الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولي المعتصم مصر أقر عيسى هذا على الصلاة فقط، وجعل على خراج مصر صالح بن شيرزاد. فلما ولي صالح المذكور الخراج ظلم الناس وزاد الخراج وعسف فانتقض عليه أهل الحوف واجتمعوا وعسكروا وعزموا على قتاله، وكان عليهم عبد السلام وابن الجليس في القيسية واليمانية؛ فقام عيسى بن يزيد بنصرة صالح وبعث ابنه محمداً في جيش فحاربوه فانهزم وقتل أصحابه. وذلك في صفر سنة أربع عشرة ومائتين هـ.
وبلغ الخبر أبا إسحاق المعتصم فعظم عليه وعزل عيسى هذا عن إمرة مصر وولى عوضه عمير بن الوليد التميمي. فكانت ولاية عيسى على مصر في هذه المرة الأولى سنة وسبعة أشهر وأياما.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 213]
السنة التي حكم في بعضها عيسى بن يزيد على مصر وهي سنة ثلاث عشرة ومائتين هـ- فيها خرج عبد السلام وابن الجليس في القيسية واليمانية بمصر، فولى المأمون أخاه أبا إسحاق المعتصم على مصر وعزل عبد الله بن طاهر. وقد ذكرنا ذلك كله في ترجمة عيسى بن يزيد. وفيها ولى المأمون ولده العباس على الجزيرة وأمر لكل من المعتصم والعباس بخمسمائة ألف دينار، وأمر بمثل ذلك لعبد الله بن طاهر المعزول عن إمرة مصر حتى قيل: إنه لم يفرق ملك ولا سلطان في يوم واحد مثل ما فرقه المأمون في هذا اليوم.
قلت: لعل الدينار يوم ذاك لم يكن مثل دينارنا اليوم بل يكون مثل دنانير المشارقة التي تسمى بتنكثا «1» والله أعلم. وفيها استعمل المأمون على السند الأمير غسّان ابن عباد، وكان غسان هذا من رجال الدهر حزماً وعزماً، وكان ولي خراسان قبل
ذلك وعزل بعبد الله بن طاهر المقدم ذكره. وفيها توفي أحمد بن يوسف بن القاسم ابن صبح، أبو جعفر الكاتب الكوفي مولى بني العجل كاتب المأمون على ديوان الرسائل؛ كان من أفضل الكتاب في عصره وأذكاهم وأجمعهم للمحاسن، وكان فصيح اللسان مليح الخط يقول الشعر الجيد، قال له رجل يوماً: ما أدري مم أعجب، مما وليه الله من حسن خلقك، أو مما وليته من تحسين خلقك! وفيها توفي أسود بن سالم أبو محمد البغدادي الزاهد الورع الصالح المشهور، كان بينه وبين معروف الكرخي مودة ومحبة، وكان من كبار القوم وممن له كرامات وأحوال. وفيها توفي بشر بن أبي الأزهر يزيد الإمام أبو سهل القاضي الحنفي، كان من أعيان فقهاء أهل الكوفة وزهادها، سأله رجل عن مسألة فأخطأ فيها فعزم أن يقصد عبد الله بن طاهر الأمير لينادى عليه في البلدان: بشر أخطأ في مسألة في النكاح حتى رده رجل وقال: أنا أعرف الرجل الذي سألك، فأتي به إليه فقال له: أنا أخطأت وقد رجعت عن قولي، والجواب فيه كذا وكذا.
قلت: لله در هذا العالم الذي يعمل بعلمه رحمه الله تعالى.
وفيها توفي ثمامة بن أشرس أبو معن النميري البصري الماجن، كان له نوادر واتصل بهارون الرشيد وولده المأمون. قيل: إنه خرج بعد المغرب من منزله سكران فصادفه «1» المأمون فى نفر، فلما رأه ثمامة عدل عن طريقه وقد أبصره المأمون، فساق إليه المأمون وحاذاه، فقال له: ثمامة؟ قال: إي والله، قال: سكران أنت؟ قال:
لا والله، قال: أفتعرفني؟ قال: إي والله، قال: فمن أنا؟ قال: لا أدري والله؛ فضحك المأمون حتى كاد يسقط عن دابته. ولثمامة هذا حكايات كثيرة من هذا