الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي جُلُودِ الإِْبِل وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ؛ لأَِنَّ الْجُلُودَ لَا تُوزَنُ عَادَةً وَلَكِنَّهَا تُبَاعُ عَدَدًا، وَهِيَ عَدَدِيَّةٌ مُتَفَاوِتَةٌ فِيهَا الصَّغِيرُ وَفِيهَا الْكَبِيرُ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ. وَالسَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ عِنْدَنَا لَا يَجُوزُ، فَكَذَلِكَ فِي أَبْعَاضِ الْحَيَوَانِ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الأَْكَارِعِ وَالرُّءُوسِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الأُْدُمِ وَالْوَرَقِ لأَِنَّهُ مَجْهُولٌ فِيهِ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، إِلَاّ أَنْ يَشْتَرِطَ مِنَ الأُْدُمِ ضَرْبًا مَعْلُومَ الطُّول وَالْعَرْضِ وَالْجَوْدَةِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ كَالثِّيَابِ، وَكَذَلِكَ الأُْدُمُ إِذَا كَانَ يُبَاعُ وَزْنًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ بِذِكْرِ الْوَزْنِ إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ لَا تُمْكِنُ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجِلْدِ لاِخْتِلَافِ أَجْزَائِهِ فِي الرِّقَّةِ وَالْغِلَظِ، نَعَمْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي قِطَعٍ مِنْهُ مَدْبُوغَةٍ وَزْنًا (1) .
ثَالِثَ عَشَرَ: الإِْجَارَةُ عَلَى سَلْخِ حَيَوَانٍ بِجِلْدِهِ:
18 -
لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ سَلَاّخٍ لِسَلْخِ حَيَوَانٍ بِجِلْدِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ؛ لأَِنَّ الإِْجَارَةَ تَفْسُدُ بِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَهُنَا تَفْسُدُ الإِْجَارَةُ بِالْغَرَرِ لأَِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَتَقَطَّعُ الْجِلْدُ حَال سَلْخِهِ أَمْ يَنْفَصِل سَلِيمًا، وَهَل يَكُونُ ثَخِينًا أَمْ رَقِيقًا؛ وَلأَِنَّهُ
(1) المبسوط للسرخسي 12 / 131، وجواهر الإكليل 2 / 73، حاشية الجمل 3 / 242، المغني 4 / 310.
لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الإِْجَارَةِ، فَإِنْ سَلَخَ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (1) .
رَابِعَ عَشَرَ: ضَمَانُ الْجِلْدِ:
19 -
لِلْفُقَهَاءِ فِي ضَمَانِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْل دَبْغِهِ وَبَعْدَ دَبْغِهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ، بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَمَانِ جِلْدِ الْحَيَوَانِ الْمُذَكَّى.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: يَحْرُمُ الاِنْتِفَاعُ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْل الدِّبَاغِ وَالْحُرْمَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ زَوَال الْمِلْكِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَوْ جَزَّ صُوفَ شَاةٍ مَيِّتَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ، وَلَوْ وَجَدَهُ صَاحِبُ الشَّاةِ فِي يَدِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ، وَلَوْ دَبَغَ جِلْدَهَا كَانَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْخُذَهُ بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا زَادَ فِي الدِّبَاغِ (2) .
وَقَالُوا: لَوْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَهُ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ كَالْقَرَظِ وَالْعَفْصِ فَلِصَاحِبِ الْجِلْدِ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَيَرُدَّ عَلَى الْغَاصِبِ مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ، وَإِنِ اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ الْجِلْدَ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيَضْمَنُهُ مَدْبُوغًا وَيُعْطِي مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ
(1) الدر المختار 5 / 30، وجواهر الإكليل 2 / 185، ونهاية المحتاج 5 / 266، ومطالب أولي النهى 3 / 594.
(2)
ورد هذا النقل عن أبي يوسف في فتح القدير 4 / 426 وأورده كذلك صاحب الفتاوى الهندية 5 / 346 ومعه نقل آخر مخالف ثم قال: يجوز أن يقاس كل منهما على الآخر فيصير فيهما روايتان.