الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِنْدَ أَهْل الْعِلْمِ، وَقَال أَبُو الزِّنَادِ: تِلْكَ السُّنَّةُ (1) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَهُوَ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا الْخَلَاّل أَنَّهُ يُسَنُّ بَعْدَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ جِلْسَةٌ لِلاِسْتِرَاحَةِ فِي كُل رَكْعَةٍ تَقُومُ عَنْهَا، لِمَا رَوَى مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْلِسُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَبْل أَنْ يَنْهَضَ فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى (2) .
وَصِفَةُ الْجُلُوسِ هُنَا كَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَدْرًا وَهَيْئَةً، وَيُكْرَهُ تَطْوِيلُهُ، وَهَذَا يُخَالِفُ قَوْل الرَّافِعِيِّ:" أَنَّهَا خَفِيفَةٌ " وَقَوْل النَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ " أَنَّهَا خَفِيفَةٌ جِدًّا ".
ثُمَّ قَطَعَ الرَّافِعِيُّ: بِأَنَّهَا لِلْفَصْل بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ، وَحَكَى النَّوَوِيُّ وَجْهًا أَنَّهَا: مِنَ الثَّانِيَةِ، وَهُنَاكَ وَجْهٌ ثَالِثٌ أَبْدَاهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَهُوَ: أَنَّهَا مِنَ الرَّكْعَةِ الأُْولَى (3) .
(1) ابن عابدين 1 / 340، والقوانين الفقهية / 68، ونهاية المحتاج 1 / 518، ورحمة الأمة في اختلاف الأئمة / 35، والمنثور في القواعد 2 / 10، 11، والأذكار / 56 ط دار الكتاب العربي، والمغني 1 / 530، والإنصاف 2 / 71، 72، 73.
(2)
حديث مالك بن الحويرث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض في الركعة الأولى "، أخرجه البخاري (الفتح 2 / 163 - ط السلفية) .
(3)
نهاية المحتاج 1 / 518، والأذكار / 56، والمنثور في القواعد للزركشي 2 / 10، 11، والمغني 1 / 529، 530، والإنصاف 2 / 71 وما بعدها
وَمِنْ خَصَائِصِ جِلْسَةِ الاِسْتِرَاحَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُول بِهَا - أَنَّهَا لَا يَدْعُو فِيهَا بِشَيْءٍ (1) .
الْجُلُوسُ فِي التَّشَهُّدِ:
13 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالطَّحَاوِيُّ وَالْكَرْخِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْجُلُوسَ فِي التَّشَهُّدِ الأَْوَّل سُنَّةٌ، لأَِنَّهُ يَسْقُطُ بِالسَّهْوِ فَأَشْبَهَ السُّنَنَ.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ وَاجِبٌ حَتَّى يَجِبَ بِتَرْكِهِ سَاهِيًا سُجُودُ السَّهْوِ، وَلَا يَجِبُ إِلَاّ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ (2) .
وَأَمَّا فِي التَّشَهُّدِ الأَْخِيرِ، فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْجُلُوسَ فِيهِ فَرْضٌ، وَقَدْرُهُ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ إِلَى " عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ "، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ، أَوْ قَضَيْتَ هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ (3) عَلَّقَ التَّمَامَ بِالْقَعْدَةِ (4) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْجُلُوسَ لِلتَّشَهُّدَيْنِ سُنَّةٌ،
(1) المنثور في القواعد للزركشي 2 / 10، 11.
(2)
ابن عابدين 1 / 301، والاختيار 1 / 53، 54، والقوانين الفقهية / 69، وجواهر الإكليل 1 / 48، وحاشية الدسوقي 1 / 249، ونهاية المحتاج 1 / 520، 521، والمغني 1 / 532، 533، 539.
(3)
حديث ابن مسعود في وصف التشهد: " فإذا فعلت ذلك أو. . . ". أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (1 / 162 - ط المصطفائي - باكستان) وأصله في أبي داود (1 / 593 - تحقيق عزت عبيد دعاس) .
(4)
الاختيار لتعليل المختار 1 / 54، وابن عابدين 1 / 301.
قَال ابْنُ جُزَيٍّ: وَفِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجُلُوسَ الأَْخِيرَ وَاجِبٌ، وَالأَْصَحُّ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْهُ مِقْدَارُ السَّلَامِ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْجُلُوسَ فِي الْقَعْدَةِ الأَْخِيرَةِ رُكْنٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عُمَرُ وَابْنُهُ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ رضي الله عنهم، وَالْحَسَنُ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُنَّةٌ (2) .
وَأَمَّا هَيْئَةُ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ فَالاِفْتِرَاشُ لِلرَّجُل، وَالتَّوَرُّكُ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْقَعْدَةِ الأُْولَى أَمِ الأَْخِيرَةِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ هَيْئَةُ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الأَْخِيرِ التَّوَرُّكُ. وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْقُعُودِ هَيْئَةٌ لِلإِْجْزَاءِ، فَكَيْفَمَا قَعَدَ فِي جَلَسَاتِهِ أَجْزَأَهُ، لَكِنَّ السُّنَّةَ فِي جُلُوسِ آخِرِ الصَّلَاةِ التَّوَرُّكُ وَفِي أَثْنَائِهَا الاِفْتِرَاشُ.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ هَيْئَةَ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الأَْوَّل بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل هِيَ الاِفْتِرَاشُ، وَفِي الثَّانِي التَّوَرُّكُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ تَجْلِسَ مُتَرَبِّعَةً، لأَِنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَأْمُرُ النِّسَاءَ أَنْ يَتَرَبَّعْنَ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ أَنْ تَسْدُل رِجْلَيْهَا فَتَجْعَلَهُمَا فِي جَانِبِ يَمِينِهَا، وَالْمَنْصُوصُ
(1) القوانين الفقهية لابن جزي / 69، وجواهر الإكليل 1 / 48، وحاشية الدسوقي 1 / 249.
(2)
نهاية المحتاج 1 / 520، 521، والمغني 1 / 532، 533، 539، والإنصاف 2 / 113.
عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ السَّدْل أَفْضَل، لأَِنَّهُ غَالِبُ فِعْل عَائِشَةَ رضي الله عنها، وَلأَِنَّهُ أَشْبَهَ بِجِلْسَةِ الرَّجُل (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ يُسَنُّ التَّوَرُّكُ فِي كُل تَشَهُّدٍ يُسَلَّمُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَانِيًا، كَتَشَهُّدِ الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ، لأَِنَّهُ تَشَهُّدٌ يُسَنُّ تَطْوِيلُهُ فَسُنَّ فِيهِ التَّوَرُّكُ كَالثَّانِي.
وَلَا يَتَوَرَّكُ الرَّجُل عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَاّ فِي التَّشَهُّدِ الأَْخِيرِ مِنْ صَلَاةٍ فِيهَا تَشَهُّدَانِ. وَاسْتَدَل الْحَنَابِلَةُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: فِي كُل رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ، وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى (2) ، وَلأَِنَّ التَّشَهُّدَ الثَّانِيَ إِنَّمَا تَوَرَّكَ فِيهِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ التَّشَهُّدَيْنِ، وَمَا لَيْسَ فِيهِ إِلَاّ تَشَهُّدٌ وَاحِدٌ لَا اشْتِبَاهَ فِيهِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْفَرْقِ (3) .
(1) ابن عابدين 1 / 321، 341، والقوانين الفقهية / 69، وجواهر الإكليل 1 / 51، وحاشية الدسوقي 1 / 249، ونهاية المحتاج 1 / 520، 521، وروضة الطالبين 1 / 261، والمغني 1 / 532، 539، وكشاف القناع 1 / 363، 364، والإنصاف 2 / 75، 89، 113 وما بعدها.
(2)
حديث: " في كل ركعتين: التحية، وكان يفرش رجله اليسرى. . . ". أخرجه مسلم (1 / 358 - ط الحلبي) من حديث عائشة.
(3)
نهاية المحتاج 1 / 520 وما بعدها، وروضة الطالبين 1 / 261، والمغني 1 / 540.