الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - حُكْمُ دَفْعِ الْجِزْيَةِ إِلَى الْمُحَارِبِينَ " قُطَّاعِ الطُّرُقِ
":
57 -
الْمُحَارِبُونَ: هُمُ الَّذِينَ يَعْرِضُونَ لِلنَّاسِ بِالسِّلَاحِ فَيَغْصِبُونَ الْمَال مُجَاهَرَةً أَوْ يَقْتُلُونَ أَوْ يُخِيفُونَ الطَّرِيقَ
فَإِذَا أَخَذَ الْمُحَارِبُونَ الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ مَوْقِعَهُ، وَلَمْ تَسْقُطِ الْجِزْيَةُ عَنْهُمْ بِأَدَائِهَا إِلَى الْمُحَارِبِينَ؛ لأَِنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُمْ كَالْمَأْخُوذِ غَصْبًا (1) .
طُرُقُ اسْتِيفَاءِ الْجِزْيَةِ:
58 -
إِذَا كَانَ الإِْمَامُ هُوَ صَاحِبَ الْحَقِّ فِي اسْتِيفَاءِ الْجِزْيَةِ، فَلَا يَعْنِي ذَلِكَ أَنَّهُ سَيُبَاشِرُ جَمِيعَ الأَْعْمَال الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ حَيْثُ تَقْدِيرُهَا وَتَدْوِينُهَا وَجَمْعُهَا وَصَرْفُهَا؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يَصْعُبُ عَلَيْهِ وَلَا يَسْتَطِيعُهُ، بَل يَعْنِي تَوْلِيَةَ مَنْ يَجْمَعُهَا وَالإِْشْرَافَ عَلَيْهَا وَمُتَابَعَةَ مَنْ يَقُومُ بِاسْتِيفَائِهَا وَصَرْفِهَا. وَمِنْ طُرُقِ الاِسْتِيفَاءِ الَّتِي كَانَتْ مُتَّبَعَةً فِي ذَلِكَ،
الْعِمَالَةُ عَلَى الْجِزْيَةِ
، وَالْقَبَالَةُ (التَّضْمِينُ) .
الطَّرِيقَةُ الأُْولَى:
الْعِمَالَةُ عَلَى الْجِزْيَةِ:
59 -
الْعِمَالَةُ عَلَى الْجِزْيَةِ وِلَايَةٌ مِنَ الْوِلَايَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الصَّادِرَةِ عَنِ الإِْمَامِ يَتِمُّ بِمُقْتَضَاهَا اسْتِيفَاءُ الْجِزْيَةِ وَقَبْضُهَا.
(1) المبدع 9 / 144، الأحكام السلطانية للماوردي ص 63، الأحكام السلطانية للفراء ص 58.
وَعَامِل الْجِزْيَةِ وَكِيلٌ عَنِ الإِْمَامِ فِي اسْتِيفَاءِ الْجِزْيَةِ وَقَبْضِهَا، وَجِبَايَتُهُ لِلْجِزْيَةِ مُحَدَّدَةٌ بِمَا رَسَمَهُ لَهُ الإِْمَامُ، وَلِعَامِل الْجِزْيَةِ شُرُوطٌ أَهَمُّهَا: الإِْسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ، وَالأَْمَانَةُ، وَالْكِفَايَةُ، وَالْعِلْمُ وَالْفِقْهُ.
وَلِلتَّفْصِيل تُنْظَرُ الشُّرُوطُ الْمَطْلُوبَةُ فِي: (جِبَايَةٌ) .
مَا يُرَاعِيهِ الْعَامِل فِي جِبَايَةِ الْجِزْيَةِ:
الرِّفْقُ بِأَهْل الذِّمَّةِ:
60 -
لِلْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اتِّجَاهَانِ:
الأَْوَّل: أَنَّهُ يَنْبَغِي لِعَامِل الْجِزْيَةِ أَنْ يَكُونَ رَفِيقًا بِأَهْل الذِّمَّةِ عِنْدَ اسْتِيفَائِهِ لِلْجِزْيَةِ: بِأَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُمْ بِتَلَطُّفٍ دُونَ تَعْذِيبٍ أَوْ ضَرْبٍ، وَأَنْ يُؤَخِّرَهُمْ إِلَى غَلَاّتِهِمْ، وَأَنْ يُقَسِّطَهَا عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يَقْبَل مِنْهُمُ الْقِيمَةَ بَدَلاً مِنَ الْعَيْنِ. وَالصَّغَارُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ صَاغِرُونَ} مَعْنَاهُ عِنْدَهُمُ الْتِزَامُ أَحْكَامِ الإِْسْلَامِ. (1)
وَالاِتِّجَاهُ الآْخَرُ: مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ أَنَّ الْجِزْيَةَ تُسْتَوْفَى مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ بِإِهَانَةٍ وَإِذْلَالٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} . (2)
(1) الأم 4 / 127، والأموال ص 59، وابن زنجويه في الأموال 1 / 164، والخراج ص 125.
(2)
انظر: الاختيار 4 / 139، حاشية ابن عابدين 4 / 201، المنتقى 2 / 17، حاشية الخرشي 3 / 145، روضة الطالبين 10 / 315، مغني المحتاج 4 / 249، كفاية الأخيار 2 / 135، كشاف القناع 3 / 123، المبدع 3 / 412، الإنصاف 4 / 229، نهاية الرتبة في طلب الحسبة ص 107، معالم القربى ص 99، منح الجليل 1 / 759، جامع البيان 10 / 77 - 78، زاد المسير 3 / 421.