الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعْدُومٌ وَكُل ذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ.
غَيْرَ أَنَّ الْفَتْوَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ بِالْجَوَازِ لِلْحَاجَةِ، وَقِيَاسًا عَلَى الْمُضَارَبَةِ.
وَمَنَعَ الشَّافِعِيَّةُ كَذَلِكَ الْمُزَارَعَةَ بِعَقْدٍ مُنْفَرِدٍ. أَمَّا إِذَا أُدْخِلَتْ مَعَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَ النَّخْل بَيَاضٌ، فَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ عِنْدَهُمْ، وَلَكِنْ بِشُرُوطٍ. (1)
وَهُنَاكَ شُرُوطٌ لِعَقْدَيِ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَتَفْصِيلَاتٌ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (مُزَارَعَةٌ، مُسَاقَاةٌ، مُعَامَلَةٌ، مُخَابَرَةٌ) .
سَادِسًا: سَرِقَةُ الثِّمَارِ:
24 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الشَّجَرِ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ (2) .
(1) حاشية ابن عابدين 5 / 174 وما بعدها، 181 وما بعدها، وتبيين الحقائق 5 / 278 وما بعدها 284، وحاشية الدسوقي 3 / 372، 539، ومواهب الجليل 5 / 176، 372، والقوانين الفقهية 277 وما بعدها، ومغني المحتاج 2 / 322 وما بعدها، وكشاف القناع 3 / 532
(2)
حديث: " لا قطع في ثمر ولا كثر. . . " أخرجه أبو داود (4 / 549 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث رافع بن خديج، ونقل ابن حجر في التلخيص (4 / 65 - ط شركة الطباعة الفنية) عن الطحاوي أنه قال:" هذا الحديث تلقت العلماء متنه بالقبول "
وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: فِيمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلاً مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي حَرِيسَةِ الْجَبَل؟ فَقَال: هِيَ مِثْلُهَا وَالنَّكَال، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَاشِيَةِ قَطْعٌ إِلَاّ فِيمَا آوَاهُ الْمُرَاحُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ، فَفِيهِ قَطْعُ الْيَدِ، وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ. قَال: يَا رَسُول اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ؟ قَال: هُوَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ وَالنَّكَال، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ قَطْعٌ، إِلَاّ فِيمَا آوَاهُ الْجَرِينُ، فَمَا أُخِذَ مِنَ الْجَرِينِ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ الْقَطْعُ، وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ (1) . وَلأَِنَّهُ لَا إِحْرَازَ فِيمَا عَلَى الشَّجَرِ ".
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إِلَى الْقَطْعِ، وَهَذَا الْقَوْل مُخَرَّجٌ لِلَّخْمِيِّ عَلَى السَّرِقَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي الدَّارِ، وَأَمَّا الْقَوْل الأَْوَّل فَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ. ثُمَّ إِنَّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ مَحَلُّهُمَا ثِمَارُ الشَّجَرِ الْمُعَلَّقِ خِلْقَةً إِنْ كَانَ عَلَيْهِ غَلْقٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَلْقٌ فَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَتِهِ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ اتِّفَاقًا إِنْ قُطِعَ ثُمَّ عُلِّقَ وَلَوْ بِغَلْقٍ.
(1) حديث: عبد الله بن عمرو. أخرجه النسائي (8 / 86 - ط المكتبة التجارية) وإسناده حسن.
وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيَّةُ الأَْشْجَارَ الَّتِي عَلَيْهَا حَارِسٌ يُرَاقِبُهَا مُحْرَزَةً، وَكَذَا الأَْشْجَارُ إِنْ اتَّصَلَتْ بِجِيرَانٍ يُرَاقِبُونَهَا عَادَةً، وَمِنْ ثَمَّ يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى سَارِقِ ثِمَارِهَا عِنْدَهُمْ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ أَشْجَارَ أَفْنِيَةِ الدُّورِ مُحْرَزَةٌ وَإِنْ كَانَتْ بِلَا حَارِسٍ.
ثُمَّ إِنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَحْرَزَ الثِّمَارَ وَجَبَ فِيهِ الْقَطْعُ، فَلَوْ وُضِعَ الثَّمَرُ فِي جَرِينٍ وَنَحْوِهِ عَلَيْهِ بَابٌ أَوْ حَافِظٌ فَهِيَ مُحْرَزَةٌ عَلَى سَارِقِهَا الْقَطْعُ.
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمَالِكِيَّةُ الْبَابَ أَوْ الْحَافِظَ، فَيُقْطَعُ عِنْدَهُمْ إِنْ سَرَقَهُ مِنَ الْجَرِينِ مُطْلَقًا. كَمَا أَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا جُذَّ الثَّمَرُ وَوُضِعَ فِي مَحَلٍّ اعْتُبِرَ وَضْعُهُ فِيهِ قَبْل وُصُولِهِ إِلَى الْجَرِينِ ثُمَّ سَرَقَ مِنْهُ سَارِقٌ فَفِيهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ:
الأَْوَّل: يُقْطَعُ مُطْلَقًا: وَالثَّانِي: لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ: يُقْطَعُ إِنْ كُدِّسَ أَيْ يُجْمَعُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى يَصِيرَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ بِتَكْدِيسِهِ أَشْبَهَ مَا فِي الْجَرِينِ، ثُمَّ إِنَّ مَحَل هَذِهِ الأَْقْوَال إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَارِسٌ، وَإِلَاّ قُطِعَ قَوْلاً وَاحِدًا، وَأَوْجَبَهُ الْحَنَابِلَةُ عَلَى سَارِقِ الثِّمَارِ الْمُعَلَّقِ أَنْ يَضْمَنَ عِوَضَهُ مَرَّتَيْنِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَال: سُئِل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ. فَقَال: مَنْ أَصَابَ مِنْهُ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ
وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَمَنْ سَرَقَ دُونَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ وَلأَِنَّ الثِّمَارَ فِي الْعَادَةِ تَسْبِقُ الْيَدُ إِلَيْهَا، فَجَازَ أَنْ تُغَلَّظَ قِيمَتُهَا عَلَى سَارِقِهَا رَدْعًا لَهُ وَزَجْرًا بِخِلَافِ غَيْرِهَا (1)
(1) بدائع الصنائع 7 / 73، وحاشية ابن عابدين 3 / 198، وحاشية الدسوقي 4 / 339، 344، والقوانين الفقهية 352، وحواشي الشرواني وابن القاسم العبادي على تحفة المحتاج 9 / 135، وشرح روض الطالب، وكشاف القناع 6 / 139، 140