الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَكَرَ الْمَجُوسَ فَقَال: مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ فِي أَمْرِهِمْ؟ فَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَشْهَدُ أَنِّي لَسَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْل الْكِتَابِ. (1) } .
قَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا مِنَ الْكَلَامِ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ؛ لأَِنَّ الْمُرَادَ سُنَّةُ أَهْل الْكِتَابِ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ فَقَطْ، أَيْ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ، كَمَا تُؤْخَذُ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ، وَلَا تُؤْكَل ذَبَائِحُهُمْ وَلَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ (2) .
وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ فَارِسٍ، وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ الْبَرْبَرِ (3) .
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ، وَعَمِل بِهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ رضي الله عنهم وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَلَا مُخَالِفٍ. وَقَدْ
(1) حديث: " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " أخرجه مالك في الموطأ (1 / 278 - ط عيسى الحلبي) وابن أبي شيبة في مصنفه (12 / 243 - ط الدار السلفية) والبيهقي (9 / 189 - ط دار المعرفة) من حديث عبد الرحمن بن عوف. ولكنه حديث منقطع، لأنه من طريق محمد بن علي وهو لم يدرك عمر بن الخطاب.
(2)
فتح الباري 7 / 70، والجامع لأحكام القرآن 8 / 111، ونيل الأوطار 8 / 64.
(3)
الموطأ مع شرح الزرقاني 3 / 139، وأبو عبيد: الأموال ص 45. والبربر: قوم من أهل المغرب كالأعراب في القسوة والغلظة، والجمع برابرة وهو معرب
نَقَل هَذَا الإِْجْمَاعَ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ: مِنْهُمُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ قُدَامَةَ (1) .
وَذَهَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الْمَالِكِيُّ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تُؤْخَذُ إِلَاّ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ: مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَا تُقْبَل مِنَ الْمَجُوسِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (2) } الآْيَةَ.
فَإِنَّ مَفْهُومَهَا أَنَّ غَيْرَ أَهْل الْكِتَابِ مِنَ الْمَجُوسِ وَغَيْرِهِمْ لَا يُشَارِكُونَهُمْ فِي حُكْمِ الآْيَةِ (3) .
وَذَهَبَ ابْنُ وَهْبٍ الْمَالِكِيُّ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تُقْبَل مِنَ الْمَجُوسِ الْعَرَبِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَرَبِ مَجُوسٌ إِلَاّ وَجَمِيعُهُمْ أَسْلَمَ، فَمَنْ وُجِدَ مِنْهُمْ بِخِلَافِ الإِْسْلَامِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ.
وَقَدْ نُسِبَ هَذَا الْمَذْهَبُ أَيْضًا إِلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ (4) .
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (مَجُوسٌ) .
قَبُول الْجِزْيَةِ مِنَ الصَّابِئَةِ:
30 -
ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الصَّابِئَةَ مِنْ أَهْل
(1) المغني 8 / 498، والإجماع لابن المنذر ص 59.
(2)
سورة التوبة / 29.
(3)
أحكام القرآن لابن العربي 2 / 921، وشرح الترمذي 7 / 85، والقوانين الفقهية ص 175.
(4)
أحكام القرآن لابن العربي 2 / 921، وشرح سنن الترمذي 7 / 85، والجامع لأحكام القرآن، 8 / 110، ومعالم السنن 3 / 36، والمغني 8 / 499، والطبري: اختلاف الفقهاء ص 203.