الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْمْرَاضِ فِي الْعَادَةِ انْتِقَال الدَّاءِ مِنَ الْمَرِيضِ إِلَى الصَّحِيحِ بِكَثْرَةِ الْمُخَالَطَةِ.
4 -
إِنَّ الْمُرَادَ بِنَفْيِ الْعَدْوَى أَنَّ شَيْئًا لَا يُعْدِي بِطَبْعِهِ، نَفْيًا لِمَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَعْتَقِدُهُ أَنَّ الأَْمْرَاضَ تُعْدِي بِطَبْعِهَا مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَأَبْطَل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اعْتِقَادَهُمْ ذَلِكَ، وَأَكَل مَعَ الْمَجْذُومِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يُمْرِضُ وَيَشْفِي، وَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّنُوِّ مِنْهُ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ أَنَّ هَذَا مِنَ الأَْسْبَابِ الَّتِي أَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ بِأَنَّهَا تُفْضِي إِلَى مُسَبَّبَاتِهَا، فَفِي نَهْيِهِ إِثْبَاتُ الأَْسْبَابِ، وَفِي فِعْلِهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهَا لَا تَسْتَقِل، بَل اللَّهُ هُوَ الَّذِي إِنْ شَاءَ سَلَبَهَا قُوَاهَا فَلَا تُؤَثِّرُ شَيْئًا، وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهَا فَأَثَّرَتْ. وَعَلَى هَذَا جَرَى أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ.
وَيُحْتَمَل أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أَكْلُهُ مَعَ الْمَجْذُومِ أَنَّهُ كَانَ بِهِ أَمْرٌ يَسِيرٌ لَا يُعْدِي مِثْلُهُ فِي الْعَادَةِ، إِذْ لَيْسَ الْجَذْمَى كُلُّهُمْ سَوَاءً وَلَا تَحْصُل الْعَدْوَى مِنْ جَمِيعِهِمْ.
5 -
الْعَمَل بِنَفْيِ الْعَدْوَى أَصْلاً وَرَأْسًا وَحَمْل الأَْمْرِ بِالْمُجَانَبَةِ عَلَى حَسْمِ الْمَادَّةِ، وَسَدِّ الذَّرِيعَةِ لِئَلَاّ يَحْدُثَ لِلْمُخَالِطِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَظُنَّ أَنَّهُ بِسَبَبِ الْمُخَالَطَةِ فَيُثْبِتَ الْعَدْوَى الَّتِي نَفَاهَا الشَّارِعُ (1) .
(1) فتح الباري 10 / 158 - 161، وانظر عمدة القاري 21 / 247، وصحيح مسلم بشرح النووي 14 / 228، والأبي على صحيح مسلم 6 / 48 - 49.
إِمَامَةُ الْمَجْذُومِ:
8 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمَجْذُومِ (1) .
وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ إِمَامَةَ مَنْ قَامَ بِهِ دَاءُ الْجُذَامِ، إِلَاّ أَنْ يَشْتَدَّ جُذَامُهُ بِحَيْثُ يَضُرُّ بِالنَّاسِ فَيُنَحَّى وُجُوبًا عَنِ الإِْمَامَةِ وَكَذَا عَنِ الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ أَبَى أُجْبِرَ عَلَى التَّنَحِّي (2) .
هَذَا وَلَمْ نَجِدْ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصًّا صَرِيحًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَاّ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِمَنْعِ مَجْذُومٍ يُتَأَذَّى بِهِ مِنْ حُضُورِ مَسْجِدٍ وَجَمَاعَةٍ (3) .
مُصَافَحَةُ الْمَجْذُومِ:
9 -
تُكْرَهُ مُصَافَحَةُ وَتَقْبِيل وَمُعَانَقَةُ مَنْ بِهِ دَاءُ الْجُذَامِ.
بِهَذَا قَال الشَّافِعِيَّةُ (4) .
(1) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 166 ط دار الإيمان، وحاشية ابن عابدين 1 / 378.
(2)
الشرح الصغير 1 / 445، والدسوقي 1 / 133 ط دار الفكر.
(3)
حاشية الشرواني على تحفة المحتاج 2 / 276 ط دار صادر، ومطالب أولي النهى 1 / 699.
(4)
قليوبي وعميرة 3 / 213، وأسنى المطالب 3 / 114.