الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك أرادوا أن يهجموا على ثغر الإسكندرية وغيرها لينالوا من المسلمين بعض الغرض وركبوا البحر لقطع الطريق، فخرج عبيد الله بعساكره إلى ثغر الإسكندرية فلم يقدر أحد من الفرنج على التوجّه الى جهتها وعادوا بالذّلة والخزى.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 179]
السنة التي حكم فيها عبيد الله بن المهدي على مصر وهي سنة تسع وسبعين ومائة- فيها ولى الرشيد إمرة خراسان لمنصور بن يزيد بن منصور الحميري. وفيها رجع الوليد بن طريف الشاري بجموعه من ناحية أرمينية إلى الجزيرة وقد عظم أمره وكثرت جيوشه، فسار لحربه يزيد بن مزيد الشيباني من قبل الرشيد فراوغه يزيد مدّة ثم التقاه على غرة بقرب هيت وقاتله حتى ظفر به وقتله وبعث برأسه إلى الرشيد، فرثته أخته الفارعة «1» بنت طريف بقصيدتها التى سارت بها الركبان التى أوّلها:
أيا شجر الخابور ما لك مورقا
…
كأنك لم تجزع على ابن طريف
فتى لا يحب الزاد إلا من التقى
…
ولا المال إلا من قنا وسيوف
حليف «1» الندى ما عاش يرضى به الندى
…
فإن مات لم يرض الندى بحليف
ومنها:
فإن يك أرداه يزيد بن مزيد
…
فرب زحوف لفها بزحوف
عليه سلام الله وقفاً فإنني
…
أرى الموت وقاعاً بكل شريف
وفيها اعتمر الرشيد في رمضان ودام على إحرامه إلى أن حج ومشى من بيوت مكة إلى عرفات. وفيها في شهر ربيع الأول وصل هرثمة بن أعين أميراً على القيروان والمغرب فأمن الناس وسكنوا وأحسن سياستهم، وبنى القصر الكبير في سنة ثمانين ومائة وبنى سور طرابلس الغرب؛ ثم إنه رأى اختلاف الأهواء فطلب من الرشيد أن يعفيه وألح في ذلك حتى أعفاه. وفيها توفي الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل «2» بن عمرو بن الحارث، شيخ الإسلام وأحد الأعلام وإمام دار الهجرة وصاحب المذهب، أبو عبد الله المدني الأصبحي مولده سنة اثنتين وتسعين، وقيل سنة ثلاث وتسعين وهى السنة التى مات فيها أنس ابن مالك الصحابي، وكان الإمام مالك رحمه الله عظيم الجلالة كبير الوقار غزير العلم متشددا في دينه.
قال الشافعي: إذا ذكر العلماء فما لك النجم. وقال في رواية أخرى: لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز، وما في الأرض كتاب أكثر صواباً من الموطأ.
وقال ابن مهدي: مالك أفقه من الحكم وحماد.
وقال ابن وهب عن مالك قال: دخلت على أبي جعفر مراراً وكان لا يدخل عليه أحد من الهاشميين وغيرهم إلا قبل يده فلم أقبل يده قط. وعن عيسى بن عمر المدني قال: ما رأيت بياضاً قط ولا حمرة أحسن من وجه مالك، ولا أشد بياضا من ثوب مالك. وقال غير واحد: كان مالك رجلاً طوالاً جسيماً عظيم الهامة أبيض الرأس واللحية أشقر أصلع عظيم اللحية عريضها، وكان لا يحفي شاربه ويراه مثله.
قلت: ومناقب الإمام مالك كثيرة وفضله أشهر من أن يذكر. وكانت وفاته في صبيحة أربع عشرة خلت من شهر ربيع الأول، وقيل في حادي عشر ربيع الأول، وقيل في ثالث عشر؛ وأما السنة فمجمع عليها، أعنى فى سنة تسع وسبعين ومائة رحمه الله. وفيها توفي الهقل «1» بن زياد الدّمشقىّ نزيل بيروت أبو عبد الله، كان كاتب الأوزاعي وتلميذه وحامل علمه من بعده.
الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة، قال: وفيها توفي حماد بن زيد، وخالد بن عبد الله الطحان، وعبد الله بن سالم الأشعري الحمصي، ومالك بن أنس الإمام، وفقيه دمشق هقل بن زياد، والوليد بن طريف الخارجي، وأبو الأحوص سلام بن سليم.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم ذراعان وعشرون إصبعا، مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وعشرة أصابع.