الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفضل، ثم عاد واستثنى الفضل ثم دعا يحيى بن خالد بدعوات أخر، وكان الفضل عنده مقدماً على جعفر فإنه كان الأسن، فلما انصرف من الحج هو وأولاده ووصلوا إلى الأنبار نكبهم الرشيد، ولما أرسل للقبض على جعفر توجه إليه مسرور ومعه جماعة وجعفر فى لهوه ومغنّيه «1» يغنيه قوله:
فلا تبعد فكل فتى سيأتي
…
عليه الموت يطرق أو يغادي
وكل ذخيرة لابد يوماً
…
وإن كرمت «2» تصير الى نفاد
قال مسرور: فقلت له: يا جعفر، الذي جئت له هو والله ذاك قد طرقك، فأجب أمير المؤمنين؛ فوقع على رجلي يقبلها وقال: حتى أدخل وأوصي! فقلت:
أما الدخول فلا سبيل إليه، وأما الوصية فاصنع ما شئت، فأوصى. وأتيت الرشيد به فقال: ائتني برأسه، فأتيته به.
[ما وقع من الحوادث سنة 184]
السنة الأولى من ولاية الليث بن الفضل على مصر وهي سنة أربع وثمانين ومائة- فيها ولى الرشيد حماداً البربري إمرة مكة واليمن كله، وولى داود بن يزيد بن حاتم المهلبي السند، وولى ابن الأغلب المغرب، وولى مهرويه الرازي طبرستان. وفيها طلب أبو الخصيب الخارج بخراسان الأمان فأمنه علي بن عيسى بن ماهان وأكرمه. وفيها سار أحمد بن هارون الشيباني فأغار على ممالك الروم فغنم وسلم. وفيها توفي أحمد ابن الخليفة هارون الرشيد الشاب الصالح، كان قد ترك الدنيا وخرج على وجهه وتزهد وصار يعمل بالأجرة ولا يعلم به أحد، وكان أكبر أولاد الرشيد، وأمه أم ولد؛ ولم يزل أحمد هذا منقطعا إلى الله تعالى حتى مات ولم يعلم به أحد؛ وكان أحمد هذا
يعرف بالسبتي «1» ، وأحمد هذا خفي عن كثير من الناس، ومن الناس من يظنه البهلول الصالح ويقول: البهلول كان ابن الرشيد، وليس هو كذلك، وقد تقدم ذكر البهلول.
وأحمد هذا هو ابن الرشيد، وله أيضاً حكايات كثيرة في الزهد والصلاح. على أن بعض أهل التاريخ ينكرون ذلك بالكلية، والله أعلم بحقيقة ذلك. وفيها توفي محمد بن يوسف بن معدان أبو عبد الله الأصبهاني؛ كان عبد الله بن المبارك يسميه عروس الزهاد وكان له كرامات وأحوال. وفيها توفي المعافى بن عمران أبو مسعود الموصلي الأزدي، رحل البلاد في طلب الحديث وجالس العلماء وجمع بين العلم والورع والسخاء والزهد ولزم سفيان الثوري وتفقه به وتأدب بآدابه، فكان يقول له: أنت معافى كاسمك.
الذين ذكرهم الذهبي في الوفيات في هذه السنة، قال: وفيها توفي إبراهيم بن سعد الزهري في قول، وإبراهيم بن أبي يحيى المدنىّ، وحميد بن الأسود، وصدقة ابن خالد في قول، وعبد الله بن عبد العزيز الزاهد العمري، وعبد الله بن مصعب الزبيري، وعبد الرحيم بن سليمان الرازي «2» ، وعثمان بن عبد الرحمن الجمحي في قول، وعبد السلام بن شعيب بن الحبحاب، وعبد العزيز بن أبي حازم في قول، وعلي بن غراب القاضي، ومحمد بن يوسف الأصبهاني الزاهد، ومروان بن شجاع الجزري، ويوسف بن الماجشون قاله البخارىّ، وأبو أميّة بن يعلى قاله خليفة.