الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جعفر بن دينار الى الصائفة فافتتح حصنا يقال له مطامير؛ فاستأذن الأقطع جعفر بن دينار فى الدخول الى الروم فأذن له، فدخل الأقطع الروم ومعه عسكر كثيف. وكان الروم فى خمسين ألفا، فأحاطوا به وبمن معه، فقتلوه وقتل معه ألف رجل من أعيان المسلمين؛ وكان ذلك فى يوم الجمعة منتصف شهر رجب من السنة. فلما بلغ الأمير علىّ بن يحيى المذكور خبر قتل الأقطع عاد من وقته يطلب الروم، فقاتل حتى قتل حسبما ذكرناه فى ولايته الثانية على مصر. وفى أيّام علىّ بن يحيى هذا على مصر وقّع بينه وبين هارون بن عبد الله الزهرىّ الأصم قاضى قضاة ديار مصر، فعزله وولّى عوضه محمد بن أبى الليث الحارث بن شدّاد الإيادىّ الجهمىّ الخوارزمىّ؛ فبقى محمد المذكور فى القضاء نحوا من عشر سنين، ولم يكن محمود السيرة فى أحكامه، وامتحن الفقهاء بمصر بخلق القرآن، وحكم على عبد الله بن عبد الحكم بودائع كانت للجروىّ «1» عندهم بألف ألف دينار وأربعمائة ألف دينار، فأقاموا شهودا بأن الجروىّ كان قد أبرأهم وأخذ الذي له، فلم يلتفت لذلك وعسفهم وظلمهم وفعل أمثال ذلك كثيرا.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 226]
السنة الأولى من ولاية على بن يحيى الأولى على مصر وهى سنة ستّ وعشرين ومائتين- فيها فى جمادى الأولى أمطر أهل تيماء «2» بردا كالبيض قتل منهم ثلثمائة وسبعين نفسا؛ قاله ابن حبيب الهاشمىّ، ثم قال: ونظروا الى أثر قدم طوله ذراع، ومن الخطوة الى الخطوة نحو خمسة «3» أذرع، وسمعوا صوتا يقول:
ارحم عبادك اعف عن عبادك. وفيها منع المعتصم الأفشين من الطعام والشراب حتى مات، ثم أخرج وصلب فى شعبان. والأفشين اسمه حيدر «1» بن كاوس، وهو من أولاد الأكاسرة، والأفشين لقب لمن ملك مدينة أشروسنة، وقد تقدّم ذكر وروده الى الديار المصرية وقتاله مع القيسيّة واليمانيّة، ثم قتاله بالشرق مع مازيّار وغيره؛ وذكرنا أيضا سبب القبض عليه فى حوادث سنة خمس وعشرين ومائتين، ولا حاجة الى التكرار، لأن ما ذكرناه هناك هو المعتمد والمقصود من التعريف بأحواله. وفيها توفيت عنان جارية الناطفىّ، كانت من مولّدات المدينة «2» ، وكانت جميلة شاعرة فصيحة سريعة الجواب؛ بلغ الرشيد خبرها فاستعرضها؛ فقال مولاها: ما أبيعها إلا بمائة ألف درهم، فردّها الرشيد فتصدّق مولاها الناطفىّ بثلاثين ألف درهم. وبعد موت الناطفىّ بيعت «3» بمائة «4» ألف درهم وخمسين ألف درهم، وماتت بخراسان. وأخبارها وما جرياتها مع أبى نواس وغيره من الشعراء مشهورة.
وفيها توفى مازيّار، واسمه محمد بن قارن، الأمير صاحب طبرستان، كان مباينا لعبد الله ابن طاهر وكان الأفشين كذلك، فكان الأفشين يدسّ اليه ويحمله على خلاف الخليفة المعتصم، ولا زال به حتى خالف وحارب عساكر الخليفة وعبد الله بن طاهر غير مرّة؛ ووقع له أمور وأبلى المسلمين ببلايا وأباد الناس، الى أن ظفر به وأحضر بين يدى الخليفة المعتصم، فأمر به المعتصم فضرب أربعمائة وخمسين سوطا، فمات