الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَجَّحَهُ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ قُدَامَةَ - إِلَى أَنَّ شَعْرَ الْحَيَوَانِ (الطَّاهِرِ حَال حَيَاتِهِ) لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ لأَِنَّ الْمَعْهُودَ فِيهِ قَبْل الْمَوْتِ الطَّهَارَةُ فَكَذَا بَعْدَهُ؛ وَلأَِنَّ الْمَوْتَ لَا يُحِلُّهُ إِذْ لَيْسَ فِيهِ حَيَاةٌ فَلَمْ يَنْجُسْ بِالْمَوْتِ وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَحُسُّ وَلَا يَتَأَلَّمُ، وَلَا يَحُسُّ الْحَيَوَانُ فِي حَيَاتِهِ وَلَا يَتَأَلَّمُ بِقَطْعِ الشَّعْرِ أَوْ قَصِّهِ، وَلَوْ كَانَتْ فِي الشَّعْرِ حَيَاةٌ لَتَأَلَّمَ الْحَيَوَانُ بِقَصِّهِ أَوْ قَطْعِهِ كَمَا يَتَأَلَّمُ بِقَطْعِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - فِي الصَّحِيحِ - إِلَى أَنَّ شَعْرَ مَيْتَةِ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ حَال حَيَاتِهِ غَيْرَ الآْدَمِيِّ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمِ الْمَيْتَةُ} (1) وَهُوَ عَامٌّ لِلشَّعْرِ وَغَيْرِهِ.
وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الشَّعْرَ لَا يَطْهُرُ بِدِبَاغِ الْجِلْدِ الَّذِي عَلَيْهِ الشَّعْرُ (2) .
وَفِي الْمَوْضُوعِ عِنْدَهُمُ اخْتِلَافٌ فِي الأَْقْوَال وَخِلَافٌ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَذْهَبِ يُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (شَعْرٌ) .
ثَامِنًا - أَكْل الْجِلْدِ:
13 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمَأْكُول
(1) سورة المائدة / 3.
(2)
رد المحتار على الدر المختار 1 / 137، والخرشي 1 / 90، والمجموع 1 / 220 - 231 - 234 - 236 - 238، والمغني 1 / 79 - 80.
الْمُذَكَّى، يُؤْكَل جِلْدُهُ قَبْل الدَّبْغِ مَا لَمْ يَغْلُظْ وَيَخْشُنْ وَيَصِرْ جِنْسًا آخَرَ غَيْرَ اللَّحْمِ؛ لأَِنَّ الذَّكَاةَ تُحِل لَحْمَهُ وَجِلْدَهُ وَسَائِرَ مَا يَجُوزُ أَكْلُهُ مِنْهُ.
أَمَّا الْحَيَوَانُ الْمَأْكُول الَّذِي مَاتَ أَوْ ذُكِّيَ ذَكَاةً غَيْرَ شَرْعِيَّةٍ، فَإِنَّ جِلْدَهُ قَبْل دَبْغِهِ لَا يُؤْكَل، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمِ الْمَيْتَةُ} (1) وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا حَرُمَ مِنَ الْمَيْتَةِ لَحْمُهَا (2) وَالْجِلْدُ جُزْءٌ مِنَ الْمَيْتَةِ فَحَرُمَ أَكْلُهُ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا.
هَذَا عَنِ الْحُكْمِ قَبْل الدِّبَاغِ، أَمَّا بَعْدَهُ: فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَدِيمِ الْمُفْتَى بِهِ إِلَى تَحْرِيمِ أَكْل جِلْدِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ لِلآْيَةِ وَالْحَدِيثِ السَّابِقَيْنِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ أَمْ غَيْرَ مَأْكُولٍ (3) .
تَاسِعًا - لُبْسُ الْجِلْدِ وَاسْتِعْمَالُهُ:
14 -
يَخْتَلِفُ حُكْمُ لُبْسِ جِلْدِ الْحَيَوَانِ تَبَعًا لِلْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ عَلَى التَّفْصِيل السَّابِقِ
(1) سورة البقرة / 173.
(2)
حديث: " إنما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الميتة لحمها " أخرجه الدارقطني (1 / 47 - 48 ط شركة الطباعة الفنية) من حديث ابن عباس وضعفه. والبيهقي (1 / 23 ط دار المعرفة) وأصل الحديث في الصحيحين.
(3)
رد المحتار على الدر المختار 1 / 136، وجواهر الإكليل 1 / 10، والمجموع 1 / 229 - 230، والشرقاوي 2 / 58، وحاشية الجمل 5 / 307، والمغني 1 / 70.
ف 10) إِلَاّ أَنَّ مَنْ قَال بِنَجَاسَةِ شَيْءٍ مِنْهُ فَصَّل فِي حُكْمِ اللُّبْسِ وَالاِسْتِعْمَال.
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ اسْتِعْمَال جِلْدِ الْمَيْتَةِ فِي الْيَابِسِ دُونَ الرَّطْبِ قَبْل الدَّبْغِ، صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنِ الأَْصْحَابِ، أَمَّا لُبْسُهُ فَلَا يَجُوزُ.
وَأَمَّا بَعْدَ الدِّبَاغِ: فَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِيهِ: قَال الْحَنَفِيَّةُ: جِلْدُ الْمَيْتَةِ - عَدَا الْخِنْزِيرَ - يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، وَيَجُوزُ لُبْسُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ وَالاِنْتِفَاعُ بِهِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ رِوَايَةٌ لِلْحَنَابِلَةِ: جِلْدُ الْمَيْتَةِ بَعْدَ دَبْغِهِ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْيَابِسَاتِ لِحَدِيثِ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها (1) .
وَلأَِنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم لَمَّا فَتَحُوا فَارِسَ انْتَفَعُوا بِسُرُوجِهِمْ وَأَسْلِحَتِهِمْ، وَذَبَائِحِهِمْ مَيْتَةً، وَلأَِنَّهُ انْتِفَاعٌ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ أَشْبَهَ الاِصْطِيَادَ بِالْكَلْبِ.
وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ جَوَازَ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَاءِ وَحْدَهُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَا الصَّلَاةُ فِيهِ وَلَا عَلَيْهِ.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي لُبْسِ وَاسْتِعْمَال جُلُودِ الثَّعَالِبِ وَالسِّبَاعِ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ - وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لُبْسُ جُلُودِ السِّبَاعِ أَوِ
(1) حديث: " حديث ميمونة " سبق تخريجه ف / 10.
الرُّكُوبُ عَلَيْهَا، أَوِ الاِنْتِفَاعُ بِهَا لِحَدِيثِ أَبِي الْمَلِيحِ عَامِرِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ (1) .
وَعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال لِمُعَاوِيَةَ رضي الله عنه: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَل تَعْلَمُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبْسِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهَا؟ قَال: نَعَمْ (2) .
وَكَذَلِكَ حُكْمُ جُلُودِ الثَّعَالِبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا عَلَى الأَْصَحِّ لِعَدَمِ طَهَارَةِ الشَّعْرِ الَّذِي عَلَى تِلْكَ الْجُلُودِ بِالدِّبَاغِ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ رِوَايَتَانِ تُبْنَيَانِ عَلَى الْحُكْمِ عَلَى حِلِّهَا، فَإِنْ قِيل بِتَحْرِيمِهَا فَحُكْمُ جُلُودِهَا حُكْمُ جُلُودِ بَقِيَّةِ السِّبَاعِ، وَكَذَلِكَ السَّنَانِيرُ الْبَرِّيَّةُ، فَأَمَّا الأَْهْلِيَّةُ فَمُحَرَّمَةٌ، وَهَل تَطْهُرُ جُلُودُهَا بِالدِّبَاغِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَال:
(1) حديث: " نهى عن جلود السباع " أخرجه أبو داود (4 / 374 - 375 ط عزت عبيد الدعاس) والنسائي (7 / 176 ط دار البشائر الإسلامية) والترمذي (4 / 241 ط مصطفى الحلبي) وصححه. من حديث أبي المليح، والحاكم (1 / 144 ط دار الكتاب العربي) ووافقه الذهبي.
(2)
أثر " أنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله نهى عن لبس جلود السباع. . . " أخرجه أبو داود (4 / 372 - 373 ط عزت عبيد الدعاس) والنسائي 7 / 176 - 177 ط دار البشائر الإسلامية) من حديث معاوية بن أبي سفيان، وسنده جيد ويشهد له حديث أبي المليح الذي سبق تخريجه.