الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظهور ابن طباطبا العلويّ
لما بعث المأمون الحسن بن سهل إلى العراق وولّاه على ما كان افتتحه طاهر من البلاد والأعمال تحدّث الناس أنّ الفضل بن سهل غلب على المأمون واستبدّ عليه وحجبه عن أهل بيته وقوّاده، فغضب بنو هاشم ووجوه الناس واجترءوا على الحسن بن سهل وهاجت الفتنة وكان أبو السرايا السريّ بن منصور يذكر أنه من بني شيبان من ولد هانئ بن قبيصة بن هانئ بن مسعود، وقيل من بني تميم بالجزيرة وطلب فعبر إلى شرقي الفرات وأقام هنالك يخيف السابلة، ثم لحق بيزيد بن مزيد بأرمينية في ثلاثين فارسا فقوّده وقاتل معه الحرمية [1] وأسر منهم وأخذ منهم غلامه أبا الشوك. ومات يزيد بن مزيد فكان مع ابنه أسد وعزل أسد فسار إلى أحمد بن مزيد. ولما بعث الأمين أحمد بن مزيد لحرب هرثمة بعثه طليعة إلى عسكره، فاستماله هرثمة فمال إليه ولحق به وقصد بني شيبان مع الجزيرة واستخرج لهم الأرزاق من هرثمة واجتمع إليه أزيد من ألفي فارس. فلما قتل الأمين تعصى هرثمة عن أرزاقهم فغضب واستأذن في الحج فأذن له وأعطاه عشرين ألف درهم ففرّقها في أصحابه ومضى وأوصاهم باتباعه، فاجتمع له منهم نحو مائتين وسار إلى عين التمر فأخذوا عاملها وقسّموا ماله ولقوا عاملا آخر بمال موقور على ثلاثة أنفار فاقتسموه وأرسل هرثمة عسكرا خلفه فهزمهم ودخل البرية ولحق به من تخلّف من أصحابه فكثر جمعه وسار نحو دقوقا وعليها أبو ضرغامة في سبعمائة فارس فخرج وقاتله فهزمه ورجع إلى القصر فحاصره أبو السرايا حتى نزل على الأمان وأخذ أمواله. وسار إلى الأنبار وعليها إبراهيم الشّرويّ مولى المنصور، فقتله وأخذ ما فيها وعاد إليها عند إدراك الغلال فافتتحها. ثم قصد الرقّة ومرّ بطوق بن مالك الثعلبي فاستجاشه على قيس فأقام عنده أربعة أشهر يقاتل قيسا بعصبية ربيعة حتى انقادت قيس إلى طوق. وسار أبو السرايا إلى الرقّة فلقي محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنّى بن الحسن السبط بن عليّ وتلقّب أبوه إبراهيم طباطبا فدعاه إلى الخروج، وأنفذ إلى الكوفة فدخلاها وبايعهم أهلها على بيعة الرضا من آل محمد، ونهب أبو السرايا قصر العبّاس بن موسى بن عيسى، وأخذ ما فيه من الأموال والجواهر ما لا يحصى، وذلك منتصف جمادى الأخيرة سنة تسعة
[1] الخرّميّة: ابن الأثير ج 6 ص 303.
وتسعين، وقيل إنّ أبا السرايا مطله هرثمة بأرزاق أصحابه فغضب ومضى إلى الكوفة فبايع ابن طباطبا. ولما ملك الكوفة هرع إليه الناس والأعراب من النواحي فبايعوه، وكان عليها سليمان بن المنصور من قبل الحسن بن سهل فبعث إليه زهير بن المسيّب الضبّي في عشرة آلاف وخرج إليه ابن طباطبا وأبو السرايا فهزموه واستباحوا عسكره وأصبح محمد بن طباطبا من الغد ميتا فنصب أبو السرايا مكانه غلاما من العلويّة، وهو محمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن عليّ بن الحسين واستبد عليه، ورجع زهير إلى قصر ابن هبيرة فأقام به وبعث الحسن بن سهل عبدوس ابن محمد بن خالد المروروذي في أربعة آلاف فلقيه أبو السرايا منتصف رجب وقتله ولم يفلت من أصحابه أحد كانوا بين قتيل وأسير، وضرب أبو السرايا الدراهم بالكوفة وبعث جيوشا إلى البصرة وواسط، وولّى على البصرة العبّاس بن محمد بن عيسى بن محمد الجعفري، وعلى مكة الحسين الأفطس بن الحسين بن عليّ بن زين العابدين وجعل إليه الموسم. وعلى اليمن إبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق، وعلى فارس إسماعيل بن موسى بن جعفر الصادق، وعلى الأهواز زيد بن موسى الصادق، فسار إلى البصرة وأخرج عنها العبّاس بن محمد بن داود بن الحسن المثنّى إلى المدائن وأمره أن يأتي بغداد من الجانب الشرقيّ ففعل. وكان بواسط عبد الله بن سعد الخرشي من قبل الحسن بن سهل ففرّ أمامهم وبعث الحسن بن سهل إلى هرثمة يستدعيه لحرب أبي السرايا، وكان قد سار إلى خراسان مغاضبا له، فرجع بعد امتناع، وسار إلى الكوفة في شعبان وبعث الحسن إلى المدائن وواسط عليّ بن أبي سعيد وأبلغ الخبر أبا السرايا وهو بقصر ابن هبيرة فوجه جيشا إلى المدائن فملكوها في رمضان. وتقدّم فنزل نهر صرصر وعسكر هرثمة بإزائه غدوة. وسار عليّ بن أبي سعيد في سؤال المدائن فحاصر بها أصحاب أبي السرايا، ورجع هو من نهر صرصر إلى قصر ابن هبيرة وهرثمة وأتباعه، ثم حصره وقتل جماعة من أصحابه فانجاز إلى الكوفة ووثب الطالبيّون على دور بني العبّاس وشيعتهم فنهبوها وخرّبوها وأخرجوهم واستخرجوا ودائعهم عند الناس، وكان على مكة داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن عليّ، فلما بلغه قدوم حسين الأفطس جمع شيعة بني العبّاس. وكان مسرور الكبير قد حجّ في مائة فارس فتعبّى للحرب ودعا داود إلى حربهم فقال: لا أستحلّ ذلك في الحرم وخرج إلى العراق وتبعه مسرور وكان حسين الأفطس بسرف يخاف دخول مكة فبلغه