الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من ساعته تحت العقوبة عطشا «1» ، وكان معدودا من الشّجعان (ومازيّار بفتح الميم وبعد الألف زاى مفتوحة وياء مثناة من تحت مشدّدة وبعد الألف راء مهملة) .
وفيها توفى محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول، أبو الهذيل العلّاف البصرىّ مولى لعبد القيس؛ كان شيخ المعتزلة، وصنّف الكتب فى مذهبهم، ولد سنة خمس وثلاثين ومائة هـ. وقدم بغداد وناظر العلماء وأبادهم، وكان خبيث اللسان. وفيها توفى يحيى بن يحيى بن بكير «2» بن عبد الرحمن الحافظ أبو زكريا التّميمىّ المنقرى الحنظلىّ النّيسابورىّ الزاهد العابد الورع، كان إمام أهل نيسابور وحافظها فى زمانه؛ وأخرج عنه البخارىّ فى مواضع، واتفقوا على ثقته وصدقه.
الذين ذكر الذهبى وفاتهم فى هذه السنة، قال: وفيها توفى إسحاق بن محمد الفروىّ، واسماعيل بن أبى أويس، وجندل بن والق، وسعيد بن كثير بن عفير، وعيّاش «3» بن الوليد الرقّام، وغسّان بن الرّبيع الموصلىّ، ومحمد بن مقاتل المروزىّ، ويحيى بن يحيى التّميمىّ النيسابورىّ.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم ثلاثة أذرع وأربعة عشر إصبعا، مبلغ الزيادة أربعة عشر ذراعا وستة أصابع.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 227]
السنة الثانية من ولاية على بن يحيى على مصر وهى سنة سبع وعشرين ومائتين هـ- فيها خرج بفلسطين المبرقع أبو حرب اليمانىّ الذي زعم أنّه السفيانىّ، فدعا بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أوّلا، الى أن قويت شوكته فادّعى النبوّة. وكان
سبب خروجه أن جنديّا أراد النزول فى داره، فمانعته زوجته، فضربها الجندىّ بسوط فأثّر فى ذراعها؛ فلما جاء المبرقع شكت اليه؛ فذهب الى الجندىّ فقتله وهرب، ولبس برقعا لئلا يعرف، ونزل جبال الغور مبرقعا، وحثّ الناس على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؛ فاستجاب له قوم من فلّاحى القرى وقوى أمره؛ فسار لحربه رجاء الحضارىّ «1» أحد قوّاد المعتصم فى ألف فارس، وأتاه فوجده فى مائة ألف، فعسكر بإزائه ولم يجسر على لقائه.
فلما كان أوان الزراعة تفرّق أكثر أصحابه فى فلاحتهم وبقى فى نحو الألفين؛ فواقعه عند ذلك رجاء الحضارىّ المذكور وأسره وحبسه حتى مات خنقا فى آخر هذه السنة. وكان المبرقع بطلا شجاعا. وفيها بعث المعتصم على دمشق الأمير أبا المغيث «2» الرافقىّ «3» ، فخرجت عليه طائفة من قيس، لكونه أخذ منهم خمسة عشر نفسا فصلبهم؛ فجّهز اليهم أبو المغيث جيشا، فهزموه وزحفوا على دمشق، فتحصّن بها أبو المغيث ووقع حصار شديد؛ ومات المعتصم والأمر على ذلك، فاستمرّ فى الحصار الى أن كتب الواثق الى رجاء الحضارىّ أن يتوجه الى دمشق مددا لأبى المغيث، فقدم دمشق وحارب القيسيّة حتى هزمهم وقتل منهم ألفا وخمسمائة، وقتل من الأجناد ثلثمائة. وفيها فى تاسع عشر شهر ربيع الأوّل بويع هارون الواثق بالخلافة بعد موت أبيه محمد المعتصم. وفيها توفى بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال بن ماهان ابن عبد الله الزاهد الورع أبو نصر المعروف ببشر الحافى، كان أصله من أبناء الرؤساء بخراسان، فتزهّد وصحب الجنيد؛ ومولده بمرو سنة خمسين ومائة، وسكن بغداد، وتزهّد
حتى فاق أهل عصره؛ وسمع الحديث من مالك بن أنس والفضيل بن عياض وحمّاد ابن زيد وشريك وعبد الله بن المبارك وغيرهم؛ وروى عنه جماعة منهم أحمد الدّورقىّ ومحمد بن يوسف الجوهرىّ وسرىّ السّقطىّ وخلق غيرهم. قال أبو بكر المروزىّ:
سمعت بشرا يقول: الجوع يصفّى الفؤاد ويميت الهوى ويورث العلم الدقيق.
وقال أبو بكر بن عفّان: سمعت بشر [بن الحارث «1» ] يقول: إنى لأشتهى شواء منذ أربعين سنة ما صفالى درهمه. وعن المأمون قال: ما بقى أحد نستحى منه غير بشر بن الحارث. وقال أحمد بن حنبل: لو كان بشر بن الحارث تزوّج لتمّ أمره. وقال إبراهيم الحربىّ: ما أخرجت بغداد أتمّ عقلا من بشر ولا أحفظ للسانه، كأن فى كلّ شعرة منه عقلا. وعن بشر قال: المتقلّب فى جوعه كالمتشحّط فى دمه فى سبيل الله. وعنه قال:
شاطر «2» سخىّ أحبّ الى الله من صوفىّ بخيل. وعنه قال: لا أفلح من ألف أفخاذ النساء. وعنه قال: إذا أعجبك الكلام فاصمت، وإذا أعجبك الصمت فتكلّم. وكانت وفاة بشر فى يوم الأربعاء حادى عشر شهر ربيع الأوّل. وفيها توفّيت فاطمة جارية المعتصم وتدعى بعريب «3» ، كانت فائقة الجمال بارعة فى الغناء والخطّ، اشتراها المعتصم من تركة أخيه المأمون بمائة ألف درهم. وفيها توفى أمير المؤمنين المعتصم [بالله محمد «4» ] ، وكنيته أبو إسحاق ابن الخليفة الرشيد هارون ابن الخليفة المهدىّ محمد ابن الخليفة أبى جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علىّ بن عبد الله بن العباس، الهاشمىّ العباسىّ الخليفة الثالث من أولاد هارون الرشيد؛ بويع بالخلافة بعد موت أخيه عبد الله المأمون فى شهر رجب سنة ثمان عشرة ومائتين، ومولده سنة ثمانين ومائة، وأمه أمّ ولد اسمها ماردة، وكان أمّيّا عاريا من كل علم. وعن محمد الهاشمىّ قال: كان مع المعتصم غلام فى الكتّاب
يتعلم معه، فمات الغلام؛ فقال له الرشيد أبوه: يا محمد، مات غلامك! قال: نعم يا سيدى واستراح من الكتّاب؛ فقال: وإن الكتّاب ليبلغ منك هذا! دعوه لا تعلّموه؛ قال: فكان يكتب ويقرأ قراءة ضعيفة. وكان المعتصم مع ذلك فصيحا مهيبا عالى الهمّة شجاعا مقداما، حتى قيل: إنه كان أهيب خلفاء بنى العباس، إلا أنه سار على سيرة أخيه المأمون فى امتحان العلماء بخلق القرآن؛ وكان يدعى الثّمانىّ، لأنه ولد سنة ثمانين ومائة فى شهر رمضان، ورمضان بعد ثمانية أشهر من السنة، وملك لثمان عشرة ليلة من شهر رجب، وهو الثامن من خلفاء بنى العباس، وفتح ثمانية فتوح، وكان عمره ثمانا وأربعين سنة، وخلافته ثمان سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وخلّف من الولد ثمانية بنين وثمانى بنات، وخلّف من العين ثمانية آلاف ألف دينار ومثلها دراهم، وقيل: ثمانمائة ألف درهم، ومن الخيول ثمانين ألف فرس، ومن الجمال ثمانين ألف جمل وبغل ودابة، وثمانين ألف خيمة، وثمانية آلاف عبد (أعنى مماليك)، وقيل: ثمانية عشر ألفا، وثمانية آلاف جارية، وعمّر من القصور ثمانية.
وقال نفطويه «1» : وحدّثت أنه كان من أشدّ الناس بطشا (يعنى المعتصم) وأنه جعل يد رجل بين إصبعيه فكسرها اهـ. وكانت وفاته فى يوم الخميس تاسع عشر ربيع الأوّل، وتخلّف من بعده ابنه هارون الواثق.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم ثلاثة أذرع واثنان وعشرون إصبعا، مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعا وتسعة أصابع.