الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يعرفني فقلت له: لفظتني البلاد إليك، ودلني فضلك عليك؛ فإما قتلتني فاسترحت، وإما رددتني سالماً فسلمت «1» ؛ فقال:[ومن أنت؟ فعرفته نفسي، فقال «2» ] :
مرحباً بك، [ما «3» ] حاجتك؟ فقلت له: إن الحرم اللواتي أنت أولى [الناس «4» ] بهن وأقربهم إليهن قد خفن تخوفنا ومن خاف خيف عليه. قال: فبكى سليمان كثيراً ثم قال: بل يحقن الله دمك ويوفر مالك ويحفظ حرمك؛ ثم كتب إلى السفاح:
يا أمير المؤمنين، إنه قد «5» دفت دافة من بني أمية علينا وإنا إنما قتلناهم على عقوقهم، لا على أرحامهم، فإننا يجمعنا وإياهم عبد مناف؛ فالرحم تبل «6» ولا تقتل وترفع ولا توضع؛ فإن رأى أمير المؤمنين أن يهبهم لي فليفعل، وإن فعل فليجعل كتاباً عاماً إلى البلدان شكر الله تعالى على نعمه. فأجابه إلى ما سأل. وكان هذا أول أمان لبني أمية ودخل فيه صاحب الترجمة وغيره.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 152]
السنة الأولى من ولاية عبد الله بن عبد الرحمن على مصر وهي سنة اثنتين وخمسين ومائة- فيها حج بالناس الخليفة أبو جعفر المنصور. وفيها وثب الخوارج ببست «7» على عاملها معن بن زائدة الشيباني فقتلوه لجوره وعسفه. وفيها غزا حميد بن قحطبة كابل «8» وولاه المنصور إقليم خراسان. وفيها ولي البصرة يزيد بن
المنصور «1» . وفيها توفي «2» معن بن زائدة بن عبد الله بن زائدة بن مطر بن شريك الشيباني الأمير أبو الوليد وقيل أبو يزيد. كان أحد الأجواد وكان شجاعاً مقداماً ممدحاً.
وحكاياته في الجود والكرم مشهورة. وكان أولاً مع ابن هبيرة ثم اختفى حتى كانت وقعة الراوندية مع المنصور المقدم ذكرها؛ فلما كانت الوقعة خرج معن وقاتل بين يدي المنصور قتالاً عظيماً، فولاه المنصور اليمن ثم سجستان؛ وقيل: إن معناً دخل مرة على الخليفة أبي جعفر المنصور: فقال له المنصور: هيه يا معن! تعطي مروان ابن أبي حفصة مائة ألف درهم على قوله:
معن بن زائدة الذي زيدت به
…
شرفاً على شرف بنو شيبان
فقال: كلا يا أمير المؤمنين، إنما أعطيته على قوله في هذه القصيدة:
ما زلت يوم الهاشمية «3» معلنا
…
بالسيف دون خليفة الرحمن
فمنعت حوزته وكنت وقاءه
…
من وقع كل مهند وسنان
فقال: أحسنت يا معن، ما أكثر وقوع الناس في قومك! فقال: يا أمير المؤمنين:
إن العرانين تلقاها محسدة
…
ولا ترى للئام الناس حسادا
ودخل عليه يوماً وقد أسن فقال: كبرت يا معن، فقال: في طاعتك يا أمير المؤمنين؛ قال: وإنك لجلد [قال «4» ] : على أعدائك يا أمير المؤمنين؛ قال:
وفيك بقية، قال: هي لك يا أمير المؤمنين. وعرض هذا الكلام على عبد الرحمن ابن يزيد»
زاهد أهل البصرة فقال: ويح هذا! ما ترك لربه شيئاً.