الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال التِّرْمِذِيُّ: هَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ، وَقَال النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَقَدْ رُوِيَ فِي النَّهْيِ أَحَادِيثُ لَا تَثْبُتُ، وَلَكِنْ حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها ثَابِتٌ، فَلِذَا قَال الْعُلَمَاءُ يُكْرَهُ إِلَاّ لِعُذْرٍ. وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ (1) .
وَقَدْ رُوِيَتِ الرُّخْصَةُ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَسَهْل بْنِ سَعْدٍ، وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعُرْوَةَ.
وَرَوَى حُذَيْفَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَال قَائِمًا، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ (2) .
وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (قَضَاءُ الْحَاجَةِ) .
(1) ابن عابدين 1 / 229، 230، وحاشية الدسوقي 1 / 104، 105، وجواهر الإكليل 1 / 17، والقوانين الفقهية / 41، والقليوبي 1 / 38، وروضة الطالبين 1 / 66، والمغني 1 / 164.
(2)
حديث حذيفة " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 328 ط السلفية) . ومسلم (1 / 229 ط عيسى الحلبي) .
جِمَارٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْجِمَارُ بِالْكَسْرِ وَالْجَمَرَاتُ جَمْعُ الْجَمْرَةِ، وَمِنْ مَعَانِي الْجَمْرَةِ فِي اللُّغَةِ الْحَصَاةُ، فَالْجِمَارُ الأَْحْجَارُ الصِّغَارُ (1) .
وَفِي الاِصْطِلَاحِ تُطْلَقُ الْجِمَارُ عَلَى مَعَانٍ:
أ - جَمَرَاتُ الْمَنَاسِكِ الثَّلَاثُ الأُْولَى وَالْوُسْطَى وَجَمْرَةُ الْعَقَبَةِ.
وَالْجَمَرَاتُ هِيَ: الْمَوَاضِعُ الَّتِي تُرْمَى بِالْحَصَيَاتِ، وَهِيَ بِمِنًى، وَالأُْولَى مِنْهَا هِيَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ، وَالْوُسْطَى الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالأَْخِيرَةُ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ.
وَهِيَ أَقْرَبُ الثَّلَاثِ إِلَى مَكَّةَ. قَال صَاحِبُ مِرْآةِ الْحَرَمَيْنِ: وَهِيَ - أَيْ فِي زَمَنِهِ حَائِطٌ مِنَ الْحَجَرِ ارْتِفَاعُهُ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَمْتَارٍ فِي عَرْضِ نَحْوِ مِتْرَيْنِ أُقِيمَ عَلَى قِطْعَةٍ مِنْ صَخْرَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَنِ الأَْرْضِ بِنَحْوِ مِتْرٍ وَنِصْفٍ وَمِنْ أَسْفَل هَذَا الْحَائِطِ حَوْضٌ مِنَ الْبِنَاءِ تَسْقُطُ إِلَيْهِ حِجَارَةُ الرَّجْمِ (2) .
وَوَرَدَ فِي شِفَاءِ الْغَرَامِ نَقْلاً عَنِ الأَْزْرَقِيِّ: وَمِنْ
(1) لسان العرب، والمصباح المنير مادة:(جمر) .
(2)
مرآة الحرمين 1 / 328.
جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهِيَ أَوَّل الْجِمَارِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ إِلَى الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى أَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَسَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ ذِرَاعًا وَاثْنَا عَشَرَ أُصْبُعًا، وَمِنَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى إِلَى الْجَمْرَةِ الثَّالِثَةِ وَهِيَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَخَمْسَةُ أَذْرُعٍ، وَمِنَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى إِلَى أَوْسَطِ بَابِ مَسْجِدِ الْخَيْفِ أَلْفُ ذِرَاعِ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَوَاحِدٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا (1) .
وَقَال فِي مِرْآةِ الْحَرَمَيْنِ: الْمَسَافَةُ الَّتِي بَيْنَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالْجَمْرَةِ الْوُسْطَى 116. 77 مِتْرًا، وَالَّتِي بَيْنَ الْجَمْرَةِ الأُْولَى وَالْوُسْطَى 156. 40 مِتْرًا.
قَال الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَلَيْسَ لِلْمَرْمَى حَدٌّ مَعْلُومٌ غَيْرَ أَنَّ كُل جَمْرَةٍ عَلَيْهَا عَلَمٌ، وَهُوَ عَمُودٌ مُعَلَّقٌ هُنَاكَ فَيُرْمَى تَحْتَهُ وَحَوْلَهُ وَلَا يُبْعَدُ عَنْهُ احْتِيَاطًا، وَحَّدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ إِلَاّ فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَيْسَ لَهَا إِلَاّ وَجْهٌ وَاحِدٌ لأَِنَّهَا تَحْتَ جَبَلٍ.
وَالْمَقْصُودُ مِنْ رَمْيِ الْجِمَارِ التَّعَبُّدُ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ بِمَا لَا حَظَّ لِلنَّفْسِ فِيهِ (2) قَال أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَيَانِ أَسْرَارِ الْحَجِّ مِنَ الإِْحْيَاءِ: وَأَمَّا رَمْيُ الْجِمَارِ فَلْيَقْصِدْ بِهِ الاِنْقِيَادَ لِلأَْمْرِ إِظْهَارًا لِلرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ، وَانْتِهَاضًا لِمُجَرَّدِ الاِمْتِثَال مِنْ غَيْرِ حَظٍّ لِلنَّفْسِ وَالْعَقْل فِي ذَلِكَ.
ثُمَّ لْيَقْصِدْ بِهِ التَّشَبُّهَ بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام حَيْثُ عَرَضَ لَهُ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ
(1) شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام 1 / 294.
(2)
مرآة الحرمين 1 / 48، 138.
لِيُدْخِل عَلَى حَجِّهِ شُبْهَةً أَوْ يَفْتِنَهُ بِمَعْصِيَةٍ، أَمَرَهُ اللَّهُ عز وجل أَنْ يَرْمِيَهُ بِالْحِجَارَةِ طَرْدًا لَهُ وَقَطْعًا لأَِمَلِهِ (1) .
وَرَدَ فِي بَعْضِ الأَْحَادِيثِ أَنَّ إِبْلِيسَ عَرَضَ لَهُ هُنَالِكَ أَيْ وَسْوَسَ لَهُ لِيَشْغَلَهُ عَنْ أَدَاءِ الْمَنَاسِكِ فَكَانَ يَرْمِيهِ كُل مَرَّةٍ فَيَخْنَسَ ثُمَّ يَعُودَ (2) . وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا أَتَى خَلِيل اللَّهِ الْمَنَاسِكَ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الأَْرْضِ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الأَْرْضِ ثُمَّ ذَكَرَ الْجَمْرَةَ الثَّالِثَةَ كَذَلِكَ (3) .
وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ: لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ جَاءَهُ جِبْرِيل عليه السلام فَقَال لَهُ طُفْ بِهِ سَبْعًا، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهُ لَمَّا دَخَل مِنًى وَهَبَطَ مِنَ الْعَقَبَةِ تَمَثَّل لَهُ إِبْلِيسُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَقَال لَهُ جِبْرِيل: كَبِّرْ وَارْمِهِ سَبْعَ حَصَيَاتٍ، فَرَمَاهُ فَغَابَ عَنْهُ، ثُمَّ بَرَزَ
(1) إحياء علوم الدين 1 / 277.
(2)
حديث: " إن إبليس عرض له هنالك أي وسوس له. . . ". أخرجه أحمد (1 / 283 - 284 / 2795 - ط دار المعارف. وصحح إسناده أحمد شاكر) .
(3)
حديث: " لما أتى خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند. . . ". أخرجه البيهقي (5 / 153 - 154 - ط دار المعرفة) والحاكم (1 / 466 - ط دار الكتاب العربي) . وقال: حديث صحيح على شرط البخاري. وذهب الذهبي إلى أنه على شرط مسلم.