الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِل الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (1) } فَالطَّائِفَتَانِ اللَّتَانِ أُنْزِل عَلَيْهِمَا الْكِتَابُ مِنْ قَبْلِنَا هُمَا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، كَمَا قَال ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ. وَأَمَّا صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ وَدَاوُدَ فَقَدْ كَانَتْ مَوَاعِظَ وَأَمْثَالاً لَا أَحْكَامَ فِيهَا، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَحْكَامٍ. قَال الشِّهْرِسْتَانِيُّ: أَهْل الْكِتَابِ: الْخَارِجُونَ عَنِ الْمِلَّةِ الْحَنِيفِيَّةِ، وَالشَّرِيعَةِ الإِْسْلَامِيَّةِ، مِمَّنْ يَقُول بِشَرِيعَةٍ وَأَحْكَامٍ وَحُدُودٍ وَأَعْلَامٍ. . . وَمَا كَانَ يَنْزِل عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ عليهم السلام مَا كَانَ يُسَمَّى كِتَابًا، بَل صُحُفًا (2) .
وَتَفْصِيلُهُ فِي: (يَهُودٌ)(وَنَصَارَى) .
أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ الْعَرَبِ:
27 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى قَبُول الْجِزْيَةِ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ الْعَجَمِ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَبُولِهَا مِنْ أَهْل الْكِتَابِ الْعَرَبِ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ
(1) سورة الأنعام / 156.
(2)
حاشية ابن عابدين 4 / 198، والمنتقى 2 / 172، وروضة الطالبين 10 / 304، والأحكام السلطانية للماوردي ص 143، والأحكام السلطانية للفراء ص 153، كشاف القناع 3 / 117، والمحلى 7 / 562، وجامع البيان في تفسير القرآن 8 / 69، والملل والنحل - دار المعرفة ببيروت - 1402 هـ - 1 / 208 - 210.
وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى قَبُول الْجِزْيَةِ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ الْعَرَبِ (1) . وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآْخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (2) } .
وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبِلَهَا مِنْ أَهْل الْكِتَابِ الْعَرَبِ، فَقَدْ أَخَذَهَا مِنْ نَصَارَى نَجْرَانَ، وَيَهُودِ الْيَمَنِ، وَأُكَيْدِرِ دَوْمَةِ الْجَنْدَل.
فَقَدْ رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ - بِسَنَدِهِ - عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَال: " أَوَّل مَنْ أَعْطَى الْجِزْيَةَ أَهْل نَجْرَانَ وَكَانُوا نَصَارَى (3) " وَأَهْل نَجْرَانَ عَرَبٌ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ.
وَقَدْ كَتَبَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُعَاذٍ - وَهُوَ بِالْيَمَنِ - أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُل حَالِمٍ دِينَارًا، أَوْ عَدْلَهُ مِنَ الْمَعَافِرِ (4) ، وَلَا يُفْتَنُ يَهُودِيٌّ عَنْ يَهُودِيَّتِهِ (5) .
(1) بدائع الصنائع 9 / 4329، والهداية 2 / 160، وحاشية ابن عابدين 4 / 198، وبداية المجتهد 1 / 403، والمقدمات على هامش المدونة 1 / 400، وروضة الطالبين 10 / 304، ومغني المحتاج 4 / 244، وكشاف القناع 3 / 117، والمبدع 3 / 404، والمحلى 7 / 562.
(2)
سورة التوبة / 29.
(3)
حديث: " أول من أعطى الجزية أهل. . . " سبق تخريجه ف / 9.
(4)
حديث: " كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ. . . . " سبق تخريجه ف / 9.
(5)
حديث: " ولا يفتن يهودي عن يهوديته " سبق تخريجه ف / 9.