الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمواسم جعفر بن دينار، وكان على حمص أبو المغيب موسى بن إبراهيم الرافقي وثبوا به سنة تسع وثلاثين، فولّى مكانه محمد بن عبدويه. وفي سنة تسع وثلاثين عزل يحيى بن أكثم عن القضاء، وولّى مكانه جعفر بن عبد الواحد بن جعفر بن سليمان وفي سنة اثنتين وأربعين ولّى على مكة عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام، وولّى على ديوان النفقات الحسن بن مخلد بن الجرّاح عند ما توفي إبراهيم بن العبّاس الصوليّ وكان خليفته فيها من قبل. وفي سنة خمس وأربعين اختط المتوكل مدينته وأنزلها القوّاد والأولياء وأنفق عليها ألف ألف دينار، وبنى فيها قصر اللؤلؤة لم ير مثله في علوّه وأجرى له الماء في نهر احتفره وسمّاها المتوكليّة وتسمى الجعفري والماخورة وفيها ولّى على طريق مكة أبا الساج مكان جعفر بن دينار لوفاته تلك السنة. وولّى على ديوان الضياع والتوقيع نجاح بن سلمة وكانت له صولة على العمّال، فكان ينام المتوكل فسعى عنده في الحسن بن مخلد وكان معه على ديوان الضياع ولّى موسى بن عقبة عبد الملك وكان على ديوان الخراج، وضمن للمتوكل في مصادرتهما أربعين ألفا. وأذن المتوكل وكانا منقطعين إلى عبيد الله بن خاقان، فتلطّف عند نجاح وخادعه حتى كتب على الرقعتين، وأشار إليه بأخذ ما فيهما معا وبدأ بنجاح فكتبه وقبض منه مائة وأربعين ألف دينار سوى الغلّات والفرش والضياع، ثم ضرب فمات وصودر أولاده في جميع البلاد على أموال جمة.
مقتل المتوكل وبيعة المنتصر ابنه
كان المتوكل قد عهد إلى ابنه المنتصر ثم ندم وأبغضه لما كان يتوهّم فيه من استعجاله الأمر لنفسه، وكان يسمّيه المنتصر والمستعجل لذلك. وكان المنتصر تنكّر عليه انحرافه عن سنن سلفه فيما ذهبوا إليه من مذهب الاعتزال والتشيّع لعليّ، وربما كان الندمان في مجلس المتوكّل يفيضون في ثلب عليّ فينكر المنتصر ذلك ويتهدّدهم ويقول للمتوكل: إنّ عليّا هو كبير بيننا وشيخ بني هاشم، فإن كنت لا بدّ ثالبه فتولّ ذلك بنفسك ولا تجعل لهؤلاء الصفّاعين سبيلا إلى ذلك فيستخف به ويشتمه، ويأمر وزيره عبيد الله بصفعه ويتهدّده بالقتل ويصرّح بخلعه. وربما استخلف ابنه الحبر [1] في الصلاة والخطبة مرارا وتركه فطوى من ذلك على النكث. وكان المتوكل قد
[1] المعتزّ: ابن الأثير ج 7 ص 95.
استفسد إلى بغا ووصيف الكبير ووصيف الصغير ودواجن، فأفسدوا عليه الموالي.
وكان المتوكل قد أخرج بغا الكبير من الدار وأمره بالمقام بسميساط لتعهّد الصوائف، فسار لذلك واستخلف مكانه ابنه موسى في الدار وكان ابن خالة المتوكل، واستخلف على الستر بغا الشرابي الصغير. ثم تغيّر المتوكل لوصيف وقبض ضياعه بأصبهان والجبل وأقطعها الفتح بن خاقان، فتغيّر وصيف لذلك وداخل المنتصر في قتل المتوكّل، وأعدّ لذلك جماعة من الموالي بعثهم مع ولده صالح وأحمد وعبد الله ونصر، وجاءوا في الليلة اتعدوا فيها. وحضر المنتصر ثم انصرف على عادته، وأخذ زرافة الخادم معه، وأمر بغا الشرابي الندمان بالانصراف حتى لم يبق إلا الفتح وأربعة من الخاصّة، وأغلق الأبواب إلا باب دجلة فأدخل منه الرجال وأحس المتوكل وأصحابه بهم فخافوا على أنفسهم، واستماتوا وابتدروا إليه فقتلوه.
والقى الفتح نفسه عليهم ليقيه فقتلوه. وبعث إلى المنتصر وهو ببيت زرافة فأخبره وأوصى بقتل زرافة فمنعه المنتصر، وبايع له زرافة وركب إلى الدار فبايعه من حضر وبعث إلى وصيف إنّ الفتح قتل أبي فقتلته، فحضر وبايع. وبعث عن أخويه المعتز والمؤيد فحضرا وبايعا له. وانتهى الخبر إلى عبيد الله بن يحيى فركب من ليله وقصد منزل المعتزّ فلم يجده واجتمع عليه عشرة آلاف من الأزد والأرمن والزواقيل، وأغروه بالحملة على المنتصر وأصحابه فأبى وخام عن ذلك، وأصبح المنتصر فأمر بدفن المتوكّل والفتح، وذلك لأربع خلون من شوّال سنة سبع وأربعين ومائتين. وشاع الخبر بقتل المتوكل فثار الجند وتبعهم [1] وركب بعضهم بعضا، وقصدوا باب السلطان فخرج إليهم بعض الأولياء فأسمعوه، ورجع فخرج المنتصر بنفسه وبين يديه المغاربة فشرّدوهم عن الأبواب فتفرّقوا بعد أن قتل منهم ستة أنفس.
[1] بياض بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج 7 ص 105: «ولما أصبح الناس شاع الخبر في الماخورة، وهي المدينة التي كان بناها المتوكّل، وفي أهل سامرّاء بقتل المتوكل فتوافى الجند والشاكرية بباب العامّة وبالجعفرية، وغيرهم من الغوغاء والعامّة، وكثر الناس وتسامعوا وركب بعضهم بعضا
…
»