الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى كَوْنِهَا بَدَلاً عَنِ الْعِصْمَةِ أَوْ حَقْنِ الدَّمِ بِآيَةِ الْجِزْيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى دِمَاءَ الْكُفَّارِ ثُمَّ حَقَنَهَا بِالْجِزْيَةِ، فَكَانَتِ الْجِزْيَةُ عِوَضًا عَنْ حَقْنِ الدَّمِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى كَوْنِهَا عِوَضًا عَنْ سُكْنَى الدَّارِ بِأَنَّ الْكُفَّارَ مَعَ الإِْصْرَارِ عَلَى الْكُفْرِ وَعَدَمِ الْخُضُوعِ لأَِحْكَامِ الإِْسْلَامِ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ لَا يُقَرُّونَ فِي دَارِنَا، وَلَا يَصِيرُونَ مِنْ أَهْل تِلْكَ الدَّارِ إِلَاّ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ وَأَدَاءِ الْجِزْيَةِ. فَتَكُونُ الْجِزْيَةُ بِذَلِكَ بَدَلاً عَنْ سُكْنَى دَارِ الإِْسْلَامِ.
وَقَدْ رَدَّ ابْنُ الْقَيِّمِ هَذَا الْقَوْل مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ. وَذَهَبَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ صِلَةٌ مَالِيَّةٌ تَجِبُ عَلَى أَهْل الذِّمَّةِ، وَلَيْسَتْ بَدَلاً عَنْ شَيْءٍ، فَهِيَ لَيْسَتْ بَدَلاً عَنْ حَقْنِ الدَّمِ؛ لأَِنَّ قَتْل الْكَافِرِ جَزَاءٌ مُسْتَحَقٌّ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَجُوزُ إِسْقَاطُهُ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ أَصْلاً كَالْحُدُودِ، وَلِذَا لَا تَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ الْعَاجِزِ وَتَسْقُطُ بِالْمَوْتِ قَبْل الأَْدَاءِ. وَهِيَ لَيْسَتْ بَدَلاً عَنْ سُكْنَى الدَّارِ؛ لأَِنَّ الذِّمِّيَّ يَسْكُنُ مِلْكَ نَفْسِهِ (1) .
(1) أحكام أهل الذمة 1 / 25، والمبسوط 10 / 80، أحكام القرآن 3 / 101، وحاشية البجيرمي 4 / 269، وحاشية الجمل على شرح المنهج 5 / 213.
عَقْدُ الذِّمَّةِ:
20 -
يَتَرَتَّبُ عَلَى عَقْدِ الذِّمَّةِ لُزُومُ الْجِزْيَةِ لأَِهْل الذِّمَّةِ.
فَعَقْدُ الذِّمَّةِ هُوَ: الْتِزَامُ تَقْرِيرِ الْكُفَّارِ فِي دَارِنَا وَحِمَايَتِنَا لَهُمْ، وَالذَّبِّ عَنْهُمْ بِشَرْطِ بَذْل الْجِزْيَةِ (1) .
إِجَابَةُ الْكَافِرِ إِلَى عَقْدِ الذِّمَّةِ بِالْجِزْيَةِ:
21 -
قَال النَّوَوِيُّ: إِذَا طَلَبَتْ طَائِفَةٌ عَقْدَ الذِّمَّةِ وَكَانَتْ مِمَّنْ يَجُوزُ إِقْرَارُهُمْ بِدَارِ الإِْسْلَامِ بِالْجِزْيَةِ وَجَبَتْ إِجَابَتُهُمْ مَا لَمْ تُخَفْ غَائِلَتُهُمْ، أَيْ غَدْرُهُمْ بِتَمْكِينِهِمْ مِنَ الإِْقَامَةِ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، فَلَا يَجُوزُ عَقْدُهَا لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ عَلَيْنَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآْخِرِ} . {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (2) } فَجَعَل إِعْطَاءَ الْجِزْيَةِ غَايَةً لِقِتَالِهِمْ فَمَتَى بَذَلُوهَا لَمْ يَجُزْ قِتَالُهُمْ. وَبِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَادْعُهُمْ إِلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ فَإِنْ
(1) الخراج ص 122، والفتاوى الهندية 2 / 224، والبدائع 9 / 4330، وحاشية الدسوقي 2 / 200، والكافي 1 / 479، وكفاية الأخيار 2 / 133، ورحمة الأمة للدمشقي 2 / 179، والميزان للشعراني 2 / 184، كشاف القناع 3 / 116، والإفصاح لابن هبيرة 2 / 292، والمذهب الأحمد لابن الجوزي ص 209، أحكام أهل الذمة 1 / 39.
(2)
سورة التوبة / 29.