الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحت الماء وخشي أن يقطع فتحوّل إلى طبسين وخندق بها، وخندق نصر بن سيّار على نهر عياض وأنزل عمّاله بالبلاد، فأنزل أبا الدّيال في جنده لطوسان فآذوا أهلها وعسفوهم وكان أكثرهم مع أبي مسلم في خندق فسير إليهم جندا فقاتلوه فهزموه وأسروا من أصحابه ثلاثين، فأطلقهم أبو مسلم ثم بعث محرز بن إبراهيم في جمع من الشيعة ليقطع مادّة نصر من مروالروذ وبلخ وطخارستان فخندق بين نصر وبين هذه البلاد، واجتمع إليه ألف رجل وقطع المادة عن نصر.
مقتل عبد الله بن معاوية
قد تقدّم لنا أنّ عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بويع بالكوفة وغلبه عليها عبد الله بن عمر بن عبد العزيز ولحق بالمدائن وجاءه ناس من أهل الكوفة وغيرها فسار إلى الجبال وغلب عليها وعلى حلوان وقومس وأصبهان والريّ وأقام بأصبهان وكان محارب بن موسى مولى بني يشكر عظيم القدر بفارس فجاء إلى دار الإمارة بإصطخر وطرد عامل عبد الله بن عمر عنها، وبايع الناس لعبد الله بن معاوية. ثم سار إلى كرمان فأغار عليها وانضم إليه قوّاد من أهل الشام فسار إلى سالم بن المسيّب عامل عبد الله ابن عمر على شيراز فقتله سنة ثمان وعشرين. ثم سار محارب إلى أصبهان وحوّل عبد الله ابن معاوية إلى إصطخر بعد أن استعمل على الجبال أخاه الحسن بن معاوية، وأتى إلى إصطخر فنزل بها وأتاه بنو هاشم وغيرهم، وجبى المال وبعث العمّال. وكان معه منصور بن جمهور وسليمان بن هشام، وأتاه شيبان بن عبد العزيز الخارجي ثم أتاه أبو جعفر المنصور وعبد الله ابن أخيه عيسى. ولما قدم يزيد بن عمر بن هبيرة على العراق أرسل نباتة بن حنظلة الكلابي على الأهواز وأن يقاتل عبد الله بن معاوية، وبلغ سليمان بن حبيب وهو بالأهواز فسرّح داود بن حاتم للقاء نباتة، وهرب سليمان من الأهواز إلى نيسابور وقد غلب الأكراد عليها فطردهم عنها، وبايع لابن معاوية، فبعث أخاه يزيد بن معاوية عليها. ثم إنّ محارب بن موسى فارق عبد الله بن معاوية وجمع، وقصد نيسابور فقاتله يزيد بن معاوية وهزمه، فأتى كرمان وأقام بها حتى قدم محمد بن الأشعث فصار معه ثم نافره، فقتله ابن الأشعث وأربعة وعشرين ابنا له. ثم بعث يزيد بن هبيرة بعد نباتة بن حنظلة ابنه داود ابن يزيد في العساكر إلى عبد الله بن معاوية، وعلى مقدّمته داود بن ضبارة. وبعث
معن بن زائدة من وجه آخر، فقاتلوا عبد الله بن معاوية وهزموه وأسروا وقتلوا، وهرب منصور بن جمهور إلى السند وعبد الرحمن بن يزيد إلى عمان وعمر بن سهيل بن عبد العزيز بن مروان إلى مصر، وبعثوا بالأسرى إلى ابن هبيرة فأطلقهم ومضى ابن معاوية عن فارس إلى خراسان. وسار معن بن زائدة في طلب منصور بن جمهور وكان فيمن أسر مع عبد الله بن معاوية عبد الله بن علي بن عبد الله ابن عبّاس، شفع فيه حرب ابن قطن من أخواله بني هلال، فوهبه له ضبارة وغاب عبد الله بن معاوية عن ابن ضبارة، ورمى أصحابه باللواطة، فبعث إلى ابن هبيرة ليخبره، وسار ابن ضبارة في طلب عبد الله بن معاوية إلى شيراز فحاصره بها حتى خرج منها هاربا ومعه أخوه الحسن ويزيد وجماعة من أصحابه، فسلك المفازة على كرمان إلى خراسان طمعا في أبي مسلم لأنه كان يدعو إلى الرضا من آل محمد، وقد استولى على خراسان فوصل إلى نواحي هراة وعليها مالك فقال له:
انتسب نعرفك. فانتسب له فقال: أمّا عبد الله وجعفر فمن أسماء آل الرسول وأمّا معاوية فلا نعرفه في أسمائهم. قال: إنّ جدّي كان عند معاوية حين ولد أبي فبعث إليه مائة ألف على أن يسمي ابنه باسمه فقال: لقد اشتريتم الأسماء الخبيثة بالثمن اليسير [1] فلا نرى لك حقا فيما تدعو إليه ثم بعث بخبره إلى أبي مسلم فأمره بالقبض عليه وعلى من معه فحبسهم. ثم كتب إليه بإطلاق أخويه الحسن ويزيد وقتل عبد الله فوضع الفراش على وجهه فمات [2] .
لما تعاقد نصروا ابن الكرماني وقبائل ربيعة واليمن ومضر على قتال أبي مسلم عظم على الشيعة، وجمع أبو مسلم أصحابه ودسّ سليمان بن كثيّر إلى ابن الكرماني يذكّره بثأر أبيه من نصر فانتقضوا، فبعث نصر إلى أبي مسلم بموافقة مضر وبعث إليه أصحاب ابن الكرماني وهم ربيعة واليمن بمثل ذلك. واستدعى وفد الفريقين ليختار الركون إلى أحدهما وأحضر الشيعة لذلك وأخبرهم بأنّ مضر أصحاب مروان وعمّاله وشيعته وقبله [3] يحيى بن زيد. فلما حضر الوفد تكلم سليمان بن كثيّر، ويزيد بن شقيق
[1] وفي الكامل لابن الأثير ج 5 ص 373: «لقد اشتريتم الاسم الخبيث بالثمن اليسير.
[2]
بياض بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج 5 ص 373: فأمر من وضع فراشا على وجهه فمات واخرج فصلّي عليه ودفن، وقبره بهراة معروف يزار، رحمه الله.»
[3]
وفي الكامل لابن الأثير ج 5 ص 378: قتله يحيى بن زيد.
السلميّ بمثل ذلك وبأن نصر بن سيّار عامل مروان ويسمّيه أمير المؤمنين وينفّذ أوامره فليس على هدى، وإنما يختار عليّ بن الكرماني وأصحابه ووافق السبعون من الشيعة على ذلك وانصرف الوفد ورجع أبو مسلم من أبين إلى الماخران وأمر الشيعة ببناء المساكن وأمن من فتنة العرب ثم أرسل إليه علي بن الكرماني أن يدخل مرو من ناحيته ليدخل هو وقومه من الناحية الأخرى، فلم يطمئن لذلك أبو مسلم وقال:
ناشبهم الحرب من قبل فناشب ابن الكرمانيّ نصر بن سيّار الحرب ودخل مرو من ناحيته وبعث أبو مسلم بعض النقباء. فدخل معه ثم سار وعلى مقدمته أسيد بن عبد الله الخزاعيّ، وعلى ميمنته مالك بن الهيثم وعلى ميسرته القاسم بن مجاشع. فدخل مرو والفريقان يقتتلان، ومضى إلى قصر الإمارة وهو يتلو: وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ من أَهْلِها 28: 15. وأمر الفريقين بالانصراف فانصرفوا إلى معسكرهم وصفت له مرو، وأمر بأخذ البيعة من الجند، وتولى أخذها أبو منصور طلحة بن زريق أحد النقباء الذين اختارهم محمد بن علي من الشيعة حين بعث دعاته إلى خراسان سنة ثلاث وأربع، وكانوا اثني عشر رجلا. فمن خزاعة سليمان بن كثيّر ومالك بن الهيثم وزياد بن صالح وطلحة بن زريق وعمر بن أعين. ومن طيِّئ قحطبة بن شبيب بن خالد سعدان. ومن تميم أبو عيينة موسى بن كعب ولاهز ابن قريط والقاسم بن مجاشع وأسلم بن سلام ومن بكر بن وائل أبو داود خالد بن إبراهيم الشّيبانيّ وأبو علي الهروي، ويقال شبل بن طهمان وكان عمر بن أعين مكان موسى بن كعب وأبو النّجم إسماعيل بن عمران مكان أبي علي الهروي وهو ختن أبي مسلم. ولم يكن أحد من النقباء ووالده غير أبي منصور طلحة بن زريق بن سعد وهو أبو زينب الخزاعي، وكان قد شهد حرب ابن الأشعث وصحب المهلّب وغزا معه. وكان أبو مسلم يشاوره في الأمور. وكان نصّ البيعة: أبايعكم على كتاب الله وسنّة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم والطاعة للرضا من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليكم بذلك عهد الله وميثاقه والطلاق والعتاق، والمشي إلى بيت الله الحرام، وعلى أن لا تسألوا رزقا ولا طمعا حتى تبدأكم به ولاتكم، وذلك سنة ثلاثين ومائة. ثم أرسل أبو مسلم لاهز بن قريط في جماعة إلى نصر بن سيّار يدعو إلى البيعة، وعلم نصر أن أمره قد استقام ولا طاقة له بأصحابه، فوعده بأنه يأتيه يبايعه من الغد، وأرسل أصحابه بالخروج من ليلتهم إلى مكان يأمنون فيه. فقال
أسلم بن أحوز لا يتهيأ لنا الليلة. فلما أصبح [1] أبو مسلم كتابه وأعاد لاهز بن قريط إلى نصر يستحثه فأجاب وأقام لوضوئه، فقال لاهز: إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك. فخرج نصر عند المساء من خلف حجرته ومعه ابنه تميم والحكم بن غيلة النميري وامرأته المرزبانة وانطلقوا هرابا. واستبطأه لاهز فدخل المنزل فلم يجده وبلغ أبا مسلم هربه فجاء إلى معسكره وقبض على أصحابه منهم سالم ابن أحوز صاحب شرطته والبحتري كاتبه، وابنان له ويونس بن عبد ربه ومحمد ابن قطن وغيرهم. وسار أبو مسلم وابن الكرماني في طلبه ليلتهما فأدركا امرأته قد خلفها وسار فرجعوا إلى مرو. وبلغ نصر من سرخس فأقام بطوس خمس عشرة ليلة. ثم جاء نيسابور فأقام بها وتعاقد ابن الكرماني مع أبي مسلم على رأيه. ثم بعث إلى شيبان الحروري يدعوه إلى البيعة فقال شيبان: بل أنت تبايعني [2] واستنصر بابن الكرماني فأبى عليه، وسار شيبان إلى سرخس واجتمع له جمع من بكر بن وائل وبعث إليه أبو مسلم في الكفّ فسجن الرسل. فكتب إلى بسّام بن إبراهيم مولى بني ليث المكنّى بأبي ورد أن يسير إليه فقاتله وقتله وقتل بكر بن وائل الرسل الذين كانوا عنده. وقيل إنّ أبا مسلم إنما وجه إلى شيبان عسكرا من عنده عليهم خزيمة بن حازم وبسّام بن إبراهيم. ثم بعث أبو مسلم كعبا من النقباء إلى أبيورد فافتتحها، ثم أبا داود خالد بن إبراهيم من النقباء إلى بلخ وبها زياد بن عبد الرحمن القشيريّ فجمع له أهل بلخ وترمذ وجند طخارستان ونزل الجوزجان، ولقيهم أبو داود فهزمهم وملك مدينة بلخ. وساروا إلى ترمذ فكتب أبو مسلم إلى أبي داود يستقدمه وبعث مكانه على بلخ يحيى بن نعيم أبا الميلاء فداخله زياد بن عبد الرحمن في الخلاف على أبي مسلم، واجتمع لذلك زياد ومسلم بن عبد الرحمن الباهليّ، وعيسى بن زرعة السلميّ وأهل بلخ وترمذ وملوك طخارستان وما وراء النهر ونزلوا على فرسخ من بلخ وخرج إليهم يحيى بن نعيم بمن معه. واتفقت كلمة مضر وربيعة واليمن ومن معهم من العجم على قتال المسوّدة وولّوا عليهم مقاتل بن
[1] بياض بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج 5 ص 381: «فلما كان الغد عبّأ ابو مسلم أصحابه وكتائبه إلى بعد الظهر وأعاد إلى نصر لاهز بن قريظ وجماعة معه» .
[2]
بياض بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج 5 ص 383: «فقال شيبان: أنا أدعوك إلى بيعتي. فأرسل اليه ابو مسلم أن لم تدخل في أمرنا فارتحل عن منزلك الّذي أنت به..