الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِْسْلَامِ، وَأَنَّ الْحُكُومَةَ الإِْسْلَامِيَّةَ لَا تُقْدِمُ عَلَى فَرْضِ الْجِزْيَةِ عَلَى الأَْفْرَادِ إِلَاّ بَعْدَ تَخْيِيرِهِمْ بَيْنَ الإِْسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ، وَهِيَ تُفَضِّل دُخُول أَهْل الْبِلَادِ الْمَفْتُوحَةِ فِي الإِْسْلَامِ وَإِعْفَاءَهُمْ مِنَ الْجِزْيَةِ عَلَى الْبَقَاءِ فِي الْكُفْرِ وَدَفْعِ الْجِزْيَةِ؛ لأَِنَّهَا دَوْلَةُ هِدَايَةٍ لَا جِبَايَةٍ.
جَاءَ فِي تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ قَال: " كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. . فَاعْرِضْ عَلَى صَاحِبِ الإِْسْكَنْدَرِيَّةِ أَنْ يُعْطِيَكَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَنْ تُخَيِّرُوا مَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ سَبْيِهِمْ بَيْنَ الإِْسْلَامِ وَبَيْنَ دِينِ قَوْمِهِ، فَمَنِ اخْتَارَ مِنْهُمُ الإِْسْلَامَ فَهُوَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَهُ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ، وَمَنِ اخْتَارَ دِينَ قَوْمِهِ وُضِعَ عَلَيْهِ مِنَ الْجِزْيَةِ مَا يُوضَعُ عَلَى أَهْل دِينِهِ " ثُمَّ قَال: " فَجَمَعْنَا مَا فِي أَيْدِينَا مِنَ السَّبَايَا وَاجْتَمَعَتِ النَّصَارَى، فَجَعَلْنَا نَأْتِي بِالرَّجُل مِمَّنْ فِي أَيْدِينَا، ثُمَّ نُخَيِّرُهُ بَيْنَ الإِْسْلَامِ وَبَيْنَ النَّصْرَانِيَّةِ، فَإِذَا اخْتَارَ الإِْسْلَامَ كَبَّرْنَا تَكْبِيرَةً هِيَ أَشَدُّ مِنْ تَكْبِيرِنَا حِينَ نَفْتَحُ الْقَرْيَةَ، ثُمَّ نَحُوزُهُ إِلَيْنَا. وَإِذَا اخْتَارَ النَّصْرَانِيَّةَ نَخَرَتِ النَّصَارَى - أَيْ أَخْرَجُوا أَصْوَاتًا مِنْ أُنُوفِهِمْ - ثُمَّ حَازُوهُ إِلَيْهِمْ وَوَضَعْنَا عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ، وَجَزِعْنَا مِنْ ذَلِكَ جَزَعًا شَدِيدًا حَتَّى كَأَنَّهُ رَجُلٌ خَرَجَ مِنَّا إِلَيْهِمْ. . فَكَانَ ذَلِكَ الدَّأْبُ حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهُمْ (1) ".
(1) الطبري: تاريخ الأمم والملوك - 4 / 227 - دار الفكر ببيروت 1399 هـ.
أَنْوَاعُ الْجِزْيَةِ:
قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْجِزْيَةَ - بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ - إِلَى أَقْسَامٍ، فَقَسَّمُوهَا - بِاعْتِبَارِ رِضَا الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَعَدَمِ رِضَاهُ - إِلَى صُلْحِيَّةٍ وَعَنْوِيَّةٍ.
وَقَسَّمُوهَا - بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهَا: هَل تَكُونُ عَلَى الرُّءُوسِ أَوْ عَلَى الأَْمْوَال الَّتِي يَكْتَسِبُهَا الذِّمِّيُّ؟ إِلَى جِزْيَةِ رُءُوسٍ وَجِزْيَةٍ عُشْرِيَّةٍ.
وَقَسَّمُوهَا - بِاعْتِبَارِ النَّظَرِ إِلَى طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَوْصَافِهِمْ وَعَدَمِ النَّظَرِ إِلَيْهَا - إِلَى جِزْيَةِ أَشْخَاصٍ، وَجِزْيَةِ طَبَقَاتٍ أَوْ أَوْصَافٍ.
أَوَّلاً - الْجِزْيَةُ الصُّلْحِيَّةُ وَالْعَنْوِيَّةُ:
16 -
صَرَّحَ بِهَذَا التَّقْسِيمِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ (1) ، وَلَا يَرِدُ هَذَا التَّقْسِيمُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّهُمْ يَرَوْنَ عَدَمَ وُجُوبِ الْجِزْيَةِ عَلَى الْمَغْلُوبِينَ بِدُونِ رِضَاهُمْ (2) .
فَالْجِزْيَةُ الصُّلْحِيَّةُ: هِيَ الَّتِي تُوضَعُ عَلَى أَهْل الذِّمَّةِ بِالتَّرَاضِي وَالصُّلْحِ (3) .
(1) انظر: ابن رشد: بداية المجتهد 1 / 405، الزيلعي: تبيين الحقائق 3 / 276، وحاشية ابن عابدين 4 / 196، الميداني: اللباب 4 / 143، المرغيناني: الهداية 2 / 159، ابن رشد: المقدمات 1 / 394، 395.
(2)
الرملي: نهاية المحتاج 8 / 68، ابن قدامة: المغني 8 / 372.
(3)
الزيلعي: تبيين الحقائق 3 / 276، ابن مودود: الاختيار 4 / 137.