الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في آخر الزمان، فوضع حديث السفياني؛ فمشى ذلك على بعض العوام انتهى. وفيها توفي إسحاق بن يوسف بن «1» محمد، أبو محمد الأزرق الواسطي، كان من الفقهاء الثقات الصالحين المحدثين، أقام عشرين سنة لم يرفع رأسه إلى السماء حياء من الله، ومات بواسط. وفيها توفي بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، كان من أشراف قريش، وكان معظما عند الرشيد، ولاه إمرة المدينة فأقام عليها اثنتي عشرة سنة، وكان جواداً ممدحاً نبيلاً.
الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة، قال: وفيها توفي بشر بن السري الواعظ بمكة، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي الكوفي، وعبيد الله بن المهدي أمير مصر وقد تقدم ذكره. وفيها في قول عثام بن علي الكوفي، وقيل سنة أربع، ومحمد بن الفضيل الضبي الكوفي، والوليد بن مسلم في أولها، ويحيى بن سليم الطائفي بمكة، وأبو معاوية الضّرير محمد بن خارم «2» .
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربعة أذرع وثمانية عشر إصبعاً، مبلغ الزيادة خمسة عشر ذراعاً وإحدى وعشرون إصبعاً ونصف إصبع.
ذكر ولاية جابر بن الأشعث على مصر
هو جابر بن الأشعث بن يحيى بن النقي «3» الطائي أمير مصر، وليها بعد عزل حاتم بن هرثمة عنها في جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين ومائة. ولاه الأمين على إمرة مصر وجمع له الصلاة والخراج. وقدم مصر يوم الاثنين لخمس بقين من
جمادى الآخرة من السنة المذكورة، وسكن المعسكر على عادة الأمراء؛ واستخلف على صلاة مصر يحيى بن يزيد المرادي وكان ليناً. ولما دخل مصر وأقام بها وقعت الفتنة في العراق بين الأخوين الأمين والمأمون أولاد الرشيد، وكانت الوقعة بين جيش الأمين وعسكر المأمون، وكان على جيش الأمين علي بن عيسى بن ماهان في عسكر كثيف، وكان على عسكر المأمون طاهر بن الحسين، وهو في أقل من أربعة آلاف؛ فلما وصل ابن ماهان بعساكره إلى الري أشرف عليه طاهر بن الحسين المذكور وهم يلبسون السلاح وقد امتلأت بهم الصحراء وعليهم السلاح المذهّب؛ فقال طاهر ابن الحسين: هذا ما لا قبل لنا به ولكن نجعلها خارجية ونقصد «1» القلب؛ فهيأ سبعمائة من الخوارزمية. قال أحمد بن هشام الأمير: فقلنا لطاهر: نذكر علي بن عيسى البيعة التي أخذها هو علينا، وبيعة الرشيد للمأمون؟ قال: نعم، فعلقناهما على رمحين وقمت بين الصّفّين وقلت: الأمان، ثم قلت: يا علي بن عيسى ألا تتقي الله، أليست هذه نسخة البيعة التي أخذتها أنت خاصة؟ اتق الله فقد بلغت باب قبرك! قال: من أنت؟ قلت: أحمد بن هشام، فصاح: علىّ يأهل خراسان من جاء به فله ألف درهم، ثم وقع القتال وانهزم علي بن عيسى بن ماهان وأصحابه فتبعهم طاهر بمن معه فرسخين بعد أن تواقعوا اثنتي عشرة مرة؛ وعسكر المأمون ينتصر فيها حتى لحقهم طاهر بن التاجي ومعه رأس علي بن عيسى بن ماهان، وأخذوا جميع ما كان في عسكره؛ فأرسل طاهر بن الحسين الرأس إلى المأمون. فلما وصل إليه البريد بالرأس سلم عليه بالخلافة وطيف بالرأس في خراسان، ومن يومئذ استفحل أمر المأمون وقوي جأشه. وجاء الخبر بقتل علي بن عيسى بن ماهان إلى الأمين وهو يتصيد السمك، فقال للذي أخبره: ويحك! دعني فإن كوثراً قد صاد سمكتين
وأنا ما صدت شيئاً بعد، فلامه الناس حتى قام من مجلسه؛ ثم جهز لحرب طاهر ابن الحسين عبد الرحمن بن جبلة الأنباري أمير الدينور بالعدة والقوة، فسار حتى نزل همذان. هذا وقد اضطرب ملك الأمين وأرجف ببغداد إرجافاً شديداً وندم محمد الأمين على خلع أخيه المأمون؛ وطمع «1» الأمراء فيه وشغبوا جندهم بطلب أرزاقهم وازدحموا بالجسر يطلبون الأرزاق والجوائز، فقاتلهم حواشي الأمين ثم عجز عنهم فزاد في عطاياهم.
ولما خرج عسكر الأمين ثانياً مع عبد الرحمن ووصل إلى همذان التقى مع طاهر وقاتله قتالاً شديداً ثم تقهقر ودخل مدينة همذان وتفرق عنه أكثر أصحابه فحصره طاهر بهمذان حتى طلب منه عبد الرحمن الأمان، ثم غدر عبد الرحمن وقاتل طاهراً ثانياً حتى قتل، وملك طاهر بن الحسين البلاد ودعا للمأمون وخلع الأمين. كل ذلك والأمين ببغداد لم يخرج منها حتى وافاه طاهر المذكور وقتله على ما سيأتي في ترجمة الأمين إن شاء الله تعالى. ولما ملك طاهر البلاد واستفحل أمره وبلغ المصريين ذلك وثب السري بن الحكم ومعه جماعة كبيرة من المصريّين عصبة للمأمون ودعا السري الناس لخلع الأمين فأجابوه وبايعوا المأمون؛ فقام جابر في أمر الأمين فقاتله السري بن الحكم المذكور حتى هزمه وأخرجه من مصر على أقبح وجه. فخرج جابر المذكور من مصر لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين ومائة، فكانت ولايته على مصر سنة واحدة تقريباً.
وولي مصر بعده أبو نصر عباد بن محمد بن حيّان «2» من قبل المأمون.