.
كما استدلوا - أيضًا -.
4 -
بما رواه ابن شهاب الزهري عن ابن أكيمة الليثي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال:«هل قرأ معي أحد منكم آنفا؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله. قال: إني أقول مالي أنازع القرآن» . فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة من الصلوات حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم» (1).
(1) أخرجه أبو داود في الصلاة- باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام- الحديثان 826، 827، وقال:«سمعت محمد بن يحيى ين فارس قال: «قوله» فانتهى الناس
…
» من كلام الزهري»، وأخرجه النسائي في الافتتاح - باب ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة- الحديث 312 وقال:«وروى بعض أصحاب الزهري هذا الحديث، وذكروا هذا الحرف قال: قال الزهري: «فانتهى الناس عن القراءة» ، وأخرجه ابن ماجه في إقامة الصلاة- باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا- الحديثان 848، 849، ومالك في «الموطأ» الحديث 190، وعبد الرزاق - الحديثان 2795، 2796، وابن أبي شيبة 1: 375، والبخاري في جزء القراءة- الأحاديث 95 - 98، 362، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأحاديث 317 - 321، وابن عبد البر في «التمهيد» 11: 24 - 27، والحازمي في» الاعتبار» ص 100، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» 2: 100: «رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح» .
وقد ذكر البيهقي في «القراءة خلف الإمام» ص 140 - 142، وابن عبد البر في «التمهيد» 11: 25 - 26 قول بعض أهل العلم إن قوله «فانتهى الناس
…
» وما بعده من كلام الزهري.=
= قلت: والحديث تكلم فيه بعض أهل العلم كالحميدي وابن خزيمة فيم ذكر البيهقي في «القراءة خلف الإمام» ص 139 - 144 لأجل كلمة ابن أكيمة، وأنه مجهول. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى 23: 275، 317 - 319 رد أهل العلم على من ضعفه بجهالة ابن أكيمة الليثي. كما صححه الألباني، وقال في «صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم» ص 56 «صححه أبو حاتم الرازي وابن حبان وابن القيم» .
قالوا: فقوله صلى الله عليه وسلم: «مالي أنازع القرآن» إنكار على من يقرأ حال جهر الإمام، سواء بأم القرآن أو غيرها (1).
وقالوا - أيضًا - قوله في الحديث: «فانتهى الناس عن القراءة مع النبي صلى الله عليه وسلم فيها جهر فيه
…
إلى آخره. هذا من كلام الزهري كما ذكر أهل العلم. والزهري من أعلم أهل زمانه وقد قطع بأن الصحابة لم يكونوا يقرؤون خلف النبي صلى الله عليه وسلم في حال الجهر. وهذا من الأحكام العامة، التي لا تخفى ويعرفها عامة الصحابة والتابعين لهم بإحسان» (2).
5 -
وعن عبد الله بن شداد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» وروي مسنداً عن جابر بن عبد الله (3).
(1) انظر: «التمهيد» 11: 27، 53، «المغني» 2: 259، 262.
(2)
انظر: «التمهيد» 11: 23، «الاستذكار» 2: 185، «مجموع الفتاوى» 23: 274، 317.
(3)
أخرجه عبد الرزاق في الصلاة- القراءة خلف الإمام- مرسلًا عن عبد الله بن شداد الحديث 2797، وابن أبي شيبة 1: 376 - 377 مرسلا ومسندا عن جابر، وكذا الدارقطني 1: 323 - 331، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» 1: 217، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأحاديث 334، 352، وأخرجه مسندًا فقط ابن ماجه في إقامة الصلاة- باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا- الحديث 850. وقال في «الزوائد» في إسناده جابر الجعفي كذاب، والحديث مخالف لما رواه الستة من حديث عبادة». وأخرجه أيضًا مسندًا الإمام أحمد 3: 339.
وقد ضعف أهل العلم هذا الحديث مسندًا من رواية جابر بن عبد الله، وصوب أكثرهم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقفه على عبد الله بن شداد.
قال البخاري في جزء القراءة خلف الإمام الفقرة 22: «هذا خبر لم يثبت عند أهل العلم من أهل الحجاز، وأهل العراق وغيرهم، لإرساله، وانقطاعه، رواه ابن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم» . وقال ابن المنذر في «الأوسط» 3: 102: «لا يثبت» .
وقد استوعب الدارقطني طرقه مسندًا ومرسلًا، ثم قال عن المرسل:«وهو الصواب» . وقال ابن عبد البر في «التمهيد» 11: 48: «وهذا حديث رواه جابر الجعفي عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وجابر الجعفي ضعيف الحديث مذموم المذهب لا يحتج بمثله» ، وبعد ان ذكر روايات الحفاظ له مرسلًا عن عبد الله بن شداد قال:«وهو الصحيح فيه الإرسال، وليس مما يحتج به» .
وقال المجد بن تيمية في «المنتقى» 901: «وقد روي مسندًا من طرق كلها ضعاف، والصحيح انه مرسل» .
وقال القرطبي في «تفسيره» 1: 122: «حديث ضعيف» وصوب وقفه على جابر.
وقال الحافظ بن كثير في «تفسيره» 1: 28: «في إسناده ضعف، ورواه مالك عن وهب بن كيسان عن جابر من كلامه، وقد وري هذا الحديث من طرق، ولا يصح شيء منها عن النبي صلى الله عليه وسلم» وقال الحافظ ابن حجر: في «الفتح» 2: 242: «ضعيف عند الحفاظ» ، وقال في «تلخيص الحبير» 1: 232: «إنه مشهور من حديث جابر، وله طرق عن جماعة من الصحابة كلها معلولة» . وقال الشوكاني في «نيل الأوطار» 2: 241 «ضعيف لا يحتج به» . وقال احمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي 2: 126: «ليس إسناده مما يحتج به أهل العلم بالحديث» .
وممن قوى هذا المرسل ابن تيمية حيث قال في «مجموع الفتاوى» 23: 271 - 272: «وهذا المرسل قد عضده ظاهر القرآن والسنة .... ، ومرسله من أكبر التابعين، ومثل هذا المرسل يحتج به باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم» . وقال ص 325: «فأما الموقوف على جابر فثابت بلا نزاع، وكذلك المرسل ثابت بلا نزاع من رواية الأئمة عن عبد الله بن شداد» .
كما قواه الزيلعي في «نصب الراية» 2: 7 «فقال بعد ما ذكر تضعيف جابر الجعفي: «ولكن له طرق أخرى، وهي وإن كانت مدخولة، ولكن يشد يعضها بعضًا» ونحوًا من هذا قال الألباني في «الإرواء» 1: 268 - بعد أن ذكر طرق هذا الحديث وكلام أهل العلم عليه قال: «ويتلخص مما سبق أنه لا يصح شيء من هذه الطرق إلا طريق عبد الله =
قالوا: فهذا الحديث يدل على أن المأموم لا يقرأ خلف إمامه، لا الفاتحة ولا غيرها، إذا جهر إمامه في القراءة، لأن قراءة الإمام في هذه الحال قراءة لمن خلفه. ولهذا أمر المأموم بالإنصات لقراءة الإمام (1) - كما في الآية والأحاديث السابقة.
6 -
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر، فجعل رجل يقرأ خلفه بسبح اسم ربك الأعلى، فلما انصرف قال: أيكم قرأ، أو أيكم القارئ؟ فقال رجل: أنا، فقال: قد ظننت أن بعضكم خالجنيها» (2). قال أبو داود: قال الوليد في حديثه:
= بن شداد، ثم ذكر أن له شواهد من حديث عبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود وأابي هريرة وابن عباس، وأنه جاء مرسلًا عن أبي الدرداء وعلي والشعبي، وقد اعتبره الألباني بمجموع هذه الطرق كلها- وإن كانت لا تخلو من ضعف بأنه «حديث حسن» قال: لأن الطرق بمجموعها تشهد أن للحديث أصلًا قال: لأن مرسل الحديث ابن شداد صحيح الإسناد بلا خوف، والمرسل إذا رُوي موصولًا من طريق أخرى اشتد عضده، وصلح للاحتجاج به، كما هو مقرر في مصطلح الحديث، فكيف وهذا المرسل قد روي من طرق كثيرة كما رأيت».
وقال اللكنوي في «إمام الكلام» ص 217: «والحاصل أن طرق الحديث الذي نحن فيه بعضها صحيح، أو حسن، وبعضها ضعيف ينجبر ضعفه بغيرها من الطرق الكثيرة. فالقول بانه حديث غير ثابت أو غير محتج به، ونحو ذلك غير معتد به» .
وانظر في ذكر طرق هذا الحديث وشواهده وكلام أهل العلم في تضعيفها: «القراءة خلف الإمام» للبيهقي ص 178 وما بعدها، «نصب الراية» 2: 6 - 14، «تنقيح التحقيق» 3: 842 وما بعدها، «الدراية في تخريج أحاديث الهداية» 1: 162 - 164، «إمام الكلام في القراءة خلف الإمام» ص 199 - 217.
(1)
انظر «مجموع الفتاوى» 23: 271، «صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم» للألباني ص 56.
(2)
خالجنيها: أي نازعنيها. وهذا الحديث اخرجه مسلم- في الصلاة- باب نهي المأموم عن جهره بالقراءة خلف إمامه الحديث 398، وأبو داود في الصلاة- باب من رأى القراءة إذا لم يجهر الإمام بقراءته- الحديثان 879 - 880، والدراقطني 1: 326، 405، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» الأحاديث 360 - 364.
قال شعبة قلت لقتادة: كأنه كره فقال: لو كرهه لنهى عنه.
قالوا: فهذا الرجل قرأ خلف النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينهه ولا غيره فدل على أن المأموم يقرأ خلف الإمام في الصلاة السرية (1). وإن احتمل الحديث معنى النهي فإنما هو نهي للمأموم عن الجهر بالقراءة خلف إمامه كما بوب له مسلم رحمه الله.
7 -
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «كانوا يقرؤون خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خلطتم علي القرآن» (2).
قالوا: فهذا يدل على أنهم كانوا يقرؤون خلف النبي صلى الله عليه وسلم جهرًا فيخلطون عليه القرآن، إذ لو قرؤوا سرًا ما خلطوا عليه قراءته، وما كره ذلك منهم» (3).
وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (4) بعد إخراجه للحديث: «أي في حال الجهر» . أي أنهم يقرؤون حال جهر الإمام فيخلطون عليه قراءته.
8 -
ما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادي: «لا
(1) انظر: «مجموع الفتاوى» 23: 283.
(2)
أخرجه أحمد 1: 451 قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» 2: 11 «ورجاله رجال الصحيح» وأخرجه ابن أبي شيبة 1: 376، والبخاري في جزء القراءة الحديث 254، والبيهقي في «القراءة خلف الإمام الأحاديث 356، 367 - 370، وابن عبد البر في «التمهيد» 11: 32.
(3)
انظر: «مجموع الفتاوى» 23: 284، 322، «صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم» للألباني ص 56 - 57.
(4)
11: 32.
صلاة إلا بفاتحة الكتاب فما زاد» (1)
9 -
ما رواه أبو سعيد قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر» (2).
قالوا: فقوله في الحديث «فما زاد» ، «وما تيسر» يدل على عدم وجوب قراءة الفاتحة حال جهر الإمام لأن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز أن يقرأ بغيرها حال جهر الإمام بل ينصت» (3).
10 -
كما استدلوا بالآثار الكثيرة عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم في النهي عن القراءة خلف الإمام في الصلاة الجهرية والأمر بالقراءة خلفه في الصلاة السرية (4).
11 -
وقالوا: أجمع أهل العلم على أنه لم يقل أحد إن المأموم إذا لم يقرأ خلف إمامه فصلاته باطلة، وبخاصة إذا جهر الإمام بالقراءة (5).
12 -
وقالوا: إن الاستماع لقراءة الإمام من المتابعة للإمام المأمور بها، ومن لم ينصت لقراءة الإمام لم يكن قد ائتم به (6) والمستمع لقراءة الإمام كالقارئ (7).
(1) سبق تخريجهما في المبحث الثاني من الفصل الأول من هذا الباب. وقد صححهما الألباني.
(2)
سبق تخريجهما في المبحث الثاني من الفصل الأول من هذا الباب. وقد صححهما الألباني.
(3)
انظر: «مجموع الفتاوى» 23: 288 - 289، 294، 312، 313.
(4)
انظر: المصدر السابق 23: 306 - 307، وانظر تخريج ما روي عن السلف في هذا في مقدمة هذا القول.
(5)
انظر: «المغني» 2: 262.
(6)
«مجموع الفتاوى» 22: 271 - 273، 279، 291، 295.
(7)
انظر: «مجموع الفتاوى» 23: 312.
13 -
وقالوا - أيضًا -: إذا لم ينصت المأموم لقراءة إمامه فما الفائدة من جهر الإمام بالقراءة إذا كان المأموم مشغولًا بالقراءة لنفسه (1).
وقال ابن تيمية (2): «لو كانت القراءة في الجهر واجبة على المأموم للزم أحد أمرين إما أن يقرأ مع الإمام، وإما أن يجب على الإمام أن يسكت له حتى يقرأ، ولم نعلم نزاعًا بين العلماء أنه لا يجب على الإمام أن يسكت لقراءة المأموم الفاتحة ولا غيرها، وقراءته معه منهي عنها بالكتاب والسنة فثبت أنه لا تجب عليه القراءة معه في حال الجهر
…
».
ثم ذكر أنها لو كانت قراءة المأموم حال جهر الإمام مستحبة لاستحب للإمام أن يسكت لقراءة المأموم، وجماهير العلماء على أنه لا يستحب للإمام أن يسكت ليقرأ المأموم.
وقال أيضًا (3): «وقد ثبت بالكتاب والسنة وبالإجماع أن إنصات المأموم لقراءة إمامه يتضمن معنى القراءة معه وزيادة» .
ولأنه قد ثبت الأمر بالإنصات لقراءة القرآن، ولا يمكن الجمع بين الإنصات والقراءة، ولولا أن الإنصات يحصل به مقصود القراءة وزيادة لم يأمر الله بترك الأفضل لأجل المفضول».
(1) انظر: «التمهيد» 11: 38.
(2)
في «مجموع الفتاوى» 23: 276 - 277، وانظر 295، 316.
(3)
23: 290.