الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قيام أهل صقلّيّة بدعوة المقتدر ثم رجوعهم إلى طاعة المهدي
قد ذكرنا ولاية عليّ بن عمر على صقلّيّة من عبد الله المهدي سنة تسع وتسعين. ثم إنّ أهل صقلّيّة انتقضوا عليه وولّوا عليهم أحمد بن موهب [1] ثم انتقضوا عليه وأرادوا قتله فدعا إلى طاعة المقتدر وخطب له بصقلية، وقطع خطبة المهدي وبعث أسطولا إلى ناحية ساحل إفريقية، فلقوا أسطول المهدي، وعليه الحسن بن أبي خنزير، فأحرقوه وقتلوا الحسن ووصلت خلع السواد وألويته لابن موهب من بغداد ثم جاءت أساطيل المهدي في البحر وفسد أمر ابن موهب ثم ثارت أهل صقلّيّة به سنة ثلاثمائة وأسروه وبعثوا به إلى المهدي مع جماعة من أصحابه فأمرهم بقتلهم على قبر ابن أبي خنزير.
ولاية العهد
وفي سنة إحدى وثلاثمائة ولّى المقتدر ابنه أبا العبّاس العهد وهو الّذي ولي الخلافة بعد القاهر وسمّي بالرافضي فولّاه أبو المقتدر العهد وهو ابن سنين [2] وقلّده مصر والمغرب، واستخلف له عليها مؤنسا الخادم وولّى ابنه الآخر عليّا على الريّ ودنباوند وقزوين وأذربيجان [3] وأبهر.
ظهور الأطروش وملكه خراسان
كان هذا الأطروش من ولد عمر بن عليّ زين العابدين وهو الحسن بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن عمر وكان قد دخل إلى الديلم بعد قتل محمد بن زيد، ولبث فيهم ثلاث عشرة سنة يدعوهم إلى الإسلام ويأخذ منهم العشر، ويدافع عنهم ملكهم ابن حسّان، فأسلم على يديه منهم خلق كثير وبنى لهم المساجد، وزحف بهم إلى ثغور المسلمين، أراهم مثل قزوين وسالوس فأطاعوه، وهدم حصن سالوس. ثم
[1] احمد بن موهر: ابن الأثير ج 8 ص 71.
[2]
هكذا بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج 8 ص 76: في هذه السنة- 301- خلع على الأمير أبي العبّاس بن المقتدر باللَّه، وقلّد أعمال مصر والمغرب وعمره أربع سنين.
[3]
زنجان: المرجع السابق.
دعاهم إلى غزو طبرستان وهي في طاعة ابن سامان، وكان إسماعيل بن أحمد لما انتقض بها محمد بن هارون، وقبض عليه إسماعيل وولى عليها أبا العبّاس عبد الله بن محمد بن نوح، فأحسن السيرة وأظهر العدل، وبالغ في الإحسان إلى العلوية الذين بها، واستمال الديلم بالمهاداة والإحسان، فاشتمل الناس عليه. فلما دعاهم الحسن إلى غزو طبرستان، لم يجيبوه من أجل ابن نوح. ثم إنّ أحمد بن إسماعيل عزل ابن نوح عنها، وولّى عليها سلاما فأساء السيرة ولم يحسن سياسة الديلم، فهاجوا عليه فقاتلهم وهزمهم، واستعفى من ولايتها فعاد إليها ابن نوح وصلحت الحال كما كانت إلى أن مات، فولّى عليها محمد بن إبراهيم بن صعلوك، فأساء السيرة وتنكّر للديلم فصادف الحسن منها الغرّة ودعاهم إلى غزو طبرستان فأجابوه، وسار إليه ابن صعلوك على من يرحّله من سالوس بشاطئ البحر، فانهزم وقتل من أصحابه أربعة آلاف، ولجأ الباقون إلى سالوس، فحاصرهم الأطروش حتى استأمنوا، ورجع عنهم إلى آمد. ثم جاء الحسن بن القاسم العلويّ الداعي صهر الأطروش إلى أولئك المستأمنين فقتلهم، واستولى الأطروش على طبرستان، ولحق ابن صعلوك بالريّ سنة إحدى وثلاثمائة، وسار منها إلى بغداد وكان الأطروش زيديّ المذهب، وجميع الذين أسلموا على يده فيما وراء أسعيدولى إلى آمد [1] كلهم على مذهب الشيعة. ثم إن الأطروش العلويّ تنحّى عن آمد إلى سالوس بعد أن غلب عليها، فبعث إليه صعلوك الريّ من قبل ابن سامان جيشا فهزمهم وعاد إلى آمد. ثم زحفت إليه عساكر السعيد [2] صاحب خراسان سنة أربع وثلاثمائة فقتلوه. وكان هذا الأطروش عادلا حسن السيرة لم ير مثله في أيامه وأصابه الصمم من ضربة في رأسه بالسيف في الحرب. وقال ابن مسكويه في كتاب تجارب الأمم ويقال فيه الحسن بن عليّ الداعي وليس به، وإنّما الداعي الحسن بن القاسم صهره، وسنذكره فيما بعد. وكان له من الولد أبو الحسن، وكان قوّاده من الديلم جماعة منهم ابن النعمان وكانت له ولاية جرجان، وما كان بن كالي وكان على أستراباذ ومعرّا. ثم كان من قوّاد ولده من الديلم جماعة آخرون منهم أسفار بن شيرويه من أصحاب ما كان بن كالي ومرداويج بن
[1] هكذا بالأصل العبارة غير واضحة وفي الكامل لابن الأثير ج 8 ص 82: «الذين هم وراء اسفيدروذ الى ناحية آمل.»
[2]
بياض بالأصل وهو السعيد نصر بن سامان كما سيمرّ معنا.