الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمْ يُوجَدْ حَتَّى دَخَلَتْ سَنَةٌ أُخْرَى انْقَطَعَ الرَّجَاءُ فِيمَا مَضَى، وَبَقِيَ الرَّجَاءُ فِي الْمُسْتَقْبَل فَيُؤْخَذُ لِلسَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (1) .
الرَّابِعُ: طُرُوءُ الإِْعْسَارِ:
74 -
الإِْعْسَارُ: ضِيقُ الْحَال مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الْمَال (2) .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ تَسْقُطُ عَنِ الذِّمِّيِّ بِالإِْعْسَارِ الطَّارِئِ سَوَاءٌ أَطَرَأَ عَلَيْهِ الإِْعْسَارُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْل أَمْ بَعْدَ انْتِهَائِهِ. وَبِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَعْسَرَ أَكْثَرَ الْحَوْل؛ لأَِنَّ الإِْعْسَارَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الْجِزْيَةِ ابْتِدَاءً. (3)
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تَسْقُطُ عَنِ الذِّمِّيِّ بِالإِْعْسَارِ الطَّارِئِ لأَِنَّهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَ الإِْعْسَارَ مَانِعًا مِنْ وُجُوبِ الْجِزْيَةِ ابْتِدَاءً (4) . وَإِذَا
(1) تبيين الحقائق 3 / 279، والبدائع 9 / 4333، والاختيار 4 / 139.
(2)
الجامع لأحكام القرآن 3 / 373.
(3)
بدائع الصنائع 9 / 4331، وتبيين الحقائق 3 / 278، والخراج لأبي يوسف ص 122، وحاشية الخرشي 3 / 145، بلغة السالك 1 / 367 - 368، ومنح الجليل 1 / 758، وحاشية الدسوقي 2 / 202.
(4)
الأحكام السلطانية للماوردي ص 145، وروضة الطالبين 10 / 308، ونهاية المحتاج 8 / 88، والأم 4 / 279، ومغني المحتاج 4 / 246، وحاشية القليوبي 4 / 232، والمحلى 7 / 566.
كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا تَسْقُطُ الْجِزْيَةُ عَنْهُ، وَتُعْتَبَرُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَيُمْهَل إِلَى وَقْتِ يَسَارٍ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنَ الأَْدَاءِ. أَخْذًا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ تَسْقُطُ عَنِ الذِّمِّيِّ بِالإِْعْسَارِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْل لأَِنَّ الْجِزْيَةَ لَا تَجِبُ، وَلَا تُؤْخَذُ قَبْل كَمَال الْحَوْل، أَمَّا إِذَا كَانَ الإِْعْسَارُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْحَوْل، فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْجِزْيَةُ، وَتُصْبِحُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَيُنْظَرُ وَيُمْهَل إِلَى وَقْتِ يَسَارٍ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنَ الأَْدَاءِ. (2)
الْخَامِسُ: التَّرَهُّبُ وَالاِنْعِزَال عَنِ النَّاسِ:
75 -
إِذَا تَرَهَّبَ الذِّمِّيُّ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ، فَانْعَزَل عَنِ النَّاسِ وَانْقَطَعَ لِلْعِبَادَةِ فِي الأَْدْيِرَةِ وَالصَّوَامِعِ، فَهَل تَسْقُطُ عَنْهُ الْجِزْيَةُ
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ تَسْقُطُ بِالتَّرَهُّبِ، لأَِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الْجِزْيَةِ ابْتِدَاءً فَأَشْبَهَ الْعَجْزَ وَالْجُنُونَ، فَتَسْقُطُ عَنْهُ مُطْلَقًا وَلَوْ مُتَجَمِّدَةً عَنْ سِنِينَ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالأَْخَوَانِ (مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ) مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تَسْقُطُ بِالتَّرَهُّبِ الطَّارِئِ؛ لأَِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَانِعًا مِنْ وُجُوبِ الْجِزْيَةِ ابْتِدَاءً، فَلَا يُعْتَبَرُ عُذْرًا لإِِسْقَاطِ
(1) سورة البقرة / 280.
(2)
كشاف القناع 3 / 122.