الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُشْتَرِيَ بِبُخَارَى، يَجِبُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ بِعِيَارِ أَصْفَهَانَ. فَيُعْتَبَرُ مَكَانُ الْعَقْدِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ:
وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ مَالِيَّةُ الدِّينَارِ مُخْتَلِفَةً فِي الْبَلَدَيْنِ، وَتَوَافَقَ الْعَاقِدَانِ عَلَى أَخْذِ قِيمَةِ الدِّينَارِ لِفَقْدِهِ أَوْ كَسَادِهِ فِي الْبَلْدَةِ الأُْخْرَى، فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَهُ بِأَخْذِ قِيمَتِهِ الَّتِي فِي بُخَارَى إِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ الَّتِي فِي أَصْفَهَانَ.
وَهَذَا قَوْل الْحَنَفِيَّةِ.
وَاعْتِبَارُ مَكَانِ الْعَقْدِ قَال بِهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ.
وَكَمَا يُعْتَبَرُ مَكَانُ الْعَقْدِ يُعْتَبَرُ زَمَنُهُ أَيْضًا، فَلَا يُعْتَبَرُ زَمَنُ الإِْيفَاءِ؛ لأَِنَّ الْقِيمَةَ فِيهِ مَجْهُولَةٌ وَقْتَ الْعَقْدِ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ: لَوْ بَاعَهُ إِلَى أَجَلٍ مُعَيَّنٍ، وَشَرَطَ أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُشْتَرِي أَيَّ نَقْدٍ يَرُوجُ يَوْمَئِذٍ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا. (1)
زِيَادَةُ الثَّمَنِ وَالْحَطُّ مِنْهُ:
25 -
بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ قَدْ يَرَى الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَغْبُونٌ فِي الصَّفْقَةِ، أَوْ يَرَى تَعْدِيلَهَا لِمَصْلَحَةِ الآْخَرِ لِسَبَبٍ مَا، فَيَجُوزُ الزِّيَادَةُ أَوْ الْحَطُّ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ اتِّفَاقًا.
(1) البحر الرائق 5 / 303، ورد المحتار 4 / 536، ومغني المحتاج للشربيني 3 / 17، والمدونة 4 / 222
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ، هَل يَلْتَحِقَانِ بِأَصْل الْعَقْدِ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ اتِّجَاهَاتٍ:
26 -
الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ عَدَا زُفَرَ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ وَالْحَطَّ مِنْهُ أَوْ الزِّيَادَةَ فِي الْمَبِيعِ تَلْحَقُ بِالْعَقْدِ وَتَأْخُذُ حُكْمَ الثَّمَنِ.
فَإِذَا اشْتَرَى عَيْنًا بِمِائَةٍ ثُمَّ زَادَ عَشْرَةً مَثَلاً، أَوْ بَاعَ عَيْنًا بِمِائَةٍ، ثُمَّ زَادَ عَلَى الْمَبِيعِ شَيْئًا، أَوْ حَطَّ بَعْضَ الثَّمَنِ جَازَ وَالْتَحَقَتِ الزِّيَادَةُ أَوْ الْحَطُّ بِأَصْل الْعَقْدِ. (1)
وَيَتَعَلَّقُ الاِسْتِحْقَاقُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، مِنَ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ وَالزِّيَادَةِ، فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ إِلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الزِّيَادَةَ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْنَعَ الزِّيَادَةَ، وَلَا مُطَالَبَةَ الْبَائِعِ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْل إِعْطَائِهَا. وَلَوْ سَلَّمَهَا ثُمَّ اسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ رَجَعَ بِهَا مَعَ أَصْل الثَّمَنِ.
وَفِي صُورَةِ الْحَطِّ: لِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إِذَا سَلَّمَ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْحَطِّ.
فَالزِّيَادَةُ وَالْحَطُّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ يَلْتَحِقَانِ بِأَصْل الْعَقْدِ. (2)
27 -
وَاحْتَجُّوا بِمَا يَلِي:
1 -
أَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ بِالْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ غَيَّرَا
(1) الهدية مع الفتح 5 / 270، وتبيين الحقائق 4 / 83، والبحر الرائق 6 / 129، ورد المحتار 5 / 154، والاختيار 1 / 181، وبدائع الصنائع 7 / 3281، والدسوقي 3 / 35، و 1165، وهامش الفروق 3 / 290
(2)
فتح القدير مع الهداية 5 / 270
الْعَقْدَ بِتَرَاضِيهِمَا مِنْ وَصْفٍ مَشْرُوعٍ إِلَى وَصْفٍ مَشْرُوعٍ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ الْمَشْرُوعَ إِمَّا خَاسِرٌ، أَوْ رَابِحٌ، أَوْ عَدْلٌ، وَالزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ تَجْعَل الْخَاسِرَ عَدْلاً، وَالْعَدْل رَابِحًا، وَالْحَطُّ يَجْعَل الرَّابِحَ عَدْلاً، وَالْعَدْل خَاسِرًا، وَكَذَلِكَ الزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ.
2 -
لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ بِرَفْعِ أَصْل الْعَقْدِ بِالإِْقَالَةِ، فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهُمَا وِلَايَةُ التَّغْيِيرِ مِنْ وَصْفٍ إِلَى وَصْفٍ؛ لأَِنَّ التَّصَرُّفَ فِي صِفَةِ الشَّيْءِ أَهْوَنُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي أَصْلِهِ، وَصَارَ كَمَا إِذَا كَانَ لأَِحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ لَهُمَا خِيَارُ الشَّرْطِ، فَأَسْقَطَاهُ أَوْ شَرَطَاهُ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَصَحَّ إِلْحَاقُ الزِّيَادَةِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ. وَإِذَا صَحَّ يَلْتَحِقُ بِأَصْل الْعَقْدِ، لأَِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ كَالْوَصْفِ لَهُ، وَوَصْفُ الشَّيْءِ يَقُومُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ لَا بِنَفْسِهِ، فَالزِّيَادَةُ تَقُومُ بِالثَّمَنِ لَا بِنَفْسِهَا.
3 -
ثَبَتَتْ صِحَّةُ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ شَرْعًا فِي الْمَهْرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} (1) فَبَيَّنَ أَنَّهُمَا إِذَا تَرَاضَيَا بَعْدَ تَقْدِيرِ الْمَهْرِ عَلَى حَطِّ بَعْضِهِ أَوْ زِيَادَتِهِ جَازَ. فَهَذَا نَظِيرُهُ.
4 -
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال لِلْوَازِنِ: زِنْ وَأَرْجِحْ (2) وَهَذَا زِيَادَةٌ فِي الثَّمَنِ، وَقَدْ نُدِبَ عليه الصلاة والسلام
(1) سورة النساء / 24
(2)
حديث: " زن وأرجح " أخرجه النسائي (7 / 284 - ط المكتبة التجارية) والحاكم (4 / 192 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث سويد بن قيس، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي)
إِلَيْهَا بِالْقَوْل وَالْفِعْل، وَأَقَل أَحْوَال الْمَنْدُوبِ إِلَيْهِ الْجَوَازُ. (1)
28 -
وَاشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ لِجَوَازِ الزِّيَادَةِ مَا يَأْتِي:
1 -
الْقَبُول مِنَ الآْخَرِ، حَتَّى لَوْ زَادَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَقْبَل الآْخَرُ لَمْ تَصِحَّ الزِّيَادَةُ؛ لأَِنَّ الزِّيَادَةَ تَمْلِيكٌ.
2 -
اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ، حَتَّى لَوِ افْتَرَقَا قَبْل الْقَبُول بَطَلَتِ الزِّيَادَةُ؛ لأَِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ إِيجَابُ الْبَيْعِ فِيهِمَا، فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَبُول فِي الْمَجْلِسِ كَمَا فِي أَصْل الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ.
29 -
وَأَمَّا الْحَطُّ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْقَبُول؛ لأَِنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الثَّمَنِ بِالإِْسْقَاطِ وَالإِْبْرَاءِ عَنْ بَعْضِهِ، فَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ، إِلَاّ أَنَّهُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ كَالإِْبْرَاءِ عَنِ الثَّمَنِ كُلِّهِ.
وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَائِمًا، قَابِلاً لِلتَّصَرُّفِ ابْتِدَاءً، حَتَّى لَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ، وَيَصِحُّ الْحَطُّ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ؛ لأَِنَّهُ إِسْقَاطٌ مَحْضٌ، وَالزِّيَادَةُ إِثْبَاتٌ. (2)
29 م - الاِتِّجَاهُ الثَّانِي: مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ أَوِ الْحَطَّ مِنْهُ إِنْ كَانَ
(1) العناية على الهداية 5 / 271، وبدائع الصنائع 7 / 3283، والوازن هو الذي يزن الثمن ليدفعه للبائع
(2)
العناية على الهداية 5 / 271، وبدائع الصنائع 7 / 3283، والوازن هو الذي يزن الثمن ليدفعه للبائع