الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان يزيد منع الناس من الحج في سنة خمس وأربعين ومائة، كما تقدم ذكره، فلم يحجّ فى تلك السنة أحد من مصر ولا من الشام لما كان بالحجاز من الاضطراب من أمر بني الحسن، ثم حج يزيد هذا في سنة سبع وأربعين ومائة فاستخلف على مصر عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج صاحب شرطته، ولما عاد من الحج بعث جيشاً لغزو الحبشة من أجل خارجي ظهر هناك، فتوجه إليه الجيش وقاتلوه وظفروا به وقدم رأس الخارجي المذكور إلى مصر في عدّة رءوس، فنصبت الرءوس أياماً بمصر ثم حملوها إلى بغداد، فضم الخليفة أبو جعفر المنصور عند ذلك ليزيد هذا برقة زيادة على عمل مصر؛ وهو أول من ضم له برقة على مصر، وكان ذلك في سنة تسع وأربعين ومائة. ثم خرج في أيام يزيد القبط بسخا بالوجه البحري، فجهز إليهم يزيد جيشاً كثيفاً فقاتله القبط وكسروه فرد الجيش منهزماً، فصرفه أبو جعفر المنصور عن إمرة مصر في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين ومائة، فكانت ولايته على مصر سبع سنين وأربعة أشهر. وتولى من بعده مصر عبد الله ابن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج، ثم ولي يزيد بن حاتم هذا بعد ذلك إفريقية من بلاد المغرب، فتوجه إليها وغزا بها عدة غزوات، ولا زال بها حتى توفي سنة سبعين ومائة، واستخلف على إفريقية ابنه داود بن يزيد، فأقره الخليفة هارون الرشيد على ذلك، ودام إلى أن عزله في سنة اثنتين وسبعين ومائة بعمه روح بن حاتم. اهـ
***
[ما وقع من الحوادث سنة 145]
السنة الأولى من ولاية يزيد بن حاتم المهلبي على مصر وهي سنة خمس وأربعين ومائة- فيها قتل الخليفة أبو جعفر المنصور محمداً وإبراهيم ابني عبد الله بن حسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب واحداً بعد واحد، فقتل محمد بالمدينة وبعده بمدة قتل إبراهيم؛ وكان إبراهيم خرج أيضاً بعد خروج أخيه محمد على المنصور بالبصرة، وانضم عليه
خلائق من العلماء والفقهاء وأعيان بني الحسن، فلما ورد عليه الخبر بقتل أخيه محمد عظم شأنه وكاد أمره أن يتم، ووقع بينه وبين جيش المنصور أمور ووقائع إلى أن قبض عليه وقتل. وفيها أيضاً مات والدهما عبد الله بن الحسن في حبس المنصور.
قال الهيثم: حبسهم أبو جعفر المنصور في سرداب (يعني عبد الله المذكور وأقاربه من بني الحسن) - وقد قدمنا ذكر من حبس مع عبد الله من أقاربه بأسمائهم في سنة أربع وأربعين ومائة- قال: حبسهم في سرداب تحت الأرض لا يعرفون ليلاً ولا نهاراً- والسرداب عند قنطرة الكوفة وهو موضع يزار- ولم يكن عندهم بئر للماء ولا سقاية، فكانوا يبولون ويتغوطون في مواضعهم، وإذا مات منهم ميت لم يدفن بل يبلى وهم ينظرون إليه، فاشتد عليهم رائحة البول والغائط، فكان الورم يبدو في أقدامهم ثم يترقى إلى قلوبهم فيموتون. ويقال: إن أبا جعفر المنصور ردم عليهم السرداب فماتوا، وكان يسمع أنينهم أياماً.
وذكر الذهبي وفاة جماعة في هذه السنة، قال: وفيها توفي محمد بن عبد الله ابن حسن وأخوه إبراهيم قتلاً، والأجلح الكندي، وإسماعيل بن أبي خالد، وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر، وأنيس بن أبي يحيى الأسلمي، وحبيب بن الشهيد، وحجاج بن أرطاة، والحسن بن ثوبان، والحسن بن الحسن بن الحسن في سجن المنصور، ورؤبة بن العجاج التميمي، وعبد الرحمن بن حرملة الأسلمي، وعبد الملك «1» بن أبي سليمان الكوفي، وعمر بن عبد الله مولى غفرة (بالمعجمة والفاء) وعمرو بن ميمون