الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغرق في الزاب كثيرا، وسار إلى الموصل. ثم بلغه أنّ أحمد هرب عن ماردين وخلف بها ابنه، فسار المعتضد إليه ونازلة وقاتله يوما، ثم صعد من الغد إلى باب القلعة، وصاح بابن حمدان واستفتح الباب ففتح له دهشا وأمر بنقل ما في القلعة وهدمها، وبعث في طلب حمدان وأخذ أمواله.
الولاية على الجبل وأصبهان
عقد المعتضد سنة إحدى وثمانين لابنه عليّ وهو المكتفي على الريّ وقزوين وزنجان وأبهر وقمّ وهمذان والدينور فاستأمن إليه عامل الريّ لرافع بن الليث، وهو الحسن بن عليّ كورة فأمّنه وبعث به إلى أبيه.
عود حمدان إلى الطاعة
وفي سنة اثنتين وثمانين سار المعتضد إلى الموصل واستقدم إسحاق بن أيّوب وحمدان ابن حمدون، فبادر إسحاق بقلاعه وأودع حرمه وأمواله، فبعث إليه المعتضد العساكر مع وصيف ونصر القسوريّ [1] ، فمرّوا بذيل الزعفران من أرض الموصل وبه الحسن ابن علي كورة، ومعه الحسين بن حمدان. فاستأمن الحسين وبعثوا له إلى المعتضد فأمر بهدم القلعة. وسار وصيف في اتباع حمدان. فواقعه وهزمه وعبر إلى الجانب الغربي من دجلة وسار في ديار ربيعة، وعبرت إليه العساكر وحبسوه فأخذوا ماله، وهرب وضاقت عليه الأرض فقصد خيمة إسحاق بن أيّوب في عسكر المعتضد مستجيرا به فأحضره عند المعتضد فوكّل به وحبسه.
هزيمة هارون الشاري ومهلكه
كان المعتضد قد ترك بالموصل نصر القسرويّ لإعادته العمّال على الجباية، وخرج بعض العمّال لذلك فأغارت عليهم طائفة من أصحاب هارون الشاري وقتل بعضهم، فكثر عيث الخوارج. وكتب نصر القسروي إلى هارون يهدّده، فأجابه وأساء في الردّ وعرّض بذكر الخليفة فبعث نصر بالكتاب إلى المعتضد فأمره بالجدّ في طلب هارون، وكان على الموصل يكتم طاتشمر من مواليهم فقبض عليه وقيّده، وولّى على الموصل الحسن كورة، وأمر ولاة الأعمال بطاعته، فجمعهم وعسكر بالموصل،
[1] القشوري: ابن الأثير ج 7 ص 469.
وخندق على عسكره إلى أن أوقع بالناس غلاتهم. ثم سار إلى الخوارج وعبر الزاب إليهم فقاتلهم قتالا شديدا فهزمهم وقتل منهم وافترقوا، وسار الكثير منهم إلى أذربيجان ودخل هارون البريّة واستأمن وجوه أصحابه إلى المعتضد فأمّنهم. ثم سار المعتضد سنة ثلاث وثمانين في طلب هارون فانتهى إلى تكريت، وبعث الحسين بن حمدون في عسكر نحو من ثلاثمائة فارس، واشترط إن جاء به إطلاق ابنه حمدان! وسار معه وصيف وانتهى إلى بعض مخايض دجلة فأرصد بها وصيفا وقال: لا تفارقوها حتى تروني! ومضى في طلبه فواقعه وهزمه، وقتل من أصحابه. وأقام وصيف ثلاثة أيام فأبطأ عليه الأمر فسار في اتباع ابن حمدان، وجاء هارون منهزما إلى تلك المخاضة فعبر، وابن حمدان في أثره إلى حيّ من أحياء العرب قد اجتاز بهم هارون، فدلّوا ابن حمدان عليه فلحقه وأسره وجاء به إلى المعتضد. فرجع المعتضد آخر ربيع الأوّل وخلع على الحسين وإخوته وطوقه، وأدخل هارون على الفيل وهو ينادي: لا حكم إلا للَّه ولو كره المشركون، وكان صغديّا [1] . ثم أمر المعتضد بحلّ القيود عن حمدان ابن حمدون والإحسان إليه وبإطلاقه. وفي سنة اثنتين وثمانين سار المعتضد من الموصل إلى الجبل فبلغ الكرخ فهرب عمر بن عبد العزيز بن أبي دلف بين يديه فأخذ أمواله وبعث إليه في طلب جدّ كان عنده فوجهه إليه. ثم بعث المعتضد وزيره عبيد الله بن سليمان إلى ابنه بالريّ ليسير من هناك إلى عمر بن عبد العزيز بالأمان، فسار وأمّنه ورجع إلى الطاعة فخلع عليه وعلى أهل بيته، وكان أخوه بكر بن عبد العزيز قد استأمن قبل ذلك إلى عبيد الله بن سليمان وبدر فولّاه عمله، على أن يسير إلى حربه.
فلما وصل عمر في الأمان قال لبكر: إنما ولّيناك وأخوك عاص فامضيا إلى أمير المؤمنين المعتضد وولى عيسى النوشريّ على أصبهان من قبل عمرو هرب بكر إلى الأهواز وسار عبيد الله بن سليمان الوزير إلى عليّ بن المعتضد بالريّ. ولما بلغ الخبر إلى المعتضد بعث وصيفا موسكين [2] إلى بكر بن عبد العزيز بالأهواز فلحقه بحدود فارس، فمضى بكر إلى أصبهان ليلا ورجع وصيف إلى بغداد، وكتب المعتضد إلى بدر مولاه بطلب بكر بن عبد العزيز وحربه، فأمر بذلك عيسى النوشريّ فقام به ولقي بكرا بنواحي أصبهان فهزمه بكر، ثم عاد النوشريّ لقتاله سنة أربع وثمانين فهزمه بنواحي أصبهان
[1] صغريا: ابن الأثير ج 7 ص 477.
[2]
وصيف بن موشكير: المرجع السابق ص 476.