الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وضم إليه خزيمة بن خازم، وسار من بغداد إلى النهروان واستخلف على بغداد ابنه الأمين وأمر ابنه المأمون بالمقام ببغداد، فقال الفضل بن سهل للمأمون حين أراد الرشيد المسير: لست تدري ما يحدث بالرشيد، وخراسان ولايتك والأمين مقدّم عليك، وإنّ أحسن ما يصنع بك أن يخلعك وهو ابن زبيدة وأخواله بنو هاشم، وزبيدة وأموالها، فاطلب من أبيك الرشيد أن تسير معه، فطلب، فأجابه الرشيد بعد امتناع.
فلما سار الرشيد سايره الصباح الطبري، فقال له الرشيد: يا صباح، لا أظنك تراني أبداً، فدعا له الصباح بالبقاء؛ فقال: يا صباح، ما أظنك تدري ما أجد؛ قال الصباح: لا والله؛ فعدل الرشيد عن الطريق واستظل بشجرة وأمر خواصه بالبعد عنه، ثم كشف عن بطنه فإذا عليه عصابة حرير، فقال: هذه علة أكتمها عن الناس ولكل واحد من ولدي علي رقيب؛ فمسرور رقيب المأمون، وجبريل بن بختيشوع رقيب الأمين، وما منهم أحد إلا وهو يحصي أنفاسي ويستطيل دهري، وإن أردت أن تعلم ذلك فالساعة أدعو بدابة فيأتونني بدابة أعجف قطوف «1» لتزيدني علة؛ ثم طلب الرشيد دابة فجاءوا بها على ما وصف. وكان أخوه عبيد الله هذا أشار عليه بعدم السفر، فلم يسمع منه وأخذه معه.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 181]
السنة التي حكم فيها عبيد الله بن المهدي في ولايته الثانية على مصر وهي سنة إحدى وثمانين ومائة- فيها غزا الرشيد بلاد الروم وافتتح حصن الصفصاف «2» عنوة، وسار عبد الملك «3» بن صالح العباسي حتى بلغ أرض الروم وافتتح حضنابها. وفيها حجّ
بالناس الرشيد. وفيها استعفى يحيى بن خالد بن برمك من التحدث في أمور الممالك فأعفاه الرشيد وأخذ الخاتم منه وأذن له في المجاورة بمكة. وفيها كتب الرشيد إلى هرثمة بن أعين يعفيه عن إمرة المغرب وأذن له في المجاورة والقدوم عليه، واستعمل عوضه على المغرب محمد بن مقاتل العكي رضيع الرشيد، وكان أبوه مقاتل أحد من قام بالدعوة العباسية.
وفيها أمر الرشيد أن يصدر في مكاتباته بعد البسملة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وفيها توفي عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي مولاهم التركي، ثم المروزي الحافظ فريد الزمان وشيخ الإسلام، وأمه خوارزمية مولده سنة ثمان عشرة ومائة.
وقيل: سنة عشر ومائة، ورحل سنة إحدى وأربعين ومائة فلقي التابعين وأكثر الترحال في طلب العلم، وروى عن جماعة كثيرة، وروى عنه خلائق وتفقه بأبي حنيفة. وقال أبو إسحاق الفزاري: ابن المبارك إمام المسلمين. وعن إسماعيل ابن عياش قال: ما على وجه الأرض مثل ابن المبارك. وقال العباس بن مصعب المروزي: جمع ابن المبارك الحديث والفقه والعربية وأيام الناس والشجاعة والسخاء.
وقال شعيب بن حرب: سمعت سفيان الثوري يقول: لو جهدت جهدي أن أكون في السنة ثلاثة أيام على ما عليه ابن المبارك لم أقدر. وقال الذهبي: قال عبد الله ابن محمد قاضي نصيبين حدثني محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة: أملى علي ابن المبارك بطرسوس- وودعته وأنفذها معي (يعني الورقة) إلى الفضيل بن عياض في سنة سبع وسبعين ومائة- هذه الأبيات:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا
…
لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب جيده بدموعه
…
فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل
…
فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا
…
وتهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا
…
قول صحيح صادق لا يكذب
لا «1» يستوي غبار خيل الله في
…
أنف امرئ ودخان نار تلهب
هذا كتاب الله ينطق بيننا
…
ليس الشهيد بميت لا يكذب
قال: فلقيت الفضيل بكتابه في الحرم، فلما قرأه ذرفت عيناه، ثم قال: صدق أبو عبد الرحمن ونصح.
الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة، قال: وفيها توفي إبراهيم بن عطيّة الثقفىّ، واسماعيل بن عيّاش الحمصىّ، وأبو المليح الحسن بن عمر الرقّىّ، وحفص ابن ميسرة الصنعاني، والحسن بن قحطبة الأمير، وحمزة بن مالك، وسهل بن أسلم العدوي، وخلف بن خليفة الواسطي بها، وعباد بن عباد المهلّبىّ، وعبد الله ابن المبارك المروزي، وروح بن المسيب الكلبي، وسهيل بن صبرة العجلي، وعبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر، وعفان بن سيار قاضي جرجان، وعلىّ بن هاشم ابن البريد «2» الكوفي، وعيسى ابن الخليفة المنصور، وقران بن تمام الأسدي (بضم القاف وتشديد الراء) تخمينا، ومحمد بن حجّاح الواسطي، ومحمد بن سليمان الأصبهاني الكوفي، ومصعب بن ماهان المروزي، ومفضل بن فضالة قاضي مصر ويعقوب ابن عبد الرحمن القاري «3» ، وأم عروة بنت جعفر بن الزبير بن العوام.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربعة أذرع وثمانية أصابع، مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعاً وثمانية أصابع ونصف.