الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسيرة المختار الى الكوفة وأخذها من ابن المطيع بعد وقعة كربلاء
مضى إبراهيم الى المختار وأخبره الخبر وبعثوا في الشيعة ونادوا بثأر الحسين، ومضى
[ () ] احدى وستين، ولما كان من الغد قدم من الكوفة عمر بن سعد ابن أبي وقاص بأربعة آلاف فارس، أرسله ابن زياد لحرب الحسين، فسأله الحسين في أن يمكن اما من العود من حيث أتى، واما ان يجهز الى يزيد بن معاوية، واما ان يمكن أن يلحق بالثغور، فكتب عمر الى ابن زياد يسأل أن يجاب الحسين الى أحد هذه الأمور، فاغتاظ ابن زياد فقال لا ولا كرامة، فأرسل مع شمر بن ذي الجوشن الى عمر بن سعد، اما ان تقاتل الحسين وتقتله وتطأ الخيل جثته، واما ان تعتزل ويكون الأمير على الجيش شمر، فقال عمر بن سعد بل أقاتله، ونهض عشية الخميس تاسع المحرم من هذه السنة، والحسين جالس امام بيته بعد صلاة العصر. فلما قرب الجيش منه سألهم مع أخيه العباس ان يمهلوه الى الغد، وانه يجيبهم الى ما يختارونه فأجابوه إلى ذلك. وقال الحسين لأصحابه اني قد أذنت لكم فانطلقوا في هذا الليل وتفرقوا في سوادكم ومدائنكم، فقال اخوه العباس لم نفعل ذلك لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبدا! ثم تكلم اخوته وبنو أخيه وبنو عبد الله بن جعفر في نحو ذلك، وكان الحسين وأصحابه يصلون الليل كله ويدعون، فلما أصبحوا ركب عمر بن سعد في أصحابه وذلك يوم عاشوراء من المذكورة، وعبى الحسين أصحابه وهم اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا. ثم حملوا على الحسين وأصحابه واستمر القتال الى وقت الظهر من ذلك اليوم، فصلى الحسين وأصحابه صلاة الخوف. واشتد بالحسين العطش، فتقدم ليشرب فرمي بسهم فوقع في فمه. ونادى شمر: ويحكم ما تنتظرون بالرجل اقتلوه، فضربه زرعة بن شريك على كتفه، وضربه آخر على عاتقه، وطعنه سنان بن أنس النخعي بالرمح، فوقع فنزل اليه فذبحه واحتز رأسه. وقيل ان الّذي نزل واحتز رأسه هو شمر المذكور، وجاء به الى عمر بن سعد، فأمر عمر بن سعد جماعة فوطئوا صدر الحسين وظهره بخيولهم، ثم بعث بالرءوس والنساء والأطفال الى عبيد الله بن زياد فجعل ابن زياد يقرع فم الحسين بقضيب في يده، فقال له زيد بن أرقم ارفع هذا القضيب فو الّذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله (ص) على هاتين الشفتين. ثم بكى، وروي انه قتل مع الحسين من أولاد علي أربعة هم العباس وجعفر ومحمد وأبو بكر ومحمد، ومن أولاد الحسين أربعة، وقتل عدة من أولاد عبد الله بن جعفر ومن أولاد عقيل. ثم بعث ابن زياد بالرءوس وبالنساء والأطفال. ثم أمر النعمان بن بشير أن يجهزهم بما يصلحهم، وأن يبعث معهم أمينا يوصلهم الى المدينة، فجهزهم الى المدينة، ولما وصلوا اليها لقيهم نساء بني هاشم حاسرات وفيهن ابنة عقيل بن أبي طالب وهي تبكي وتقول:
ماذا تقولون ان قال النبي لكم
…
ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم
بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي
…
منهم أسارى وصرعى ضرجوا بدم
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم
…
ان تخلفوني بسوء في ذوي رحمي
(واختلف) في موضع الحسين فقيل جهز الى المدينة ودفن عند امه. وقيل دفن عند باب الفراديس، وقيل ان خلفاء مصر نقلوا من عسقلان رأسا الى القاهرة ودفنوه بها وبنوا عليه مشهدا يعرف بمشهد الحسين، وقد اختلف في عمره والصحيح انه خمس وخمسون سنة وأشهر. وقيل حج الحسين خمسا وعشرين حجة ماشيا، وكان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة (وأما) عبد الله بن الزبير فإنه استمر بمكة ممتنعا عن الدخول في طاعة يزيد بن معاوية.
إبراهيم إلى النخع فاستركبهم وسار بهم في المدينة ليلا وهو يتجنب المواضع التي فيها الأمراء ثم لقي بعضهم فهزمهم، ثم آخرين كذلك ثم رجع إلى المختار فوجد شيث بن ربعيّ وحجاز بن أبجر العجليّ يقاتلانه فهزمهما، وحاشب بن المطيع فأشار إليه بجمع الناس والنهوض إلى القوم قبل فولّى أمرهم فركب واجتمع الناس وتوافي إلى المختار نحو أربعة آلاف من الشيعة وبعث ابن مطيع شيث بن ربعي في ثلاثة آلاف، وربع بن إياس في أربعة آلاف فسرّح إليهم المختار إبراهيم بن الأشتر لراشد في ستمائة فارس وستمائة راجل ونعيم بن هبيرة لشيث في ثلاثمائة فارس وستمائة راجل واقتتلوا من بعد صلاة الصبح. وقتل نعيم فوهن المختار لقتله وظهر شيث وأصحابه عليهم وقاتل إبراهيم بن الأشتر راشد بن إياس فقتله، وانهزم أصحابه وركبهم الفشل. وبعث ابن المطيع جيشا كثيفا فهزمهم، ثم حمل على شيث فهزمه، وبعث المختار فمنعه الرماة من دخول الكوفة. ورجع المنهزمون إلى ابن مطيع فدهش فشجعه عمر ابن الحجّاج الزبيديّ وقال له: اخرج واندب الناس ففعل. وقام في الناس ووبخهم على هزيمتهم وندبهم ثم بعث عمر بن الحجاج في ألفين وشمر بن ذي الجوشن في ألفين ونوفل بن مساحق في خمسة آلاف. ووقف هو بكتائبه. واختلف على القصر شيث بن ربعي فحمل ابن الأشتر على ابن مساحق فهزمه وأسره، ثم من عليه ودخل ابن مطيع القصر وحاصره إبراهيم بن الأشتر ثلاثا ومعه يزيد بن أنس وأحمد بن شميط، ولما اشتدّ الحصار على ابن مطيع، أشار عليه شيث بن ربعي بأن يستأمن للمختار، ويلحق بابن الزبير وله ما يعده. فخرج عنهم مساء ونزل دار أبي موسى واستأمن القوم للمختار فدخل القصر وغدا على الناس في المسجد فخطبهم، ودعاهم إلى بيعة ابن الحنفية، فبايعه أشراف الكوفة على الكتاب والسنة، واللطف بأهل البيت، ووعدهم بحسن السيرة وبلغه أنّ ابن مطيع في دار أبي موسى فبعث إليه بمائة ألف درهم وقال يجهز بهذه. وكان ابن مطيع قد فرّق بيوت الأموال على الناس، وسار ابن مطيع إلى وجهه وملك الكوفة، وجعل على شرطته عبد الله بن كامل، وعلى حرسه كيسان أبا عمرة، وجعل الأشراف جلساءه، وعقد لعبد الله بن الحرث بن الأشتر على أرمينية، ولمحمد بن عمير بن عطارد على أذربيجان، ولعبد الرحمن بن سعيد بن قيس على الموصل، ولإسحاق بن مسعود على المدائن، ولسعد بن حذيفة ابن اليمان على حلوان. وأمره بقتال الأكراد وإصلاح السابلة. وولى شريحا على