الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخرّبها. ثم استولى على مدائن السند واحدة واحدة وقطع نهر ساسل إلى الملقاد فحاصرها وقطع الماء فنزلوا على حكمه، فقتل المقاتلة وسبى الذرية، وقتل سدنة البلد وهم ستة آلاف وأصابوا في البلد ذهبا كثيرا في بيت طوله عشرة أذرع وعرضه ثمانية كانت الأموال تهدى إليه من البلدان ويحجون إليه ويحلقون شعرهم عنده ويزعمون أنه هو أيوب فاستكمل فتح السند وبعث من الخمس بمائة وعشرين ألف ألف وكانت النفقة نصفها.
فتح الطالقان وسمرقند وغزو كش ونسف والشاش وفرغانة وصلح خوارزم
قد تقدّم أن قتيبة غزا بخارى سنة تسع وثمانين، وانصرف عنها ولم يظفر. وبعث إليه الحجّاج سنة تسعين يوبخه على الانصراف عنها ويأمره بالعود فسار إليها ومعه نيزك طرخان صاحب باذغيس، وحاصرها واستجاش ملكها وردان أخذاه [1] بمن حوله من الصغد والترك. فلما جاء مددهم خرجوا إلى المسلمين وكانت الأزد في المقدّمة فانهزموا حتى جازوا عسكر المسلمين ثم رجعوا وزحفت العساكر حتى ردّوا الترك إلى موقفهم. ثم زحف بنو تميم وقاتلوا الترك حتى خالطوهم في مواقفهم وأزالوهم عنها وكان بين المسلمين وبينهم نهر لم يتجاسر أحد على عبوره إلا بنو تميم، فلما زالوا عن مواقفهم عبر الناس واتبعوهم وأثخنوا فيهم بالقتل، وخرج خاقان وابنه وفتح الله على المسلمين وكتب بذلك إلى الحجّاج ولما استوت الهزيمة جاء طرخون ملك الصغد ومعه فارسان ودنا من عسكر قتيبة يطلب الصلح على فدية يؤدّيها فأجابه قتيبة وعقد له ورجع قتيبة ومعه نيزك وقد خافه لما رأى من الفتوح، فاستأذنه في الرجوع وهو بآمد، فرجع يريد طخارستان وأسرع السير وبعث قتيبة إلى المغيرة بن عبد الله يأمره بحبسه وتبعه المغيرة فلم يدركه وأظهر نيزك الخلع ودعا لذلك الأصبهند [2] ملك بلخ. وباذان ملك مروالروذ وملك الطالقان وملك القاربات وملك الجوزجان فأجابوه، وتوعدوا [3] لغزو قتيبة. وكتب إلى كاتب شاه يستظهر به وبعث إليه بأثقاله وأمواله واستأذنه في الإتيان إن اضطر إلى ذلك. وكان جيفونة ملك
[1] ورد اسمه سابقا وردان خذاه.
[2]
هو الأصبهبذ كما مرّ اسمه في مكان سابق.
[3]
لعلها تواعدوا حسب مقتضى السياق اي اتفقوا على موعد، اما التوعد اي التهديد فلا معنى لها هنا.
طخارستان نيزك ينزل عنده، فاستضعفه وقبض عليه وقيّده خشية من خلافه وأخرج عامل قتيبة من بلده. وبلغ قتيبة وخبرهم قبل الشتاء وقد تفرّق الجند فبعث أخاه عبد الرحمن بن مسلم في اثني عشر ألف إلى البروقان، وقال: أقم بها ولا تحدث شيئا، فإذا انقضى الشتاء تقدّم إلى طخارستان وأنا قريب منك. ولما انصرم الشتاء استقدم قتيبة الجنود من نيسابور وغيرها فقدموا، فسار نحو الطالقان وكان ملكها قد دخل معهم في الخلع ففتحها وقتل من أهلها مقتلة عظيمة وصلب منهم سماطين أربعة فراسخ في مثلها، واستخلف عليها أخاه محمد بن مسلم، وسار إلى القاربات فخرج إليه ملكها مطيعا واستعمل عليها وسار إلى الجوزجان فلقيه أهلها بالطاعة، وهرب ملكها إلى الجبال واستعمل عليها عامر بن ملك الحماس. ثم أتى بلخ وتلقاه أهلها بالطاعة وسار يتبع أخاه عبد الرحمن إلى شعب حمله، ومضى نيزك إلى بغلان وخلف المقاتلة على فم الشعب ولا يهتدي إلى مدخل، ومضايقوه يمنعونه. ووضع أثقاله في قلعة من وراء الشعب، وأقام قتيبة أياما يقاتلهم على فم الشعب ولا يهتدى إلى مدخل، حتى دلّه عليه بعض العجم هنالك على طريق سرّب منه الرجال إلى القلعة فقتلوهم، وهرب من بقي منهم ومضى إلى سمنجان ثم إلى نيزك، وقدّم أخاه عبد الرحمن وارتحل نيزك إلى وادي فرغانة، وبعث أثقاله وأمواله إلى كابل شاه، ومضى إلى السكون فتحصّن به ولم يكن له إلا مسلك واحد صعب على الدواب فحاصره قتيبة شهرين حتى جهدوا وأصابهم جهد الجدري وقرب فصل الشتاء فدعا قتيبة بعض خواصه ممن كان يصادق نيزك فقال:
انطلق إليه وأثن عليه بغير أمان وإن أعياك فأمنه وإن جئت دونه صلبتك. فمضى الرجل وأشار عليه بلقائه وأنه عازم على أن يشق هنالك، فقال: أخشاه فقال له:
لا يخلّصك إلا إتيانك، تنصّح له بذلك وبأنه يخشى عليه من غدر أصحابه الذين معه. ولم يزل يفتل له [1] في الذروة والغارب، وهو يمتنع حتى قال له: إنه قد أمّنك. فأشار عليه أصحابه بالقبول لعلمهم بصدقة وخرج معه نيزك ومعهم جيفونة ملك طخارستان الّذي كان قيّده حتى انتهوا إلى الشعب وهناك خيل أكمنه الرجل ما كان فيه وكتب إلى الحجّاج يستأذنه في قتل نيزك فوافاه كتابه لأربعين يوما بقتله فقتله وقتل معه صول طرخان خليفة جيفونة وابن أخي نيزك ومن أصحابه
[1] «قوله يفتل له
…
هو مثل من أمثال العرب يضرب في الخداع والمماكرة أهـ. من الميداني» .
سبعمائة وصلبهم وبعث برأسه إلى الحجاج وأطلق جيفونة وبعث به إلى الوليد ثم رجع إلى مرو. وأرسل إليه ملك الجوزجان يستأمنه فأمّنه على أن يأتيه فطلب الرهن فأعطاه. وقدم ثم رجع فمات بالطالقان وذلك سنة إحدى وتسعين. ثم سار إلى شومان فحاصرها، وقد كان ملكها طرد عامل قتيبة من عنده، فبعث إليه بعد مرجعه من هذه الغزاة أن يؤدّي ما كان صالح عليه، فقتل الرسول، فسار إليه قتيبة وبعث له صالح أخو قتيبة وكان صديقه ينصحه في مراجعة الطاعة فأبى، فحاصره قتيبة ونصب عليه المجانيق فهدم الحصن وجمع الملك ما في الحصن من مال وجوهر ورمى به في بئر لا يدرك قعره، ثم استمات وخرج فقاتل حتى قتل وأخذ قتيبة القلعة عنوة فقتل المقاتلة وسبى الذرّية ثم بعث أخاه عبد الرحمن إلى الصغد وملكهم طرخون فأعطى ما كان صالح عليه قتيبة. وسار قتيبة إلى كشّ ونسف فصالحوه. ورجع ولقي أخاه ببخارى وساروا إلى مرو. (ولما رجع) عن الصغد، حبس الصغد ملكهم طرخون لإعطائه الجزية وولّوا عليهم غورك فقتل طرخون نفسه ثم غزا في سنة اثنتين وتسعين إلى سجستان يريد رتبيل فصالحه وانصرف. وكان ملك خوارزم قد غلبه أخوه خرزاد على أمره وكان أصغر منه وعاث في الرعية وأخذ أموالهم وأهليهم فكتب إلى قتيبة يدعوه إلى أرضه ليسلّمها إليه على أن يمكنه من أخيه ومن عصاه من دونهم، فأجابه قتيبة ولم يطلع الملك أحدا من مرازبته على ذلك وتجهز قتيبة سنة ثلاث وتسعين وأظهر غزو الصغد، فأقبل أهل خوارزم على شأنهم ولم يحتفلوا بغزوه، وإذا به قد نزل هزارسب قريبا منهم، وجاء أصحاب خوارزم شاه إليه فدعوه للقتال فقال: ليس لنا به طاقة ولكن نصالحه على شيء نعطيه كما فعل غيرنا، فوافقوه. وسار إلى مدينة الفيد من وراء النهر، وهذا حصن بلاده وصالحه بعشرة آلاف رأس وعين ومتاع وأن يعينه على خام جرد وقيل على مائة ألف رأس [1] . وبعث قتيبة أخاه عبد الرحمن إلى خام جرد وهو عدو لخوارزم شاه فقاتله وقتله عبد الرحمن وغلب على أرضه، وأسر منهم أربعة آلاف فقتلهم وسلّم قتيبة إلى خوارزم شاه أخاه ومن كان يخالفه من أمرائه فقتلهم، ودفع أموالهم إلى قتيبة. ولما قبض قتيبة أموالهم أشار عليه المحشر بن مخازم
[1] قوله على مائة ألف رأس لعله ممن يأخذ منهم خراجا، والا فمن العبيد استرقاق هذا العدد وأخذه منهم.
وماذا يصنعون بهذا العدد وأي طعام يكفيهم كل يوم. من خط الشيخ العطار.
السلميّ بغزو الصغد وهم آمنون على مسافة عشرة أيام. فقال أكتم ذلك فقدّم أخاه في الفرسان والرماة، وبعثوا بالأثقال إلى مرو، وخطب قتيبة الناس وحثّهم على الصغد وذكّرهم الضغائن فيهم. ثم سار فأتى الصغد بعد ثلاث من وصول أخيه، فحاصرهم بسمرقند شهرا واستجاشوا ملك الشاش وأخشاد [1] خاقان وفرغانة فانتخبوا أهل النجدة من أبناء الملوك والمرازبة والأساورة وولّوا عليهم ابن خاقان وجاءوا إلى المسلمين، فانتخب قتيبة من عسكره ستمائة فارس، وبعث بهم أخاه صالحا لاعتراضهم. في طريقهم، فلقوهم بالليل وقاتلوهم أشدّ قتال، فهزموهم وقتلوهم وقتلوا ابن خاقان ولم يفلت منهم إلا القليل وغنموا ما معهم، ونصب قتيبة المجانيق فرماهم بها وثلم السور واشتدّ في قتالهم، وحمل الناس عليهم إلى أن بلغوا الثلمة. ثم صالحوه على ألفي ألف ومائتي ألف مثقال، في كل عام، وأن يعطوه تلك السنة ثلاثين ألف رأس، وأن يمكّنوه من بناء مسجد بالمدينة ويخلوها حتى يدخل فيصلّي فيه.
فلما فعل ذلك ودخل المدينة أكرههم على إقامة جند فيها وقيل إنه شرط عليهم الأصنام وما في بيوت النار فأعطوه فأخذ الحلية وأحرق الأصنام وجمع من بقايا مساميرها وكانت ذهبا خمسين ألف مثقال. وبعث بجارية من سبيها من ولد يزدجرد إلى الحجّاج، فأرسلها الحجّاج إلى الوليد وولدت له يزيد. ثم قال فورك لقتيبة انتقل عنّا فانتقل وبعث إلى الحجاج بالفتح. ثم رجع إلى مرو واستعمل على سمرقند إياس ابن عبد الله على حربها، وعبيد الله بن أبي عبيد الله مولى مسلم على خراجها، فاستضعف أهل خوارزم إياسا وجمعوا له فبعث قتيبة عبد الله عاملا على سمرقند وأمره أن يضرب إياسا وحبايا السطي مائة مائة ويخلعهما. فلما قرب عبد الله من خوارزم مع المغيرة بن عبد الله فبلغهم ذلك وخشي ملكهم من أبناء الذين كان قتلهم ففرّ إلى بلاد الترك. وجاء المغيرة فقتل وسبى وصالحه الباقون على الجزية، ورجع إلى قتيبة فولّاه على نيسابور ثم غزا قتيبة سنة أربع وتسعين إلى ما وراء النهر وفرض البعث على أهل بخارى وكشّ ونسف وخوارزم، فسار منهم عشرون ألف مقاتل فبعثهم إلى الشاش وسار هو إلى خجندة فجمعوا له واقتتلوا مرارا كان الظفر فيها للمسلمين. وفتح الجند الذين ساروا إلى الشاش مدينة الشاش وأحرقوها ورجعوا إلى قتيبة وهو على كشان
[1] قوله واخشاد لعله اخشيد فرغانة لأن ملك فرغانة يقال له الإخشيد من خط الشيخ العطار.