الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومحمد بن عائذ الكاتب، والوزير محمد بن عبد الملك بن الزيات، ويحيى بن أيّوب المقابرى، ويحيى بن معين، ويزيد بن موهب الرّملىّ «1» .
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم ثلاثة أذرع وأربعة عشر إصبعا، مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعا وعشرون إصبعا.
ذكر ولاية حاتم بن هرثمة على مصر
هو حاتم بن هرثمة بن نصر «2» الجيلىّ أمير مصر، وليها باستخلاف أبيه له بعد موته فى الثالث والعشرين من شهر رجب سنة أربع وثلاثين ومائتين على الصلاة؛ وأرسل كاتب الأمير إيتاخ التركىّ المعتصمىّ الذي إليه أمر مصر فى ولايته عليها مكان أبيه. وسكن المعسكر على عادة أمراء مصر. وجعل على شرطته محمد بن سويد.
وأخذ فى إصلاح أحوال الديار المصرية؛ وبينما هو فى ذلك ورد عليه كتاب الأمير إيتاخ بصرفه عن إمرة مصر وتولية علىّ بن يحيى الأرمنىّ ثانيا على مصر، وكان ذلك فى يوم الجمعة لست خلون من شهر رمضان سنة أربع وثلاثين ومائتين المذكورة. فكانت ولاية حاتم هذا على مصر من يوم مات أبوه شهرا واحدا وثلاثة عشر يوما. وكان حاتم هذا جليلا نبيلا، وعنده معرفة وحسن تدبير، إلا أنه لم يحسن أمره مع إيتاخ، لطمع كان فى إيتاخ التركىّ الذي كان اليه أمر مصر بعد أشناس، وكلاهما كان تركيّا. ولم أقف على وفاة حاتم بن هرثمة هذا اهـ.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 234]
السنة التى حكم فى أوّلها الى رجب هرثمة بن نصر، ومن رجب الى شهر رمضان ابنه حاتم بن هرثمة، ومن رمضان الى آخرها علىّ بن يحيى الأرمنىّ، وهى
سنة أربع وثلاثين ومائتين فيها هبّت ريح بالعراق شديدة السّموم لم يعهد مثلها، أحرقت زرع الكوفة والبصرة وبغداد وقتلت المسافرين، ودامت خمسين يوما، ثم اتّصلت بهمذان فأحرقت أيضا الزرع والمواشى، ثم اتّصلت بالموصل وسنجار «1» ، ومنعت الناس من المعاش فى الأسواق ومن المشى فى الطريق، وأهلكت خلقا.
وفيها حجّ بالناس من العراق الأمير محمد بن داود بن عيسى العباسىّ، وكان له عدّة سنين يحجّ بالناس.
وفيها أظهر الخليفة المتوكّل على الله جعفر السّنّة بمجلسه وتحدّث بها ونهى عن القول بخلق القرآن، وكتب بذلك الى الآفاق، حسبما ذكرناه فى ترجمة هرثمة هذا، واستقدم العلماء وأجزل عطاياهم. ولهذا المعنى قال بعضهم: الخلفاء ثلاثة:
أبو بكر الصدّيق رضى الله عنه يوم الرّدّة، وعمر بن عبد العزيز رضى الله عنه فى ردّ مظالم بنى أميّة، والمتوكّل فى إظهار السنّة.
وفيها خرج عن الطاعة محمد [بن البعيث «2» ] أمير إرمينية وأذربيجان وتحصّن بقلعة مرند «3» ؛ فسار لقتاله بغا الشّرابىّ فى أربعة آلاف، فنازله وطال الحصار بينهم، وقتل طائفة كبيرة من عسكر بغا، ودام ذلك بينهم الى أن نزل محمد بالأمان، وقيل:
بل تدلّى ليهرب فأسروه.
وفيها فوّض الخليفة المتوكل لإيتاخ متولّى إمرة مصر الكوفة والحجاز وتهامة ومكّة والمدينة مضافا على مصر، ودعى له على المنابر. وحجّ إيتاخ من سنته وقد تغيّر خاطر المتوكّل عليه. فلما عاد من الحجّ كتب المتوكّل إلى إسحاق بن إبراهيم
ابن مصعب بالقبض عليه فى الباطن إن أمكنه؛ فتحايل عليه إسحاق حتى قبض عليه وقيّده بالحديد وقتله عطشا، وكتب محضرا أنه مات حتف أنفه. وكان أصل إيتاخ هذا مملوكا من الخزر «1» طبّاخا لسلّام الأبرش؛ فاشتراه المعتصم، فرأى له رجلة «2» وبأسا فقرّبه ورفعه؛ ثم ولّاه الواثق بعد ذلك الأعمال الجليلة. وكان من أراد المعتصم والواثق والمتوكّل قتله سلّمه اليه، فقتل إيتاخ هذا مثل عجيف والعبّاس بن المأمون وابن الزيّات الوزير وغيرهم.
وفيها توفّى زهير بن حرب بن شدّاد أبو خيثمة النّسائىّ، كان عالما ورعا فاضلا، رحل [إلى] البلاد وسمع الكثير وحدّث، وروى عنه جماعة، وكان من أئمة الحديث.
وفيها توفّى سليمان بن داود بن بشر بن زياد الحافظ أبو أيّوب البصرىّ المنقرىّ المعروف بالشّاذكونىّ «3» ، رحل [إلى] البلاد وسمع الكثير وحدّث وروى عن خلائق، وروى عنه جمع كبير، وهو أحد الأئمة الحفّاظ الرحّالين.
وفيها توفى سليمان بن عبد الله بن سليمان بن علىّ بن عبد الله بن العباس الأمير أبو أيوب الهاشمىّ العباسىّ، أحد أعيان بنى العباس وأحد من ولى الأعمال الجليلة مثل المدينة والبصرة واليمن وغيرها.
وفيها توفّى علىّ بن عبد الله بن جعفر بن يحيى بن بكر بن سعيد، وقيل: جعفر بن نجيح بن بكر، الإمام الحافظ الناقد الحجّة أبو الحسن السّعدى مولاهم البصرىّ الدّارىّ
المعروف بابن المدينىّ، كان إمام عصره فى الجرح والتعديل والعلل، وكان أبوه محدّثا مشهورا. ومولد علىّ هذا فى سنة إحدى وستين ومائة، وهو أحد الأعلام وصاحب التصانيف؛ وسمع أباه وحمّاد بن زيد وابن عيينة والدّراوردىّ ويحيى القطّان وعبد الرحمن بن مهدىّ وابن عليّة وعبد الرزّاق وخلقا سواهم، وروى عنه البخارىّ وأبو داود والنّسائىّ وابن ماجه والتّرمذى عن رجل عنه وأحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى الذّهلىّ وخلق سواهم. وعن ابن عيينة قال: يلوموننى على حبّ علىّ بن المدينى، والله إنى لأتعلّم منه أكثر مما يتعلّم منّى. وعن ابن عيينة قال: لولا علىّ بن المدينىّ ما جلست.
وقال النّسائىّ: كأن الله خلق علىّ بن المدينى لهذا الشأن. وقال السّرّاج:
سمعت محمد بن يونس [يقول] سمعت ابن المدينىّ يقول: تركت من حديثى مائة ألف حديث، منها ثلاثون ألفا لعبّاد بن صهيب. وقال السّرّاج: قلت للبخارىّ:
ما تشتهى؟ قال: أن أقدم العراق وعلىّ بن المدينىّ حىّ فأجالسه. قال البخارىّ:
مات علىّ بن عبد الله (يعنى ابن المدينى) ليومين بقيا من ذى القعدة بالمدينة سنة أربع وثلاثين ومائتين. وقال الحارث وغير واحد: مات بسامرّاء فى ذى القعدة. وقال الإمام أبو زكريا النووىّ: لابن المدينىّ فى الحديث نحو مائتى مصنّف. وفيها توفّى يحيى بن أيوب البغدادىّ العابد الصالح، ويعرف بالمقابرئ لانه كان يتعبّد بالمقابر، وكان له أحوال وكرامات.
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم فى هذه السنة، قال: وفيها توفى أحمد بن حرب النّيسابورىّ الزاهد، وروح بن عبد المؤمن القارئ، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وسليمان بن داود الشّاذكونىّ، وأبو الرّبيع سليمان بن داود الزّهرانىّ، وعبد الله بن