الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمر بالنداء على المتسترين والوعيد لمن أخفى، وطلب أبا أحمد بن المكتفي فظفر به، وبنى عليه حائطا فمات. ثم ظفر بعليّ فقتله. ثم شغب الجند في شعبان ومعهم أصحاب مؤنس، وثاروا ونادوا بشعاره، وطلبوا إطلاقه وأحرقوا روشن دار الوزير أبي جعفر. فعمد القاهر إلى بليق في محبسه وأمر به فذبح وحمل الرأسين إلى مؤنس، فلما رآهما مؤنس استرجع ولعن قاتلهما فأمر به فذبح وطيف بالرءوس. ثم أودعت بالخزانة. وقيل إن قتل عليّ بن بليق تأخّر عن قتل أبيه ومؤنس لأنه كان مختفيا، فلمّا ظفر به بعدهما قتله. ثم بعث القاهر إلى أبي يعقوب إسحاق بن إسماعيل اليوصحي فأخذ من محبس الوزير محمد بن القاسم وحبسه، وارتاب الناس من شدّة القاهر، وندم الساجيّة والحجريّة على مداخلته في ذلك الأمر. ثم قبض القاهر على وزيره أبي جعفر وأولاده وأخيه عبيد الله وخدمه لثلاثة أشهر ونصف من ولايته، ومات لثمان عشرة ليلة من حبسه، واستوزر مكانه أبا العبّاس أحمد بن عبيد الله بن سليمان الحصيبي. ثم استبدّ القاهر على طريف السيكري واستخف به، فخافه وتنكّر. ثم أحضره بعد أن قبض على الوزير أبي جعفر فقبض عليه وأودعه السجن إلى أن خلع القاهر.
ابتداء دولة بني بويه
كان أبوهم أبو شجاع بويه من رجالات الديلم، وكان له أولاد: علي والحسن وأحمد، فعلي أبو الحسن عماد الدولة، والحسن أبو علي ركن الدولة، وأحمد أبو الحسن معزّ الدولة. ونسبهم ابن ماكولا في الساسانية إلى بهرام جور بن يزدجرد، وابن مسكويه إلى يزدجرد بن شهريار، وهو نسب مدخول، لأنّ الرئاسة على قوم لا تكون في غير أهل بلدهم كما ذكرنا في مقدّمة الكتاب. ولما أسلم الديلم على يد الأطروش وملك بهم طبرستان وجرجان، وكان من قوّاده ما كان بن كالي وليلى بن النعمان وأسفار بن شيرويه ومرداويج بن وزيار، وكانوا ملوكا عظاما وازدحموا في طبرستان، فساروا لملك الأرض عند اختلاط الدولة العبّاسية وضعفها، وقصدوا الاستيلاء على الأعمال والأطراف. وكان بنو بويه من جملة قوّاد ما كان بن كالي.
فلمّا وقع بينه وبين مرداويج من الفتنة والخلاف ما تقدّم، وغلبه مرداويج على طبرستان وجرجان عادوا إلى مرداويج لتخفّ عنه مؤنتهم على أن يرجعوا إليه إذا صلح أمره، فساروا إلى مرداويج فقبلهم وأكرمهم، واستأمن إليه جماعة من قوّاد ما
كان فقتلهم وأولادهم. وولّى عليّ بن بويه على الكرج، وكان أكبر إخوته. وسار جميعهم إلى الريّ وعليها وشمكير بن وزيار أخو مرداويج ومعه وزيره الحسين بن محمد الملقّب بالعميد، فاتّصل به عليّ بن بويه وأهدى إليه بغلة كانت عنده ومتاعا، وندم مرداويج على ولاية هؤلاء المستأمنة من قوّاد ما كان، فكتب إلى أخيه وشمكير بالقبض على الباقين، وأراد أن يبعث في أثر عليّ بن بويه فخشي الفتنة تركه. ولمّا وصل عليّ بن بويه إلى الكرج استقام أمره وفتح قلاعا للخرمية ظفر منها بذخائر كثيرة، واستمال الرجال وعظم أمره، وأحبه الناس، ومرداويج يومئذ بطبرستان. ثم عاد إلى الريّ وأطلق مالا لجماعة من القوّاد على الكرج فوصلوا إلى عليّ ابن بويه فأحسن إليهم واستمالهم، وبعث إليهم مرداويج فدافعه فندم على إطلاقهم، وبعث فيهم مرداويج أمراء الكرج فاستأمن إليه شيرزاد من أعيان قوّاد الديلم. فقويت نفسه وسار إلى أصبهان وبها المظفّر بن ياقوت على الحرب في عشرة آلاف مقاتل، وأبو عليّ بن رستم على الخوارج، فأرسل عليّ بن بويه يستعطفهما في الانحياز إلى طاعة الخليفة وخدمته، والمسير إلى الحضرة فلم يجيباه. وكان أبو عليّ أشدّ كراهة له فمات تلك الأيام. وسار ابن ياقوت ثلاثة فراسخ عن أصبهان، وكان في أصحابه حسل وديلم، واستأمنوا إلى ابن بويه، ثم اقتتلوا فانهزم ابن ياقوت واستولى عليّ بن بويه على أصبهان، وهو عماد الدولة، وكان عسكره نحوا من تسعمائة، وعسكر ابن ياقوت نحوا من عشرة آلاف. وبلغ ذلك القاهر فاستعظمه وبلغ مرداويج فأقلقه وخاف على ما بيده، وبعث إلى عماد الدولة يخادعه يطلب الطاعة منه ليطمئن للرسالة، ويخالفه أخوه وشمكير في العساكر. وشعر ابن بويه بذلك فرحل عن أصبهان وقصد أرجان وبها أبو بكر بن ياقوت، فانهزم أبو بكر من غير قتال ولحق برامهرمز. واستولى ابن بويه على أرجان وخالفه وشمكير أخو مرداويج إلى أصبهان فملكها، وأرسل القاهر إلى مرداويج بأن يسلّم أصبهان لمحمد بن ياقوت ففعل.
وكتب أبو طالب يستدعيه ويهوّن عليه أمر ابن ياقوت ويغريه به، فخشي ابن بويه من كثرة عساكر ياقوت وأمواله، وأن يحصل بينه وبين ابنه تأهبات فتوقف، فأعاد عليه أبو طالب وأراه أن مرداويج طلب الصلح من ابن ياقوت وخوّفه اجتماعهما عليه. فسار ابن بويه إلى أرجان في ربيع سنة إحدى وعشرين، ولقيتهم هنالك مقدّمة ابن ياقوت فانهزمت، فزحف ابن ياقوت إليهم وبعث عماد الدولة أخاه ركن الدولة الحسن إلى