الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْرْضِ الْمُكْتَرَاةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْجَوَائِحِ أَنَّ سَائِرَ الْجَوَائِحِ لَا تَنْفَكُّ الثَّمَرَةُ مِنْ يَسِيرِهَا، وَهَذِهِ تَنْفَكُّ الثَّمَرَةُ مِنْ يَسِيرِهَا، فَالْمُشْتَرِي دَاخِلٌ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهَا، وَلَمْ يَدْخُل عَلَى سَلَامَتِهَا مِنْ يَسِيرِ الْعَفَنِ وَالأَْكْل، وَأَمَّا الْجَائِحَةُ بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ فَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْعَفَنِ فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ سَائِرِ الْعَفَنِ يَضَعُ كَثِيرَهُ دُونَ قَلِيلِهِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ الْجَائِحَةُ الَّتِي تَكُونُ مِنَ الآْدَمِيِّينَ كَالسَّرِقَةِ، فَفِيهَا الْخِلَافُ، فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ جَائِحَةً، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى أَنَسٌ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ (1) وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ جَائِحَةً لِدُخُولِهِ فِي حَدِّ الْجَائِحَةِ عِنْدَهُمْ (2) .
مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْجَائِحَةِ مِنْ آثَارٍ:
أ -
أَثَرُ الْجَائِحَةِ فِي الزَّكَاةِ:
5 -
جَاءَ فِي الْمُغْنِي: إِذَا خُرِصَ التَّمْرُ وَتُرِكَ فِي رُءُوسِ النَّخْل فَعَلَيْهِمْ حِفْظُهُ، فَإِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَذَهَبَتِ الثَّمَرَةُ سَقَطَ عَنْهُمُ الْخَرْصُ، وَلَمْ يُؤْخَذُوا بِهِ، وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. قَال ابْنُ
(1) حديث: " إذا منع الله الثمرة ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 398 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1190 - ط الحلبي) من حديث أنس، واللفظ للبخاري.
(2)
المنتقى 4 / 233 ط الأولى، والمهذب 1 / 287 - 288 ط الحلبي، ونيل الأوطار 5 / 281 ط الجيل.
الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْخَارِصَ إِذَا خَرَصَ الثَّمَرَةَ ثُمَّ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَالِكِ إِذَا كَانَ قَبْل الْجِذَاذِ؛ وَلأَِنَّهُ قَبْل الْجِذَاذِ فِي حُكْمِ مَا لَا تَثْبُتُ الْيَدُ عَلَيْهِ، بِدَلِيل أَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى ثَمَرَةً فَتَلِفَتْ بِجَائِحَةٍ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْبَائِعِ (1) .
ثُمَّ ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُمُ الَّذِينَ يُعَبِّرُونَ عَنِ الْجَائِحَةِ بِالآْفَةِ أَوِ التَّلَفِ أَوِ الْهَلَاكِ عَدَدًا مِنَ الصُّوَرِ فِي هَلَاكِ الْمَال الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَهَلَاكِ النِّصَابِ، أَوْ بَعْضِهِ، وَهَلَاكِ سَائِمَةِ الْبَدَل بَعْدَ الْحَوْل، وَهَلَاكِ الْعَفْوِ، وَبَقَاءِ النِّصَابِ، وَهَلَاكِ الْبَدَل إِنِ اسْتَبْدَلَهُ بَعْدَ الْحَوْل. وَاشْتَرَطُوا فِي الْمَال الَّذِي تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِهَلَاكِهِ أَنْ يَحُول عَلَيْهِ الْحَوْل فَيَهْلَكَ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ أَوِ اسْتِهْلَاكٍ قَبْل أَدَاءِ الزَّكَاةِ؛ لأَِنَّ الْوَاجِبَ عِنْدَهُمْ جُزْءٌ مِنَ النِّصَابِ تَحْقِيقًا لِلتَّيْسِيرِ فَيَسْقُطُ بِهَلَاكِ مَحَلِّهِ.
وَهَذَا هُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لأَِنَّهُ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْمَال يَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ، فَتَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ كَحَقِّ الْمُضَارِبِ.
وَعَلَى هَذَا فَإِذَا أَصَابَتِ الثِّمَارَ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ بَعْدَ الْخَرْصِ، أَوْ سُرِقَتْ مِنَ الشَّجَرَةِ أَوِ الْجَرِينِ، فَإِنْ تَلِفَتْ كُلُّهَا بِغَيْرِ تَعَدٍّ أَوْ تَقْصِيرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَالِكِ بِاتِّفَاقِ الشَّافِعِيَّةِ لِفَوَاتِ الإِْمْكَانِ. فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي نِصَابًا زَكَّاهُ، وَعَلَى الْقَدِيمِ لَا يَسْقُطُ
(1) المغني 2 / 703.