الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سادسًا: مستوى المثل الأعلى، وقيم المعلمين والمتعلمين
تتوازى قيم المعلمين والمتعلمين مع المستوى الذي ينتهي عنده المثل الأعلى. فإذا كان -المثل الأعلى- المطروح أو المعروض من النوع الشامل الذي ينتهي عند المستوى الأعلى: مستوى رقي النوع البشري، فإن المعلمين والمتعلمين يتصفون بالعمل الجاد، والنمو المستمر والتوسع في الدراسة ومتابعة البحث في كل ما يتعلق بجوانب المعرفة، ولا تكون مقررات الدراسة إلا دليلا من خلاله أبواب التعلم المستمر، والمعرفة الراسخة المحيطة.
أما على المستوى الاجتماعي، فإن المجتمع الذي يهيمن عليه مثل أعلى ينتهي عند مستواه الثالث -أي المستوى الأعلى- فإنه تسود فيه روح التكافل الاجتماعي الواسع، والاهتمام بإشاعة المثل الأعلى بين الآخرين والاستعداد للقيام بتكاليف هذا كله. كذلك تسوده روح البحث العلمي والنظر الكوني لابتكار الوسائل، والأدوات التي تهيئ لانتشار المثل الأعلى ونجاحه في واقع الحياة. ويكون انتماء الأفراد لعالم الأفكار، ويدور محور الولاءات حولها وعليها تقوم صلاتهم، وتبني معاملاتهم.
وإذا كان المثل الأعلى ينتهي عند المستوى الأوسط الذي يستهدف المحافظة على النوع البشري، وبقائه فإن محور الاهتمامات يتركز حول الوسائل دون الغايات، أي يجري التركيز على الميادين العلمية، والصناعية دون البحث في غايات الحياة ومقاصدها العليا، فتحتل العلوم الطبيعية
والصناعية المكانة الأولى، وتتراجع علوم الإنسان إلى المكانة الأدنى، ويكون انتماء المعلمين والمتعلمين للمهنة أكثر من انتمائهم للفكرة والقيم.
أما على المستوى الاجتماعي، فيكون محور الولاء عندهم للمصالح الطبقية والعصبيات القومية، وعليها تدور اهتماماتهم وتقام علاقاتهم.
أما إذا وقف المثل الأعلى عند المستوى الأدنى، الذي يقتصر على تلبية حاجات الجسد البشري، فإن قيم المعلمين والمتعلمين تتركز حول حاجات الحسية الآنية، فتكون لدى المعلم الحصول على دخل مادي مناسب، ووظيفة مناسبة يوفران الرفاهية أدواتها. وعند المتعلمين تقف فيمهم التربوية عند الحصول على العلامة العالية، والدرجة العلمية الموصلة لأهداف الرفاهية المادية، والمكانة الاجتماعية،
ويكتفون بالكتب المقررة، ويحاورون في حذف الفصول عند الامتحانات،
ويلقون بالكتب بعيدًا بعد النجاح والتخرج، ويتوقفون عن البحث والدرس.
أما على المستوى الاجتماعي فتدور محاور الولاء حول المصالح الأنانية، وتتقر انتماءات الأفراد، وعلاقاتهم حسب مواطن شهواتهم، فيرحلون إلى حيث ترحل وينزلون حيث تنزل.