الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظُهُورُ مِلْكِيَّتِهِ لِغَيْرِ الْجَاعِل يَكُونُ نَاشِئًا عَنِ اعْتِدَاءٍ مِنَ الْجَاعِل غَالِبًا، فَتَغَيَّرَ حُكْمُهُ لأَِجْل هَذَا.
الثَّالِثَةُ - إِذَا حَدَثَ لِلشَّيْءِ الْمُجَاعَل عَلَى تَحْصِيلَةِ حَادِثٌ أَدَّى إِلَى نُقْصَانِ قِيمَتِهِ بِحَيْثُ صَارَ لَا يُسَاوِي الْجُعْل الْمُسَمَّى، أَوْ جُعْل الْمِثْل، فَلِلْعَامِل جُعْلُهُ كَامِلاً، وَلَا يُنْظَرُ لِهَذَا النُّقْصَانِ، وَسَوَاءٌ أَحَدَثَ ذَلِكَ قَبْل أَنْ يَعْثُرَ عَلَيْهِ الْعَامِل، أَمْ بَعْدَ أَنْ عَثَرَ عَلَيْهِ وَقَبْل أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْجَاعِل.
تَعَذُّرُ التَّسْلِيمِ لِلْجَاعِل:
42 -
قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِذَا أَتَى الْعَامِل بِالْمُتَعَاقَدِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدِ الْجَاعِل وَلَا مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ فِي تَسَلُّمِهِ سَلَّمَهُ لِلْحَاكِمِ، وَاسْتَحَقَّ الْجُعْل وَيَدْفَعُهُ الْحَاكِمُ لَهُ مِنْ مَال الْجَاعِل الْمُلْتَزِمِ بِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَاّ بَقِيَ الْجُعْل دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْجَاعِل، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَاكِمٌ لِهَذَا الْمَكَانِ أَشْهَدَ عَلَى رَدِّهِ لَهُ، وَيَسْتَحِقُّ الْجُعْل حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمَرْدُودُ، أَوْ هَرَبَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ فِي تَلَفِ سَائِرِ مَحَال الأَْعْمَال (1) .
(1) المهذب 1 / 411، وتحفة المحتاج 2 / 370، وحاشية البجيرمي على الخطيب 3 / 175، 176، والأنوار 1 / 419، ونهاية المحتاج 4 / 349، 350، وحاشية القليوبي على شرح المحلي 3 / 133، والخرشي وحاشية العدوي عليه 7 / 72 - 75، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 4 / 64 - 67، وحاشية العدوي على شرح أبي الحسن 2 / 163، والحطاب والتاج والإكليل 5 / 453 - 455، وكشاف القناع وشرح المنتهى بهامشه 2 / 420 - 446، 447، والمغني 6 / 253.
مُشَارَكَةُ الْعَامِل فِي الْعَمَل وَأَثَرُهَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْجُعْل:
43 -
قَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوِ الْتَزَمَ الْجَاعِل جُعْلاً لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَشَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْعَمَل فَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:
أ - فَإِنْ قَصَدَ الْمُشَارِكُ إِعَانَةَ الْعَامِل الْمُعَيَّنِ مَجَّانًا، أَوْ بِعِوَضٍ مِنَ الْعَامِل فَلَا شَيْءَ لِلْمُعَاوِنِ مِنَ الْجُعْل الْمُسَمَّى، وَكُلُّهُ لِلْعَامِل الَّذِي عَيَّنَهُ الْجَاعِل؛ لأَِنَّ رَدَّ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بِقَصْدِ الإِْعَانَةِ لِلْمُعَيَّنِ وَاقِعٌ عَنْهُ وَقَصْدُ الْجَاعِل الرَّدَّ مِمَّنِ الْتَزَمَ لَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ أَمْكَنَ فَلَا يُحْمَل تَعَاقُدُهُ عَلَى قَصْرِ الْعَمَل عَلَى الْمُخَاطَبِ وَحْدَهُ، وَبِمِثْل هَذَا قَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
ب - وَإِنْ قَصَدَ الْمُشَارِكُ الْعَمَل لِلْجَاعِل، أَوِ الْعَمَل لِنَفْسِهِ، أَوْ قَصَدَ نَفْسَهُ وَالْجَاعِل مَعًا، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، فَلِلْعَامِل الْمُعَيَّنِ نِصْفُ الْجُعْل؛ لأَِنَّهُ فِي الصُّوَرِ الأَْرْبَعِ عَمِل نِصْفَ الْعَمَل، وَلَمْ يَرْجِعْ لَهُ مِنْ عَمَل الْمُشَارِكِ شَيْءٌ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ أَصْلاً فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا.
ج - وَإِنْ قَصَدَ الْمُشَارِكُ الْعَمَل لِنَفْسِهِ وَلِلْعَامِل الْمُعَيَّنِ، أَوْ قَصَدَ الْعَمَل لِلْعَامِل وَالْجَاعِل مَعًا، فَلِلْعَامِل الْمُعَيَّنِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْجُعْل الْمُسَمَّى؛ لأَِنَّهُ عَمِل النِّصْفَ وَرَجَعَ لَهُ نِصْفُ عَمَل الْمُشَارِكِ؛ لأَِنَّهُ قَصَدَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ.
د - وَإِنْ قَصَدَ الْمُشَارِكُ الْعَمَل لِلْجَمِيعِ - أَيِ الْجَاعِل، وَالْعَامِل، وَنَفْسِهِ - فَلِلْعَامِل ثُلُثَا
الْجُعْل؛ لأَِنَّهُ عَمِل النِّصْفَ، وَرَجَعَ لَهُ مِنَ الْمُشَارِكِ ثُلُثُ عَمَلِهِ، وَذَلِكَ سُدُسٌ يُضَمُّ إِلَى نِصْفِ الْعَامِل.
هـ - وَلَوْ أَعَانَ الْعَامِل اثْنَانِ وَلَمْ يَقْصِدَاهُ فَلَهُ ثُلُثُ الْجُعْل، أَوْ ثَلَاثَةٌ فَلَهُ الرُّبُعُ، وَإِنْ قَصَدَ الْعَمَل لَهُ أَحَدُ الاِثْنَيْنِ، وَقَصَدَ الآْخَرُ الْجَاعِل فَلَهُ ثُلُثَاهُ وَهَكَذَا.
وَلَا شَيْءَ لِلْمُشَارِكِ بِأَيِّ حَالٍ فِي كُل مَا ذُكِرَ، لَا مِنَ الْجُعْل وَلَا مِنَ الْعَامِل؛ لأَِنَّ الْجَاعِل لَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ شَيْئًا، وَبِمِثْل هَذَا قَال الْحَنَابِلَةُ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَشْتَرِكَانِ فِي الأَْكْثَرِ مِنَ الْجُعْل الْمُسَمَّى وَجُعْل الْمِثْل.
44 -
أَمَّا إِذَا أَذِنَ الْجَاعِل لاِثْنَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ فَأَكْثَرَ، أَوْ عَمَّمَ إِذْنَهُ وَإِعْلَانَهُ لِكُل مَنْ يَعْمَل فَاشْتَرَكَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ فِي الْعَمَل مُنْذُ بِدَايَتِهِ وَتَسْلِيمِهِ لِلْجَاعِل تَامًّا، فَإِنَّهُمْ يَشْتَرِكُونَ فِي الْجُعْل الْمُسَمَّى، وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - وَإِنْ تَفَاوَتَ عَمَل كُلٍّ مِنْهُمْ؛ لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُ الْعَمَل حَتَّى يُوَزَّعَ عَلَيْهِ الْجُعْل بِالنِّسْبَةِ.
وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الأَْعْمَال الَّتِي يُمْكِنُ وُقُوعُهَا مِنْهُمْ مُجْتَمِعِينَ كَرَدِّ ضَالَّةٍ مَثَلاً، أَمَّا الأَْعْمَال الَّتِي يُمْكِنُ وُقُوعُ جَمِيعِهَا مِنْ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ، مِثْل أَنْ يَقُول الْقَائِدُ: مَنْ دَخَل هَذَا الْحِصْنَ فَلَهُ دِينَارٌ، فَدَخَلَهُ جَمْعٌ مِنَ الْمُحَارِبِينَ اسْتَحَقَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِينَارًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ
وَالْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ يُسَمَّى دَاخِلاً هُنَا.
إِذَا أَتَمَّ الْعَمَل وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْنِ الْمُعَيَّنَيْنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْل الْمُسَمَّى - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - لأَِنَّ الْجَاعِل لَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ سِوَاهُ.
وَلَمْ نَعْثُرْ لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى شَيْءٍ فِي هَذَا.
45 -
قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنْ شَرَطَ الْجَاعِل لِوَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ جُعْلاً مَجْهُولاً، كَثَوْبٍ مَثَلاً، وَشَرَطَ لِكُل وَاحِدٍ مِنَ الآْخَرِينَ دِينَارًا عَلَى رَدِّ ضَالَّةٍ مَثَلاً، فَرَدُّوهَا جَمِيعًا مَعًا، فَلِلأَْوَّل ثُلُثُ أُجْرَةِ الْمِثْل، وَلِكُل وَاحِدٍ مِنَ الآْخَرَيْنِ ثُلُثُ الدِّينَارِ الْمُسَمَّى لَهُ.
وَإِنْ قَال لِكُل وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ رُدَّهَا وَلَكَ دِينَارٌ فَرَدَّهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَلَهُ مَا شَرَطَ لَهُ كَامِلاً - وَهُوَ الدِّينَارُ - وَإِنْ رَدَّهَا اثْنَانِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ مَا شَرَطَ لَهُ، وَإِنْ رَدَّهَا الثَّلَاثَةُ فَلِكُلٍّ ثُلُثُ مَا شَرَطَ لَهُ وَهَكَذَا - وَبِمِثْل هَذَا قَال الْمَالِكِيَّةُ. وَإِنْ شَرَطَ لِوَاحِدٍ عَلَى رَدِّهَا دِينَارًا، وَشَرَطَ لآِخَرَ عَلَى رَدِّهَا دِينَارَيْنِ، فَاشْتَرَكَا فِي رَدِّهَا إِلَيْهِ، اسْتَحَقَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ الْجُعْل الْمُشْتَرَطِ لَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَرَجَّحَهُ مِنْهُمُ التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ.
46 -
وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الدِّينَارَيْنِ فَيَقْتَسِمَانِهِمَا بِنِسْبَةِ مَا سَمَّاهُ الْجَاعِل لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا، إِذْ هُوَ غَايَةُ مَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الضَّالَّةِ، فَيَأْخُذُ الأَْوَّل ثُلُثَ الدِّينَارَيْنِ، وَيَأْخُذُ الآْخَرُ ثُلُثَيْهِمَا.