الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا بمدينة السلام، فبذل الخراج فلم يقبله منه وحمله إلى بغداد فأدى الخراج بها فلم يمطله أحد، فأخذ النجم «1» الأول والنجم الثاني، فلما كان النجم الثالث وقعت المطاولة والمطل وشكوا الضيق، فأحضر تلك الهدايا وحسبها لأربابها وأمرهم بتعجيل الباقي فأسرعوا في ذلك فاستوفى خراج مصر عن آخره ولم يفعل ذلك غيره ثم انصرف إلى بغداد» . انتهى «2» كلام ابن الأثير برمّته.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 175]
السنة التي حكم فيها موسى بن عيسى ثانياً على مصر وهي سنة خمس وسبعين ومائة- فيها عقد الرشيد البيعة بالخلافة من بعده لابنه محمد بن زبيدة ولقب بالأمين وعمره خمس سنين، وكانت أمه زبيدة حرضت الرشيد وأرضوا الجند بأموال عظيمة حتى سكتوا. وفيها خرج يحيى بن عبد الله بن الحسن العلوي بالديلم وقويت شوكته وتوجهت إليه الشيعة من الأقطار فاغتم الرشيد من ذلك واشتغل عن اللهو والشرب وندب لحربه الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي في خمسين ألفاً وفرق فيهم الأموال، فانحلت عزائم يحيى المذكور وطلب الصلح من الرشيد فصالحه الرشيد وأمنه ثم حبسه بعد مدة إلى أن مات. وفيها هاجت العصبية بالشام بين القيسية «3» واليمانية وقتل منهم عدد كثير، وكان على إمرة الشام موسى ابن ولي العهد عيسى العباسي، فعزله الرشيد واستعمل على الشام موسى بن يحيى البرمكي فقدم موسى وأصلح بينهم. وفيها عزل الرشيد عن إمرة خراسان العباس بن جعفر وأمر عليها خاله «4» الغطريف بن عطاء.
وفيها توفي الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، مولاهم الأصبهاني الأصل المصري، أحد الأعلام وشيخ إقليم مصر وعالمه، كنيته أبو الحارث، مولده في شعبان سنة أربع وتسعين.
قال الذهبي: وحج سنة ثلاث عشرة ومائة فلقى عطاء ونافعا وابن أبى مليكة وأبا «1» سعيد المقبري وأبا الزبير وابن شهاب فأكثر عنهم، ثم ذكر جماعة كثيرة ممن روى عنه. انتهى.
وكان كبير الديار المصرية ورئيسها وأمير من بها في عصره بحيث إن القاضي والنائب من تحت أمره ومشورته؛ وكان الشافعي يتأسف على فوات لقيه. قيل:
إن الإمام مالكاً كتب إليه من المدينة: بلغني أنك تأكل الرقاق وتلبس الرقاق وتمشي في الأسواق، فكتب إليه الليث بن سعد:(قل من حرم زينة الله) الآية.
وعن ابن الوزير قال: قد ولي الليث الجزيرة وكان أمراء مصر لا يقطعون أمراً إلا بمشورته، فقال أبو المسعد «2» وبعث بها إلى المنصور أبي جعفر:
لعبد الله عبد الله عندي
…
نصائح حكتها في السر وحدي
أمير المؤمنين تلاف مصراً
…
فإن أميرها ليث بن سعد
وكانت وفاة الليث في رابع عشر شعبان.
ذكر الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة، قال: وتوفي الحكم بن فصيل «3» الواسطي؛ والخليل بن أحمد فيما قيل وقد مر، وخشاف «4» الكوفي صاحب اللغة، والقاسم بن معن المسعودي الكوفي؛ والليث بن سعد فقيه مصر.