الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تَسْقُطُ عَنِ الذِّمِّيِّ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْحَوْل، أَمَّا إِذَا أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْل، فَتَسْقُطُ عَنْهُ الْجِزْيَةُ وَلَا يُطَالَبُ بِقِسْطِ مَا مَضَى مِنَ السَّنَةِ وَهَذَا قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ: وَهُوَ أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ بِقِسْطِ مَا مَضَى مِنَ السَّنَةِ كَالأُْجْرَةِ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِمَا يَلِي:
1 -
أَنَّ الْجِزْيَةَ عِوَضٌ عَنْ حَقْنِ الدَّمِ، وَقَدْ وَصَل إِلَى الذِّمِّيِّ الْمُعَوَّضُ وَهُوَ حَقْنُ الدَّمِ، فَصَارَ الْعِوَضُ وَهُوَ الْجِزْيَةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالإِْسْلَامِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ.
2 -
أَنَّ الْجِزْيَةَ عِوَضٌ عَنْ سُكْنَى الدَّارِ، وَقَدِ اسْتَوْفَى الذِّمِّيُّ مَنَافِعَ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، فَلَا تَسْقُطُ الأُْجْرَةُ بِإِسْلَامِ الذِّمِّيِّ.
3 -
وَلأَِنَّ الْجِزْيَةَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَجِبُ بِالْعَقْدِ وُجُوبًا غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ، وَتَسْتَقِرُّ بِانْقِضَاءِ الزَّمَنِ كَالأُْجْرَةِ، فَكُلَّمَا مَضَتْ مُدَّةٌ مِنَ الْحَوْل اسْتَقَرَّ قِسْطُهَا مِنْ جِزْيَةِ الْحَوْل. (2)
(1) حاشية قليوبي 4 / 232، والأم 4 / 286، والمهذب مع المجموع 18 / 219، رحمة الأمة 2 / 181، ونهاية المحتاج 8 / 88، ومغني المحتاج 4 / 249، والأحكام السلطانية للماوردي ص 145، والخراج لأبي يوسف ص 122، وأحكام القرآن للجصاص 3 / 100، واختلاف الفقهاء للطبري ص 212.
(2)
العناية شرح الهداية على هامش فتح القدير 5 / 295، ونهاية المحتاج للرملي 8 / 87.
الثَّانِي: الْمَوْتُ:
72 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سُقُوطِ الْجِزْيَةِ بِالْمَوْتِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَحَصَل الْمَوْتُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْل أَمْ بَعْدَ انْتِهَائِهِ (1) . وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ:
بِأَنَّ الْجِزْيَةَ وَجَبَتْ عُقُوبَةً عَلَى الْكُفْرِ، فَتَسْقُطُ بِالْمَوْتِ كَالْحُدُودِ.
وَلأَِنَّ الْجِزْيَةَ وَجَبَتْ وَسِيلَةً إِلَى الإِْسْلَامِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْمَوْتِ (2) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ إِذَا حَصَل بَعْدَ انْتِهَاءِ الْحَوْل. بَل تُؤْخَذُ مِنَ التَّرِكَةِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ. أَمَّا إِذَا حَصَل فِي أَثْنَاءِ الْحَوْل، فَلَا تَسْقُطُ بِهِ أَيْضًا فِي الْقَوْل الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ بِقِسْطِ مَا مَضَى مِنَ الْحَوْل. وَتَسْقُطُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي قَوْلٍ آخَرَ لأَِنَّهَا لَا تَجِبُ وَلَا تُؤْخَذُ قَبْل كَمَال حَوْلِهَا (3) وَاسْتَدَلُّوا لِعَدَمِ سُقُوطِهَا بِالْمَوْتِ بِالأَْدِلَّةِ الآْتِيَةِ:
(1) تبيين الحقائق 3 / 278، والهداية 2 / 161، وفتح القدير 5 / 295، والبدائع 9 / 4332، والخراج لأبي يوسف ص 123، وحاشية الدسوقي 2 / 202، والمنتقى للباجي 2 / 176، ومنح الجليل 1 / 759.
(2)
البدائع للكاساني 9 / 4332، والاختيار 4 / 138، والمنتقى للباجي 2 / 176.
(3)
روضة الطالبين 10 / 312، والأحكام السلطانية للماوردي ص 145، ومغني المحتاج 4 / 249، وحاشية القليوبي 4 / 232، ورحمة الأمة 2 / 181، والميزان للشعراني 2 / 185، والمغني 8 / 11، والمبدع 3 / 412، وكشاف القناع 3 / 123، والإنصاف 4 / 228، والمذهب الأحمد لابن الجوزي ص 210.