الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَجَابُوكَ فَاقْبَل مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ (1) } .
وَفِي كِتَابِ (الْبَيَانِ) وَغَيْرِهِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إِلَاّ إِذَا رَأَى الإِْمَامُ فِيهَا مَصْلَحَةً كَمَا فِي الْهُدْنَةِ (2) .
رُكْنَا عَقْدِ الذِّمَّةِ:
22 -
وَرُكْنَا عَقْدِ الذِّمَّةِ: إِيجَابٌ وَقَبُولٌ: إِيجَابٌ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ، وَصِيغَتُهُ إِمَّا لَفْظٌ صَرِيحٌ يَدُل عَلَيْهِ مِثْل لَفْظِ الْعَهْدِ وَالْعَقْدِ عَلَى أُسُسٍ مُعَيَّنَةٍ، وَإِمَّا فِعْلٌ يَدُل عَلَى قَبُول الْجِزْيَةِ، كَأَنْ يَدْخُل حَرْبِيٌّ دَارَ الإِْسْلَامِ بِأَمَانٍ وَيَمْكُثَ فِيهَا سَنَةً، فَيُطْلَبُ مِنْهُ إِمَّا أَنْ يَخْرُجَ أَوْ يُصْبِحَ ذِمِّيًّا.
وَأَمَّا الْقَبُول فَيَكُونُ مِنْ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ، وَلِذَا لَوْ قَبِل عَقْدَ الذِّمَّةِ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِْمَامِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ عَقْدِ الأَْمَانِ لَا عَقْدِ الذِّمَّةِ، فَيُمْنَعُ ذَلِكَ الْمُسْتَأْمَنُ مِنَ الْقَتْل وَالأَْسْرِ (3) .
23 -
وَيُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ التَّأْبِيدُ: فَإِنْ وُقِّتَ الصُّلْحُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لأَِنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ بِالنِّسْبَةِ
(1) حديث: " فادعهم إلى أداء الجزية فإن. . . . " سبق تخريجه بهذا المعنى ف / 10.
(2)
الروضة 10 / 297، وكشاف القناع 3 / 116، والمغني 8 / 504.
(3)
تبيين الحقائق 2 / 276، والقوانين الفقهية ص 175، حاشية الخرشي 3 / 143، وروضة الطالبين 10 / 297، وكشاف القناع 3 / 116، والمغني 8 / 505.
لِعِصْمَةِ الإِْنْسَانِ فِي مَالِهِ وَنَفْسِهِ بَدِيلٌ عَنِ الإِْسْلَامِ، وَالإِْسْلَامُ مُؤَبَّدٌ، فَكَذَا بَدِيلُهُ، وَهُوَ عَقْدُ الذِّمَّةِ. وَهَذَا شَرْطٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1) .
وَعَقْدُ الذِّمَّةِ عَقْدٌ مُؤَبَّدٌ لَا يَمْلِكُ الْمُسْلِمُونَ نَقْضَهُ مَا دَامَ الطَّرَفُ الآْخَرُ مُلْتَزِمًا بِهِ، وَيَنْتَقِضُ مِنْ قِبَل أَهْل الذِّمَّةِ بِأُمُورٍ اخْتُلِفَ فِيهَا، وَلَا يَنْتَقِضُ الْعَهْدُ بِغَيْرِ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْتِزَامَ الْجِزْيَةِ بَاقٍ، وَيَسْتَطِيعُ الْحَاكِمُ أَنْ يَجْبُرَهُ عَلَى أَدَائِهَا، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْمُخَالَفَاتِ فَهِيَ مَعَاصٍ ارْتَكَبُوهَا، وَهِيَ دُونَ الْكُفْرِ، وَقَدْ أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَيْهِ، فَمَا دُونَهُ أَوْلَى (2) .
فَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْعَقْدَ يَنْتَقِضُ بِالاِمْتِنَاعِ عَنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، أَوْ بِالاِجْتِمَاعِ عَلَى قِتَال الْمُسْلِمِينَ، أَوْ بِالاِمْتِنَاعِ عَنْ جَرَيَانِ أَحْكَامِ الإِْسْلَامِ عَلَيْهِمْ، أَوْ سَبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ قَتْل مُسْلِمٍ أَوِ الزِّنَا بِمُسْلِمَةٍ، أَوْ بِإِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْمُسْلِمِينَ، وَإِطْلَاعِ أَهْل الْحَرْبِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لأَِنَّ ارْتِكَابَ هَذِهِ الأُْمُورِ يُخَالِفُ مُقْتَضَى عَقْدِ الذِّمَّةِ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الْعَقْدَ يَنْتَقِضُ بِقِتَالِهِمْ لَنَا
(1) بدائع الصنائع 9 / 4330، وجواهر الإكليل 1 / 269، الزرقاني على مختصر خليل 2 / 146، وروضة الطالبين 10 / 297، ومغني المحتاج 4 / 243، كشاف القناع 3 / 116.
(2)
بدائع الصنائع 9 / 4334، وفتح القدير 5 / 302 - 303، وتبيين الحقائق 3 / 281 - 282.