الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصر وغيرهم؛ فاستفحل أمره بهم وقويت شوكته، وأخرج من كان بمصر من أصحاب العباس وابنه عبد الله، وتم أمره إلى أن قدم العباس بنفسه إلى مدينة بلبيس فلم يقدر على دخول مصر، ووقع له مع العباس أمور وحروب، إلى أن دس عليه المطلب هذا سماً فمات العباس منه، كما ذكرناه في ترجمته. ولما بلغ المأمون ذلك لم يجد بداً من أن يقره على إمرة مصر لشغله بقتال أخيه الأمين. فاستمر المطلب هذا على إمرة مصر إلى أن تم أمر المأمون في الخلافة وثبتت قدمه فعزله «1» عنها بالسري ابن الحكم في مستهل شهر رمضان سنة مائتين. وكان المطلب قد ولى على شرطته أحمد بن حوي «2» ، ثم عزله بهبيرة بن هاشم. فلما قدم السري بن الحكم إلى نحو مصر لم يطق المطلب هذا مدافعته عنها لكثرة جيوش السري وجموعه، فشاور أصحابه فأشاروا عليه بالثبات والقتال، فجمع هو أيضاً جمعاً هائلاً وقام بنصرته غالب جند مصر؛ والتقى مع السري وقاتله غير مرة، وقتل بين الطائفتين خلائق، حتى كانت الهزيمة على المطلب وأصحابه، وخرج هارباً من مصر إلي نحو مكة. ودافع الجند وأهل مصر عن نفوسهم حتى أمنهم السري، ودخل إلى مصر واستولى عليها. فكان حكم المطلب في هذه المرة الثانية على مصر سنة واحدة وسبعة أشهر. وقال صاحب البغية: وثمانية أشهر.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 199]
السنة التي حكم في أولها العباس ثم المطلب بن عبد الله على مصر وهي سنة تسعة وتسعين ومائة- فيها قدم الحسن بن سهل من عند الخليفة المأمون إلى بغداد وفرق عماله في البلاد، ثم جهز أزهر بن زهير لقتال الهرش الخارجي في المحرم؛ فقتل
الهرش المذكور. وفيها في جمادى الآخرة خرج بالكوفة محمد بن إبراهيم بن طباطبا- واسم طباطبا إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب- يدعو إلى الرضى «1» من آل محمد صلى الله عليه وسلم، وكان القائم بأمره أبو السرايا السري بن منصور الشيباني، فهاجت الفتن وأسرع الناس إلى ابن طباطبا واستوسقت «2» له الكوفة؛ فجهز الحسن بن سهل لحربه زهير بن المسيب في عشرة آلاف، فالتقوا فانهزم زهير بن المسيب واستباحوا عسكره. فلما كان من الغد أصبح محمد بن إبراهيم المذكور ميتاً فجاءة، فأقام أبو السرايا في الحال شاباً أمرد اسمه محمد بن محمد بن زيد من العلويين، ثم جهز له الحسن جيشاً آخر وآخر. ووقع لأبي السرايا هذا مع عساكر الحسن بن سهل أمور ووقائع يأتي ذكر بعضها في محلها إن شاء الله تعالى. وفيها توفي سليمان بن أبي جعفر المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، الأمير أبو أيوب الهاشمي العباسي أمير دمشق وغيرها، كان حازماً عاقلاً جواداً ممدحاً. وفيها توفي علي بن بكار أبو الحسن البصري، كان إماماً عالماً زاهداً، انتقل من البصرة فنزل المصيصة فأقام مرابطاً، وكان صاحب كرامات واجتهاد. وفيها توفي عمارة ابن حمزة بن مالك بن يزيد بن عبد الله مولى العباس بن عبد الملك، كان أحد الكتاب البلغاء الأجواد، وكان ولاه أبو جعفر المنصور خراج البصرة، وكان فاضلاً بليغاً فصيحاً، آلا أنه كان فيه تيه شديد يضرب به المثل، حتى إنه كان يقال: أتيه من عمارة؛ وله في التيه والكرم حكايات كثيرة.