الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنَّ فُلَانًا قَدْ أَتَى بِإِبَاقٍ مِنَ الْقَوْمِ فَقَال الْحَاضِرُونَ: لَقَدْ أَصَابَ أَجْرًا، فَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَجُعْلاً، إِنْ شَاءَ مِنْ كُل رَأْسٍ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. وَلَا فَرْقَ أَنْ يَزِيدَ الْجُعْل الْمُقَدَّرُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ لَا يَزِيدُ، لِعُمُومِ الدَّلِيل، وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْجَاعِل قَدِ اشْتَرَطَهُ لَهُ. كَمَا لَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ كَوْنِ مَنْ رَدَّهُ مَعْرُوفًا بِرَدِّ الإِْبَاقِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الرَّادُّ زَوْجًا لِلرَّقِيقِ الآْبِقِ، أَوْ ذَا رَحِمٍ يَعُولُهُ الْمَالِكُ أَمْ لَا (1) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِبَاقٌ) .
مَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَامِل فِي حَالَةِ فَسَادِ الْجُعْل:
57 -
قَال الشَّافِعِيَّةُ: يَكُونُ لِلْعَامِل الْجَاهِل - بِأَنَّ الْجُعْل الْفَاسِدَ لَا شَيْءَ فِيهِ - أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْجُعْل الْفَاسِدُ مِمَّا يُقْصَدُ وَيُرْغَبُ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا لَوْ قَال الْجَاعِل: مَنْ رَدَّ ضَالَّتِي فَلَهُ ثَوْبٌ، أَوْ دَابَّةٌ، أَوْ أُرْضِيهِ، أَوْ أُعْطِيهِ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا، فَإِنَّهُ يَكُونُ لِرَادِّهَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا لِجَهَالَةِ الْجُعْل، أَوْ عَدَمِ مَالِيَّتِهِ، أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَكَذَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْل عَلَى الرَّاجِحِ لَوْ قَال الْجَاعِل: مَنْ رَدَّهَا فَلَهُ نِصْفُهَا مَثَلاً، وَقِيل: يَسْتَحِقُّ الْعَامِل النِّصْفَ الْمَشْرُوطَ لَهُ إِنْ كَانَتِ الضَّالَّةُ مَعْلُومَةً.
وَيُرَاعَى فِي تَقْدِيرِ أُجْرَةِ الْمِثْل الزَّمَانُ الَّذِي
(1) كشاف القناع 4 / 203.
حَصَل فِيهِ كُل الْعَمَل، لَا الزَّمَانُ الَّذِي حَصَل فِيهِ التَّسْلِيمُ فَقَطْ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْجُعْل الْمَشْرُوطُ فِي الْعَقْدِ لَا يُقْصَدُ التَّعَاقُدُ عَلَيْهِ، وَلَا يُرْغَبُ فِيهِ عَادَةً كَالدَّمِ وَالتُّرَابِ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْعَامِل وَإِنْ جَهِل أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ؛ لأَِنَّ الْجَاعِل لَمْ يُطْمِعْهُ فِي شَيْءٍ عِوَضًا عَنْ عَمَلِهِ.
وَبِمِثْل هَذَا قَال الْحَنَابِلَةُ فِي غَيْرِ رَدِّ الْعَبْدِ الآْبِقِ عَلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ.
58 -
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَكُونُ لِلْعَامِل جُعْل مِثْلِهِ - عَلَى الرَّاجِحِ - إِنْ أَتَمَّ الْعَمَل الْمُتَعَاقَدَ عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ إِنْ لَمْ يُتِمُّهُ؛ لأَِنَّ الْجُعْل أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ، فَيُرَدُّ الْفَاسِدُ مِنْهُ إِلَى صَحِيحِهِ، إِلَاّ أَنْ تَقَعَ الْجِعَالَةُ الْفَاسِدَةُ بِجُعْلٍ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَتَمَّ الْعَمَل أَمْ لَمْ يُتِمُّهُ، كَأَنْ يَقُول الْجَاعِل: إِنْ أَتَيْتَنِي بِضَالَّتِي فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِهَا فَلَكَ كَذَا، فَلِلْعَامِل فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، أَتَى بِهَا، أَوْ لَمْ يَأْتِ بِهَا؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ خَرَجَ عَنْ حَقِيقَةِ الْجِعَالَةِ الَّتِي يُشْتَرَطُ الْجُعْل فِيهَا بِتَمَامِ الْعَمَل، وَمَتَى خَرَجَ عَنْ حَقِيقَتِهِ كَانَ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْل. وَالْفَرْقُ بَيْنَ جُعْل الْمِثْل وَأُجْرَةِ الْمِثْل، أَنَّ أُجْرَةَ الْمِثْل يَسْتَحِقُّهَا الْعَامِل سَوَاءٌ أَتَمَّ الْعَمَل أَمْ لَا.