الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهم نحوا من سبعة عشر ألفا وأسروا مثلها. ورجع مروان بالفلّ وأخذ عليهم البيعة للحكم وعثمان ابني الوليد وحبس يزيد بن العقّار والوليد بن مصاد الكلبيّين فهلكا في حبسه. وكان ممن شهد قتل الوليد ابن الحجّاج وهرب يزيد بن خالد القسري إلى دمشق فاجتمع له مع إبراهيم وعبد العزيز بن الحجّاج وتشاوروا في قتل الحكم وعثمان، خشية أن يطلقهما مروان فيثأرا بأبيهما. وولوا ذلك يزيد بن خالد فبعث مولاه أبا الأسد فقتلهما وأخرج يوسف ابن عمر فقتله، واعتصم أبو محمد السفياني ببيت في الحبس فلم يطيقوا فتحة، وأعجلهم خيل مروان فدخل دمشق وأتى بأبي الوليد ويوسف بن عمر مقتولين فدفنهما، وأتى بأبي عمر السفياني في قيوده فسلّم عليه بالخلافة وقال: إنّ ولي العهد جعلها لك. ثم بايعه وسمع الناس فبايعوه وكان أوّلهم بيعة معاوية بن يزيد بن حصين بن نمير وأهل حمص. ثم رجع مروان إلى خراسان واستأمن له إبراهيم بن الوليد وسليمان بن هشام وقدما عليه، وكان قدوم سليمان من تدمر بمن معه من إخوته وأهل بيته ومواليه الذكوانيّة فبايعوا لمروان.
انتقاض الناس على مروان
ولما رجع إلى خراسان راسل ثابت بن نعيم من فلسطين أهل حمص في الخلاف على مروان فأجابوه وبعثوا إلى من كان بتدمر ممن طلب وجاء الأصبغ بن دؤالة الكلبيّ وأولاده، ومعاوية السّكسكيّ فارس أهل الشام وغيرها في ألف من فرسانهم، ودخلوا حمص ليلة الفطر من سنة سبعة وعشرين وزحف مروان في العساكر من حرّان ومعه إبراهيم المخلوع وسليمان بن هشام، ونزل عليهم ثالث يوم الفطر، وقد سدّوا أبوابهم فنادى مناديه: ما دعاكم إلى النكث؟ قالوا لم ننكث ونحن على الطاعة.
ودخل عمر الوضّاح في ثلاثة آلاف فقاتله المحتشدون هنالك للخلاف وخرجوا من الباب الآخر وجفل مروان في اتباعهم وعلا الباب. فقتل منهم نحو خمسمائة وصلبهم وهدم من سورها علوه وأفلت الأصبغ بن دؤالة وابنه قرافصة. ثم بلغ مروان وهو بحمص خلاف أهل الغوطة وأنهم ولّوا عليهم يزيد بن خالد القسري وحاصروا دمشق وأميرها زامل بن عمر، فبعث مروان إليهم ابا الورد بن الكوثر بن زفر بن الحرث، وعمر بن الوضّاح في عشرة آلاف. فلما دنوا من دمشق حملوا عليهم، وخرج إليهم من كان بالمدينة فهزموهم وقتلوا يزيد بن خالد وبعثوا برأسه إلى مروان وأحرقوا المزّة
وقرى البرامة. ثم خرج ثابت بن نعيم في أهل فلسطين وحاصر طبرية وعليها الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم. فبعث مروان إليه أبا الورد، فلما قرب منه خرج أهل طبرية عليه فهزموه ولقيه أبو الورد منهزما فهزمه أخرى، وافترق أصحابه وأسر ثلاثة من ولده وبعث بهم إلى مروان. وتغيب ثابت وولّى مروان على فلسطين الرّماحس بن عبد العزيز الكنانيّ فظفر بثابت بعد شهرين وبعث به إلى مروان موثقا فقطعه وأولاده الثلاثة، وبعثهم إلى دمشق فصلبوه. ثم بايع لابنيه عبد الله وعبيد الله وزوجهما بنتي هشام، ثم سار إلى ترمذ [1] من دير أيوب وكانوا قد غوروا المياه فاستعمل المزاد والقرب والإبل وبعث وزيره الأبرش الكلبيّ إليهم وأجابوا إلى الطاعة. وهرب نفر منهم إلى البلد وهدم الأبرش سورها ورجع بمن أطاع إلى مروان ثم بعث مروان يزيد ابن عمر بن هبيرة إلى العراق لقتال الضحّاك الشيبانيّ الخارجي بالكوفة وأمدّه ببعوث أهل الشام ونزل قرقيسيا ليقدّم ابن هبيرة لقتال الضحّاك. وكان سليمان بن هشام قد استأذنه بالمقام في الرصافة أياما ويلحق به فرجعت طائفة عظيمة من أهل الشام الذين بعثهم مروان مع ابن هبيرة فأقاموا بالرصافة ودعوا سليمان بن هشام بالبيعة فأجاب، وسار معهم إلى قنّسرين فعسكر بها، وكاتب أهل الشام فأتوه من كل وجه. وبلغ الخبر مروان فكتب إلى ابن هبيرة بالمقام ورجع من قرقيسيا إلى سليمان فقاتله فهزمه، واستباح معسكره وأثخن فيهم وقتل أسراهم، وقتل إبراهيم أكبر ولد سليمان وخالد بن هشام المخزومي جا [2] أبيه فيما ينيف على ثلاثين ألفا وهرب سليمان إلى حمص في الفل فعسكر بها وبنى ما كان تهدم من سورها. وسار مروان إليه فلما قرب منه بيّته جماعة من أصحاب سليمان تبايعوا على الموت، وكان على احتراس وتعبية فترك القتال بالليل وكمنوا له في طريقه من الغد فقاتلهم إلى آخر النهار، وقتل منهم نحوا من ستمائة وجاءوا إلى سليمان فلحق بتدمر وخلف أخاه سعيدا بحمص وحاصره مروان عشرة أشهر ونصب عليهم نيفا وثمانين منجنيقا حتى استأمنوا
[1] وفي الكامل لابن الأثير ج 5 ص 330: وكان مروان بدير أيوب فبايع لابنيه عبيد الله وعبد الله وزوجهما ابنتي هشام بن عبد الملك وجمع كذلك بني أمية، واستقام له الشام ما خلا تدمر
…
وكانوا قد عوّروا المياه فاستعمل المزاد والقرب والإبل
…
»
[2]
بياض بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج 5 ص: ومثل إبراهيم بن سليمان أكبر ولده، وخالد بن هشام المخزوميّ خال هشام بن عبد الملك، وادّعى كثير من الأسراء للجند انّهم عبيد، فكف عن قتلهم وامر ببيعهم فيمن يزيد مع من أصيب من عسكرهم ومضى سليمان حتى انتهى إلى حمص
…
»