الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المدينة، فبعث من أصحابه من يأتيهم من ورائهم فانهزموا. ولما كان مستهل صفر جمع إسحاق الجنود عند قصر الحجّاج وجاء أصحاب الهيدام من أراد نهب القرى التي لهم بنواحي دمشق. ثم سألوا الأمان من أبي الهيدام فأمّنهم وسكن الناس.
وفرّق أبو الهيدام أصحابه وبقي في نفر يسير من أهل دمشق، فطمع فيه إسحاق وسلّط عليه العذافر السكسكيّ مع الجنود فقاتلهم فانهزم العذافر وبقي الجند يحاربونه ثلاثا.
ثم إنّ إسحاق قاتله في الثالثة والجند في اثني عشر ألفا ومعهم اليمانية، فخرج أبو الهيدام من المدينة وقاتلهم على باب الجابية حتى أزالهم عنه. ثم أغار جمع من أهل حمص على قرية لأبي الهيدام فقاتلهم أصحابه وهزموهم وقتلوا منهم خلقا وأحرقوا قرى وديارا لليمانيّة في الغوطة، ثم توادعوا سبعين يوما أو نحوها وقدم السّندي في الجنود من قبل الرشيد وأغزته [1] اليمانية بأبي الهيدام فبعث هو إليه بالطاعة فأقبل السّندي إلى دمشق وإسحاق بدار الحجّاج، وبعث قائده في ثلاثة آلاف وأخرج إليهم أبو الهيدام ألفا وأحجم القائد عنهم ورجع إلى السّندي فصالح أبا الهيدام وأمّن أهل دمشق. وسار أبو الهيدام إلى حوران وأقام السّندي بدمشق ثلاثا وقدم موسى بن عيسى واليا عليها فبعث الجند يأتونه بأبي الهيدام فكبسوا داره وقاتلهم هو وابنه وعبده فانهزموا وجاء أصحابه من كل جهة وقصد بصرى. ثم بعث إليه موسى فسار إليه في رمضان سنة سبع وسبعين وقيل إنّ سبب الفتنة بدمشق أنّ عامل الرشيد بسجستان قتل أخا الهيدام فخرج هو بالشام وجمع الجموع. ثم بعث الرشيد أخا له ليأتيه به فتحيّل حتى قبض عليه وشدّه وثاقا وأتى به إلى الرشيد فمنّ عليه وأطلقه. وبعث جعفر ابن يحيى سنة ثمانين إلى الشام من أجل هذه الفتن والعصبيّة فسكن الثائرة وأمّن البلاد وعاد.
فتنة الموصل ومصر
وفي سنة سبع وثمانين تغلّب العطّاف بن سفيان الأزديّ على خراسان وأهل الموصل على العامل بها محمد بن العبّاس الهاشمي وقيل عبد الملك بن صالح فاجتمع عليه أربعة آلاف رجل وجبى الخراج وبقي العامل معه مغلبا إلى أن سار الرشيد إلى الموصل وهدم سورها ولحق العطّاف بأرمينية ثم بالرقم فاتخذها وطنا. وفي سنة ثمان وسبعين
[1] لعلها أغرته.
ثارت الحوفيّة بمصر وهم من قيس وقضاعة على عاملها إسحاق بن سليمان وقاتلوه.
وكتب الرشيد إلى هرثمة بن أعين وكان بفلسطين فسار إليهم وأذعنوا بالطاعة، وولي على مصر ثم عزله لشهر وولىّ عبد الملك بن صالح عليها. وكان على خراسان أيام المهدي والهادي أبو الفضل العبّاس بن سليمان الطوسي فعزله الرشيد، وولّى على خراسان جعفر بن محمد بن الأشعث الخزاعيّ فأبوه من النقباء من أهل مصر ومقدم ابنه العبّاس سنة ثلاث وسبعين، ثم قدم فغزا طخارستان وبعث ابنه العبّاس إلى كابل في الجنود وافتتح سابهار ورجع إلى مرو. ثم سار إلى العراق سنة ثلاث في رمضان وكان الأمين في حجره قبل أن يجعله في حجر الفضل بن يحيى. ثم ولىّ الرشيد ابنه العبّاس بن جعفر ثم عزله عنها فولى خالدا الغطريف بن عطاء الكنديّ سنة خمس وسبعين على خراسان وسجستان وجرجان فقدم خليفة داود بن يزيد وبعث عامل سجستان، وخرج في أيامه حصين الخارجيّ من موالي قيس بن ثعلبة من أهل أوق وبعث عامل سجستان عثمان بن عمارة الجيوش إليه فهزمهم حصين وقتل منهم وسار إلى باذغيس وبوشنج وهراة فبعث إليه الغطريف اثني عشر ألفا من الجند فهزمهم حصين وقتل منهم خلقا، ولم يزل في نواحي خراسان إلى أن قتل سنة سبع وسبعين. وسار الفضل إلى خراسان سنة ثمان وسبعين وغزا ما وراء النهر سنة ثمانين ثم ولىّ الرشيد على خراسان علي بن عيسى بن ماهان وقدم إليه يحيى [1] فأقام بها عشرين سنة وخرج عليه في ولايته حمزة بن أترك وقصد بوشنج وكان على هراة عمرويه بن يزيد الأزدي فنهض إليه في ستة آلاف فارس فهزمهم حمزة وقتل جماعة منهم ومات عمرويه في الزحام، فبعث عليّ بن عيسى ابنه الحسن في عشرة آلاف ففضّ [2] حربه فعزله، وبعث ابنه الآخر عيسى فهزمه حمزة فأمدّه بالعساكر وردّه فهزم حمزة وقتل أصحابه، ونجا إلى قهستان في أربعين وأثخن عيسى في الخوارج بارق وجوين [3] وفيمن كان يعينهم من أهل القرى حتى قتل ثلاثين ألفا. وخلف عبد الله بن العبّاس النسيقي [4] بزرنج فجبى الأموال وسار بها ومعه الصفّة ولقيه حمزة
[1] بياض بالأصل وفي الطبري ج 10 ص 68: «وفيها شخص الرشيد من مدينة السلام مريدا الرقة على طريق الوصل، فلما نزل البروان ولّى عيسى بن جعفر خراسان وعزل عنها جعفر بن يحيى وكانت ولاية جعفر بن يحيى إياها عشرين ليلة» راجع ابن الأثير ج 6 ص 150.
[2]
حسب مقتضى السياق فرفض حربه.
[3]
أوق وجوين: ابن الأثير ج 6 ص 151.
[4]
النسفي: ابن الأثير ج 6 ص 151.
فهزموه وقتلوا عامّة أصحابه. وسار حمزة في القرى فقتل وسبى وكان عليّ قد استعمل طاهر بن الحسين على بوشنج فخرج إلى حمزة وقصد قرية [1] ففرّ الخوارج وهم الذين يرون التحكيم ولا يقاتلون والمحكّمة هم الذين يقاتلون وشعارهم لا حكم إلا للَّه فكتب العقد إلى حمزة بالكفّ وواعدهم، ثم انتقض وعاث في البلاد وكانت بينه وبين أصحاب عليّ حروب كثيرة. ثم ولى الرشيد سنة اثنتين وثمانين ابنه عبد الله العهد بعد الأمين ولقبه المأمون وولّاه على خراسان وما يتصل بها إلى همذان واستقدم عيسى ابن علي من خراسان وردّها إليه من قبل المأمون وخرج عليه بنسا أبو الخصيب وهب ابن عبد الله النّسائي وعاث في نواحي خراسان ثم طلبه الأمان فأمّنه. ثم بلغه أنّ حمزة الخارجيّ عاث بنواحي باذغيس فقصده وقتل من أصحابه نحوا من عشرة آلاف وبلغ كل من وراء غزنة. ثم غدر أبو الخصيب ثانية وغلب أبيورد ونسا وطوس ونيسابور، وحاصر مرو وانهزم عنها وعاد إلى سرخس، ثم نهض إليه ابن ماهان سنة ست وثمانين فقتله في نسا وسبى أهله. ثم نمي إلى الرشيد سنة تسع وثمانين أنّ عليّ بن عيسى مجمع على الخلاف وأنه قد أساء السيرة في خراسان وعنّفهم، وكتب إليه كبراء أهلها يشكون بذلك، فسار الرشيد إلى الريّ فأهدى له الهدايا والكثيرة والأموال ولجميع من معه من أهل بيته وولده وكتّابه وقوّاده وتبين للرشيد من مناصحته خلاف ما أنهى إليه فردّه إلى خراسان وولّى على الري وطبرستان ودنباوند وقومس وهمذان وبعث عليّ ابنه عيسى لحرب خاقان سنة ثمان وثماني فهزمه وأسر إخوته، وانتقض على عليّ بن عيسى رافع بن اللّيث بن نصر بن سيّار بسمرقند وطالت حروبه معه وهلك في بعضها ابنه عيسى. ثم إنّ الرشيد نقم على عليّ بن عيسى أمورا منها استخفافه بالناس وإهانته أعيانهم، ودخل عليه يوما الحسين بن مصعب والد طاهر فأغلظ له في القول وأفحش في السبّ والتهديد وفعل مثل ذلك بهشام بن [2] فأمّا الحسين فلحق بالرشيد شاكيا ومستجيرا وأمّا هشام فلزم بيته وادّعى أنه بعلّة الفالج حتى عزل عليّ، وكان مما نقم عليه أيضا أنه لم قتل ابنه عيسى في حرب رافع بن الليث أخبر بعض جواريه أنه دفن في بستانه ببلخ ثلاثين ألف
[1] فأتى قرية فيها قعد الخوارج: ابن الأثير ج 6 ص 151.
[2]
بياض بالأصل: وفي الكامل لابن الأثير: «فمن ذلك انه دخل عليه يوما الحسين بن مصعب والد طاهر بن الحسين وهشام بن فرخسرو
…
» ج 6 ص 203.