الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تخرج فأنت غلام غرّ. ثم ارتحل المعتصم إلى الثغور وتغيّر أشناس على عمر الفرغاني وأحمد بن الخليل وأساء عليهما فطلبا من المعتصم أن يضمّهما إلى من شاء وشكيا من أشناس فقال له المعتصم أحسن أدبهما فحبسهما وحملهما على بغل، فلما صار بالصفصاف حدّث الغلام ما سمع من قريبه عمر الفرغاني فأمر بغا أن يأخذه من عند أشناس ويسأله عن تأويل مقالته فأنكر وقال إنه كان سكران، فدفعه إلى إتياخ. ثم دفع أحمد بن الخليل إلى أشناس [1] عنده نصيحة للمعتصم وأخبره خبر العبّاس بن المأمون والقوّاد والحرث السّمرقندي فأنفذ أشناس إلى الحرث وقيّده وبعث به إلى المعتصم، وكان في المقدمة فأخبر الحرث المعتصم بجلية الأثر فأطلقه وخلع عليه، ولم يصدقه على القواد لكثرتهم. ثم حضر العبّاس بن المأمون واستحلفه أن لا يكتم عنه شيئا فشرح له القصة فحبسه عند الأفشين وتتبع القوّاد بالحبس والتنكيل وقتل منهم المشاء بن سهيل [2] ثم دفع العبّاس للأفشين، فلما نزل منبج طلب الطعام فأطعم ومنع الماء. ثم أدرج في نبج [3] فمات. ولما وصل المعتصم إلى نصيبين احتفر لعمر الفرغاني بئرا وطمت عليه، ولما دخلوا بلاد الموصل قتل عجيف بمثل ما قتل به العبّاس واستلحم جميع القوّاد في تلك الأيام وسمّوا العبّاس اللعين. ولما وصل إلى سامرا جلس أولاد المأمون في داره حتى ماتوا.
انتقاض مازيار وقتله
كان مازيار بن قارن بن وندا هرمز [4] صاحب طبرستان وكان منافرا لعبد الله بن طاهر فلا يحمل إليه الخراج وقال: لا أحمله إلا للمعتصم فيبعث المعتصم من يقبضه من أصحابه ويدفعه إلى وكيل عبد الله بن طاهر يردّه إلى خراسان. وعظمت الفتنة بين مازيار وعبد الله وعظمت سعاية عبد الله في مازيار عند المعتصم حتى استوحش منه.
ولما ظفر الأفشين ببابك وعظم محله عند المعتصم وطمع في ولاية خراسان ظن أنّ انتقاض مازيار وسيلة لذلك فجعل يستميل مازيار ويحرّضه على عداوة ابن طاهر وإن
[1] بياض بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج 6 ص 491: «وسار المعتصم، فأنفذ احمد بن الخليل إلى أشناس يقول له: ان عندي نصيحة لأمير المؤمنين.»
[2]
الشاه بن سهل: ابن الأثير ج 6 ص 492.
[3]
في مسح: ابن الأثير ج 6 ص 492.
[4]
مازيار بن قارن بن ونداد هرمز: ابن الأثير ج 6 ص 495.
أدّت إلى الخلاف ليبعثه المعتصم لحربه فيكون ذلك وسيلة له إلى استيلائه على خراسان ظنّا بأنّ ابن طاهر لا ينهض لمحاربته. فانتقض مازيار وحمل الناس على بيعته كرها وأخذ رهائنهم وعجّل جباية الخراج فأستكثر منه وخرّب سور آمد وسور سابة [1] وفتل [2] أهلها إلى جبل يعرف بهرمازا بارونى [3] وسرخاشان سور طمس منها إلى البحر على ثلاثة أميال وهي على حد جرجان وكانت تبنيه سدّا بين الترك وطبرستان [4] وجعل عليه خندقا ومن أهل جرجان إلى نيسابور، وأنفذ عبد الله بن طاهر عمّه الحسن بن الحسين في جيش كثيف لحفظ جرجان، فعسكر على الخندق، ثم بعث مولاه حيّان بن جبلة إلى قومس فعسكر على جبال شروين، وبعث المعتصم من بغداد محمد بن إبراهيم بن مصعب وبعث منصور بن الحسن صاحب دنباوند إلى الري، وبعث ابا الساج إلى دنباوند وأحاطت العساكر بحياله من كل ناحية، وداخل أصحاب الحسن بن الحسين أصحاب سرخاشان [5] في تسليم سورهم وليس بينهما إلا عرض الخندق، فكلّموه وسار الآخرون إليه على حين غفلة من القائدين، وركب الحسن بن الحسين وقد ملك أصحابه السور ودخلوا منه فهرب سرخاشان وقبضوا على أخيه شهريار فقتل. ثم قبض على سرخاشان على خمسة فراسخ من معسكره وجيء به إلى الحسن بن الحسين فقتله أيضا. ثم وقعت بين حيّان بن جبلة وبين فارق بن شهريار [6] وهو ابن أخي مازيار ومن قوّاده، مداخلة استمالت حيّان، فأجاب أن يسلّم مدينة سارية إلى حد جرجان على أن يملّكوه جبال آبائه، وبعث حيّان إلى ابن طاهر فسجل لقارن بما سأل، وكان قارن في جملة عبد الله بن قارن أخي مازيار ومن قوّاده فأحضر جميعهم لطعامه وقبض عليهم، وبعث بهم إلى حيّان فدخل جبال قارن في جموعه واعتصم [7] لذلك مازيار، وأشار عليه أخوه القوهيار أن يخلّي سبيل من عنده من أصحاب ينزلون من الجبل إلى مواطنهم لئلا يؤتى من قبلهم، فصرف
[1] وأمر بتخريب سور آمل، وسور سارية، وسور طميس، فخرّبت الأسوار: ابن الأثير ج 6 ص 496.
[2]
لعلها ونقل أهلها.
[3]
هرمزاباذ: ابن الأثير ج 6 ص 496.
[4]
العبارة غير واضحة وفي الكامل ج 6 ص 496: «وبنى سرخاستان سورا من طميس إلى البحر، مقدار ثلاثة أميال، كانت الاكاسرة بنته لتمنع الترك من الغارة على طبرستان.»
[5]
سرخاستان: ابن الأثير ج 6 ص 496.
[6]
قارن بن شهريار: ابن الأثير ج 6 ص 498.
[7]
مقتضى السياق واغتمّ.
صاحب شرطته وخراجه وكاتبه حميدة، فلحقوا بالسهل ووثب أهل سارية بعامله عليهم مهرستان بن شهرين فهرب ودخل حيّان سارية. ثم بعث قوهيار أخو مازيار محمد بن موسى بن حفص عامل طبرستان وكانوا قد حبسوه عند انتقاضهم، فبعثه إلى حيّان ليأخذ له الأمان وولاية جبال آبائه على أن يسلم إليه مازيار، وعذل قوهيار بعض أصحابه في عدو له بالاستئمان عن الحسن إلى حيّان فرجع إليهم وكتبوا إلى الحسن يستدعونه قوهيار من أخيه مازيار [1] فركب من معسكره بطمس وجاء لموعدهم ولقي حيّان على فرسخ فردّه إلى جبال شروين التي افتتحها، ووبخه على غيبته عنها فرجع الى سارية وتوفي، وبعث عبد الله مكانه بن الحسين بن مصعب وعهد إليه أن لا يمنع قارن ما يريده، ولما وصل الحسن إلى خرّم آباذ وسط جبال مازيار لقيه قوهيار هنالك، واستوثق كل منهما من صاحبه، وكاتب محمد بن إبراهيم ابن مصعب من قوّاد المعتصم قوهيار بمثل ذلك، فركب قاصدا إليه، وبلغ الحسن خبره فركب في العسكر وحازم يسابق محمد بن إبراهيم إلى قوهيار فسبقه ولقي قوهيار وقد جاء بأخيه مازيار فقبض عليه وبعثه مع اثنين من قوّاده إلى خرّم آباذ ومنها إلى مدينة سارية. ثم ركب واستقبل محمد بن إبراهيم بن مصعب وقال: أين تريد؟
فقال: إلى المازيار فقال هو بسارية، ثم حبس الحسن أخوي المازيار ورجع إلى مدينة سارية فقيّد المازيار بالقيد الّذي قيّد به محمد بن محمد بن موسى بن حفص، وجاء كتاب عبد الله بن طاهر بأن يدفع المازيار وأخويه وأهل بيته إلى محمد بن إبراهيم يحملهم إلى المعتصم. وسأل الحسن المازيار عن أمواله فذكر أنها عند قوم من وجوه سارية سمّاهم وأمر الحسن القوهيار بحمل هذه الأموال، وسار إلى الجبل ليحملها، فوثب به مماليك المازيار من الديلم وكانوا ألفا ومائتين فقتلوه بثأر أخيه وهربوا إلى الديلم، فاعترضتهم جيوش محمد بن إبراهيم وأخذوهم فبعث بهم إلى مدينة سارية.
وقيل إنّ الّذي غدر بالمازيار ابن عمّ له كان يتوارث جبال طبرستان والمازيار يتوارث سهلها، وكانت جبال طبرستان ثلاثة أجبل فلما انتقض واحتاج إلى الرجال دعا ابن عمه من السهل وولّاه على أصعبها وظنّ أنه قد توثق به فكاتب هو الحسن وأطلعه على مكاتبة الأفشين لمازيار وداخله [2] في الفتك على أن يولّيه ما كان لآبائه، وأنّ المازيار
[1] العبارة غير واضحة وفي الكامل ج 6 ص 500: «وكتب احمد بن الصقر ومحمد بن موسى بن حفص الى الحسن بن الحسين وهو بطميس: أن أقدم علينا لندفع إليك مازيار والخيل وإلّا فاتك
…
»
[2]
داخله: شاوره.