الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنما سمي الأوزاعي لأنه من أوزاع القبائل، ومولده ببعلبك، ونشأ بالبقاع، ونقلته أمه إلى بيروت فرابط بها إلى أن مات بها فجأة، فوجدوه يده اليمنى تحت خده وهو ميت؛ وكان فقيهاً ثقة فاضلاً عالماً كثير الحديث حجة رحمه الله. وفيها توفي محمد ابن طارق المكي من الطبقة الثالثة «1» من أهل مكة، كان من الزهاد العباد.
قال محمد بن فضل «2» : رأيته في الطواف وقد انفرج له أهل الطواف فحزر «3» طوافه في اليوم والليلة فكان عشرة فراسخ. وبه ضرب ابن شبرمة المثل حيث قال:
لو شئت كنت ككرز في تعبده
…
أو كابن طارق حول البيت في الحرم
قد حال دون لذيذ العيش خوفهما
…
وسارعا في طلاب الفوز فالكرم
وذكر الذهبي وفاة جماعة مختلف فيهم، فقال: وفيها توفى- قاضى مرو- الحسين ابن واقد، وسعيد بن أبي عروبة في قول، وطلحة بن أبي سعيد الإسكندراني، وعامر بن اسماعيل المسلى «4» الأمير، وفقيه الشام عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعىّ، ومحمد بن عبد الله بن أخي الزهري، ومصعب بن ثابت «5» بن الزبير فى قول، ويوسف ابن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي (بفتح السين) ، وأبو محنف «6» لوط في قول.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم ذراعان وثمانية عشر إصبعاً، مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعاً وعشرون إصبعا.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 158]
السنة الثالثة من ولاية موسى بن علي اللخمي على مصر وهي سنة ثمان وخمسين ومائة- فيها حج بالناس إبراهيم بن يحيى بن محمد العباسى بن أخي الخليفة أبي جعفر
المنصور وهو شاب أمرد. وفيها مات طاغية الروم. وفيها ولى الخليفة خالد بن برمك الجزيرة، وكان ألزمه الخليفة المنصور بثلاثة آلاف ألف درهم. وفيها توفي زفر بن الهذيل العنبري، الإمام الفقيه صاحب أبي حنيفة ومولده سنة عشر ومائة؛ روى علىّ بن المدرك عن الحسن بن زياد قال: كان زفر وداود الطائي متحابين، فأما داود فترك الفقه وأقبل على العبادة، وأما زفر فجمعهما. قال أبو نعيم: كنت أعرض الحديث على زفر فيقول: هذا ناسخ وهذا منسوخ، وهذا يؤخذ وهذا يرفض. وقال الحسن بن زياد: ما رأيت أحداً يناظر زفر إلا رحمته. قلت:
يعني لكثرة علومه وبلاغته وقدرته على العلم. وهو أول أصحاب أبي حنيفة موتاً رحمه الله. وفيها توفي شيبان الراعي، وكان من كبار الفقهاء من الزّهاد والعبّاد، كان من أكابر أهل دمشق ثم ترك الدنيا وخرج إلى جبل لبنان، فانقطع به وأكل المباحات وصحب سفيان الثوري وغيره. قيل: إنه كان إذا حصل له جنابة أتته سحابة مطر فيغتسل منها؛ وكان إذا ذهب إلى الجمعة يخط على غنمه خطاً فيجيء فلم يجدها تتحرك. قال الهيثم: حج شيبان وسفيان الثوري فعرض لهما سبع، فقال سفيان: أما ترى السبع؟ فقال شيبان لا تخف غير الله عز وجل، فلما سمع السبع صوت شيبان جاء إليه وبصبص «1» فعرك شيبان أذنه بعد أن بصبص السبع، فقال له:
اذهب.
وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس أبو جعفر المنصور الهاشمي العباسي، ولد فى سنة خمس وتسعين أو فى حدودها، وأمه أم ولد اسمها سلامة البربرية؛ وروى عن أبيه وجده، وروى عنه ولده محمد المهدي؛ وكان قبل أن يلي الخلافة يقال له: عبد الله الطويل؛ ولي الخلافة بعد
موت أخيه عبد الله السفاح، أتته البيعة وهو بمكة، فإنه كان حج تلك السنة بعهد السفاح إليه لما احتضر في سنة ست وثلاثين ومائة، فدام فيها اثنتين وعشرين سنة إلى أن مات في ذي الحجة. وولي الخلافة من بعده ابنه محمد المهدي بعهد منه إليه.
وقال الربيع بن يونس الحاجب: سمعت المنصور يقول: الخلفاء أربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، والملوك أربعة: معاوية وعبد الملك وهشام وأنا. قال شباب «1» :
أقام الحج للناس أبو جعفر المنصور سنة ست وثلاثين ومائة وسنة أربعين ومائة وسنة أربع وأربعين ومائة وسنة اثنتين وخمسين ومائة. وزاد الفسوي «2» أنه حج أيضاً سنة سبع وأربعين ومائة.
قال أبو العيناء حدثنا الأصمعي: أن المنصور صعد المنبر فشرع في الخطبة؛ فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين، اذكر من أنت في ذكره، فقال له: مرحباً، لقد ذكرت جليلاً، وخوفت عظيماً، وأعوذ بالله أن أكون ممن إذا قيل له: اتق الله أخذته العزة بالإثم؛ والموعظة منا بدت ومن عندنا خرجت، وأنت يا قائلها فأحلف بالله ما الله أردت، إنما أردت أن يقال: قام فقال فعوقب فصبر، فأهون بها ويلك «3» ! وإياك وإياكم معشر الناس وأمثالها؛ ثم عاد إلى الخطبة وكأنما يقرأ من كتاب.
وقال الربيع: كان المنصور يصلي الفجر ثم يجلس [وينظر] في مصالح الرعية إلى أن يصلي الظهر، ثم يعود إلى ذلك إلى أن يصلي العصر، ثم يعود إلى أن يصلي