الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 -
أَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ أَحَادِيثَ تَدُل عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَل مِنَ الْكُفَّارِ إِلَاّ الإِْسْلَامُ أَوِ السَّيْفُ: كَحَدِيثِ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ إِلَاّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ (1) .
فَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا كَانَتْ فِي بِدَايَةِ الإِْسْلَامِ قَبْل نُزُول آيَةِ بَرَاءَةٍ، وَسُورَةُ بَرَاءَةٍ مِنْ آخِرِ مَا نَزَل مِنَ الْقُرْآنِ، قَال أَبُو عُبَيْدٍ:" وَإِنَّمَا تُوَجَّهُ هَذِهِ الأَْحَادِيثُ عَلَى أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا قَال ذَلِكَ فِي بَدْءِ الإِْسْلَامِ، وَقَبْل أَنْ تَنْزِل سُورَةُ بَرَاءَةٍ، وَيُؤْمَرَ فِيهَا بِقَبُول الْجِزْيَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (2) } ، وَإِنَّمَا نَزَل هَذَا فِي آخِرِ الإِْسْلَامِ، وَفِيهِ أَحَادِيثُ، مِنْهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنهما قَال: " كَانَتْ بَرَاءَةٌ مِنْ آخِرِ مَا نَزَل مِنَ الْقُرْآنِ وَقَال مُجَاهِدٌ فِي آيَةِ الْجِزْيَةِ: نَزَلَتْ حِينَ أَمَرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ بِغَزْوَةِ تَبُوكَ وَقَال: سَمِعْتُ هُشَيْمًا يَقُول: كَانَتْ تَبُوكُ آخِرَ غَزَاةٍ غَزَاهَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (3) .
وَأَمَّا الإِْجْمَاعُ فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ
(1) حديث: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. . . " أخرجه مسلم (1 / 51 - 52) ط عيسى الحلبي. من حديث عمر بن الخطاب.
(2)
سورة التوبة / 29.
(3)
الأموال لأبي عبيد ص 28، 29، الأموال لابن زنجويه 1 / 116.
أَخْذِهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ أَخَذَهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما وَسَائِرُ الْخُلَفَاءِ دُونَ إِنْكَارٍ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَكَانَ إِجْمَاعًا (1) .
الْحِكْمَةُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الْجِزْيَةِ:
1 - الْجِزْيَةُ عَلَامَةُ خُضُوعٍ وَانْقِيَادٍ لِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ:
12 -
قَال ابْنُ مَنْظُورٍ: قَوْلُهُ عز وجل: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ (2) }
قِيل: مَعْنَاهُ عَنْ ذُلٍّ وَعَنِ اعْتِرَافٍ لِلْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ أَيْدِيَهُمْ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، وَقِيل عَنْ يَدٍ: أَيْ عَنْ إِنْعَامٍ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّ قَبُول الْجِزْيَةِ وَتَرْكَ أَنْفُسِهِمْ عَلَيْهِمْ نِعْمَةٌ عَلَيْهِمْ وَيَدٌ مِنَ الْمَعْرُوفِ جَزِيلَةٌ. وَقِيل: عَنْ يَدٍ أَيْ عَنْ قَهْرٍ وَذُلٍّ وَاسْتِسْلَامٍ كَمَا تَقُول: الْيَدُ فِي هَذَا لِفُلَانٍ أَيِ الأَْمْرُ النَّافِذُ لِفُلَانٍ. وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ الْبَزِّيِّ: عَنْ يَدٍ قَال: نَقْدًا عَنْ ظَهْرِ يَدٍ لَيْسَ بِنَسِيئَةٍ
وَقَال أَبُو عُبَيْدَةَ: كُل مَنْ أَطَاعَ لِمَنْ قَهَرَهُ فَأَعْطَاهُ عَنْ غَيْرِ طِيبَةِ نَفْسِهِ، فَقَدْ أَعْطَاهَا عَنْ يَدٍ (3) . . ".
(1) المغني 8 / 495، والمبدع 3 / 405، وأحكام أهل الذمة 1 / 1، ومغني المحتاج 4 / 242، - مطبعة مصطفى البابي الحلبي بالقاهرة 1958، وكفاية الأخيار 2 / 133 - دار المعرفة ببيروت.
(2)
سورة التوبة / 29.
(3)
لسان العرب 3 / 1007، المفردات في غريب القرآن ص 551.