الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعُرْفُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ وَالْعِوَضُ الثَّانِي شَيْئًا مِنَ الْمُثَمَّنَاتِ، عَرَضًا أَوْ نَحْوَهُ، أَنَّ الثَّمَنَ هُوَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَمَا عَدَاهُمَا مُثَمَّنَاتٌ. (1)
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الثَّمَنَ يَتَمَيَّزُ عَنِ الْمُثَمَّنِ بِبَاءِ الْبَدَلِيَّةِ، وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ نَقْدٌ.
فَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبَاءُ فَهُوَ ثَمَنٌ، فَدِينَارٌ بِثَوْبٍ: الثَّمَنُ الثَّوْبُ، لِدُخُول الْبَاءِ عَلَيْهِ. (2)
تَعَيُّنُ الثَّمَنِ بِالتَّعْيِينِ:
9 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعَيُّنِ الأَْثْمَانِ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
إِنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، فَإِذَا اشْتَرَى بِهَذَا الدِّرْهَمِ فَلَهُ دَفْعُ دِرْهَمٍ غَيْرِهِ.
وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ - إِلَاّ زُفَرَ - وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ إِلَاّ إِنْ كَانَ الْعَاقِدُ مِنْ ذَوِي الشُّبُهَاتِ.
وَلِلْحَنَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِي تَعَيُّنِ الأَْثْمَانِ.
فَالأَْثْمَانُ النَّقْدِيَّةُ الرَّائِجَةُ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ.
أَمَّا فِي غَيْرِ الْمُعَاوَضَاتِ كَالأَْمَانَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْغَصْبِ فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ
(1) البهجة شرح التحفة 2 / 86، والحطاب 4 / 479، والمجموع شرح المهذب 9 / 262، ومغني المحتاج 2 / 70
(2)
مطالب أولي النهى 3 / 185
بِالتَّعْيِينِ؛ لأَِنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَسَائِل لِغَيْرِهَا بَل تَكُونُ مَقْصُودَةً بِالذَّاتِ، فَإِذَا هَلَكَ رَأْسُ مَال أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ قَبْل الشِّرَاءِ وَقَبْل الْخَلْطِ تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ.
أَمَّا إِذَا كَانَتِ الأَْثْمَانُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ مِنْ غَيْرِ النُّقُودِ، فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ؛ لأَِنَّهَا إِذَا عُيِّنَتْ تَكُونُ مَبِيعَةً مِنْ وَجْهٍ وَمَقْصُودَةً بِالذَّاتِ.
أَمَّا الْفُلُوسُ وَالدَّرَاهِمُ الَّتِي غَالِبُهَا الْغِشُّ:
فَإِنْ كَانَتْ رَائِجَةً فَلَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، لِكَوْنِهَا أَثْمَانًا بِالاِصْطِلَاحِ، فَمَا دَامَ ذَلِكَ الاِصْطِلَاحُ مَوْجُودًا لَا تَبْطُل الثَّمَنِيَّةُ، لِقِيَامِ الْمُقْتَضِي. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ رَائِجَةٍ فَتَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ؛ لِزَوَال الْمُقْتَضِي لِلثَّمَنِيَّةِ وَهُوَ الاِصْطِلَاحُ، وَهَذَا لأَِنَّهَا فِي الأَْصْل سِلْعَةٌ، وَإِنَّمَا صَارَتْ أَثْمَانًا بِالاِصْطِلَاحِ، فَإِذَا تَرَكُوا الْمُعَامَلَةَ بِهَا رَجَعَتْ إِلَى أَصْلِهَا.
كَمَا أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ اسْتَثْنَوُا الصَّرْفَ وَالْكِرَاءَ فَفِيهِمَا تَتَعَيَّنُ النُّقُودُ بِالتَّعْيِينِ، وَوَجْهُ الْقَوْل بِأَنَّ الأَْثْمَانَ النَّقْدِيَّةَ وَهِيَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ، أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الأَْصْل اسْمٌ لِمَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَالثَّمَنَ فِي الأَْصْل مَا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ. فَالْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ مِنَ الأَْسْمَاءِ الْمُتَبَايِنَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ.
فَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ عَلَى هَذَا الأَْصْل أَثْمَانٌ لَا تَتَعَيَّنُ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ فِي حَقِّ الاِسْتِحْقَاقِ وَإِنْ عُيِّنَتْ، حَتَّى لَوْ قَال: بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الثَّوْبَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ كَانَ