الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انتظاره، ولما بلغ مرو قرع طبوله يسمعها لئلا يطوى خبره عن المأمون، وسأل المأمون عنها فقيل هرثمة أقبل يرعد ويبرق، فاستدعاه وقال هرثمة [1] مالأت العلويين وأبا السرايا ولو شئت إهلاكهم جميعا لفعلت، فذهب يعتذر فلم يمهله وأمر فربس [2] بطنه وشدخ أنفه وسحب إلى السجن ثم دسّ إليه من قتله.
انتقاض بغداد على الحسن بن سهل
ولما بلغ خبر هرثمة إلى العراق كتب الحسن بن سهل إلى عليّ بن هشام والي بغداد من قبله أن يتعلّل على الجند الحربية والبغداديين في أرزاقهم، لأنه كان بلغه عنهم قبل مسير هرثمة أنهم عازمون على خلعه وطرد عمّاله، وولوا عليهم إسحاق بن الهادي خليفة المأمون. فلم يزل الحسين يتلطّف إليهم ويكاتبهم حتى اختلفوا فأنزل عليّ بن هشام ومحمد ابن أبي خالد في أحد جانبيها، وزهير بن المسيّب في الجانب الآخر، وقاتلوا الحربية ثلاثة أيام، ثم صالحهم على العطاء وشرع فيه. وكان زيد بن موسى ابن جعفر قد أخذه عليّ بن أبي سعيد من البصرة وحبسه كما ذكرناه قبل، فهرب من محبسه وخرج بناحية الأنبار ومعه أخ لأبي السرايا. ثم تلاشى أمره وأخذوا [3] إلى عليّ بن هشام ثم جاء خبر هرثمة وقد انتقض محمد بن أبي خالد على عليّ بن هشام بما كان يستحق به، وغضب يوما مع زهير بن المسيّب فقنعه بالسوط، فسار إلى الحربية ونصب لهم الحرب، وانهزم عليّ بن هشام إلى صرصر.
وقيل إنّ ابن هشام أقام الحدّ على عبد الله بن علي بن عيسى فغضب الحربية وأخرجوه. واتصل ذلك بالحسن بن سهل وهو بالمدائن كما قلناه فانهزم إلى واسط أوّل سنة إحدى ومائتين، والفضل بن الربيع وقد ظهر من اختفائه من لدن الأمين. وجاء عيسى بن محمد بن أبي خالد من الرقّة من عند طاهر، فاجتمع هو وأبوه على قتال الحسن وهزموا كل من تعرّض للقائهم من أصحابه. وكان زهير بن المسيّب عاملا للحسن على جوخى من السواد وكان يكاتب بغداد فركب إليه محمد بن أبي خالد
[1] وفي الكامل لابن الأثير ج 6 ص 315: «
…
فظنّ هرثمة ان قوله المقبول فأمر المأمون بإدخاله، فلما دخل عليه قال له المأمون: مالأت أهل الكوفة العلويين، ووضعت أبا السرايا ولو شئت ان تأخذهم جميعا لفعلت» .
[2]
فديس: المرجع السابق.
[3]
بياض بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج 6 ص 316: «فبعثوا إليه فأتي به إلى علي بن هشام» .
وأخذه أسيرا وانتهب ماله وحبسه ببغداد عند ابنه جعفر. ثم تقدّم إلى واسط وبعثه ابنه هارون إلى النيل فهزم نائب الحسن بها إلى الكوفة فلحق بواسط ورجع هارون إلى أبيه وتقدّم نحو واسط فسار الحسن عنها. واقام الفضل بن الربيع مختفيا بها واستأمن لمحمد وبعثه إلى بغداد. وسار إلى الحسن على البقية ولقيتهم عساكر الحسن وقوّاده، وانهزم محمد وأصحابه وتبعهم الحسن إلى تمام الصلح، ثم لحقوا بجرجايا. ووجه محمد ابن ابنه هارون إلى [1] فأقام بها وسار محمد ابن ابنه أبو رتيل وهو جريح إلى بغداد فمات بها ودفن في داره سرّا. ومحمد أبو رتيل إلى زهير بن المسيّب فقتله من ليلته [2] . وقام خزيمة بن خازم بأمر بغداد، وبعث إلى عيسى بن محمد بأن يتولّى حرب الحسن مكان أبيه، وبلغ الحسن موت محمد فبعث عسكره إلى هارون بالنيل فغلبوا وانتهبوها، ولحق هارون بالمدائن. ثم اجتمع أهل بغداد وأرادوا منصور بن المهدي على الخلافة فأبى فجعلوه خليفة للمأمون ببغداد والعراق انحرافا عن الحسن ابن سهل. وقيل إنّ الحسن لما ساعد أهل بغداد عيسى بن محمد بن أبي خالد على حربه خام [3] عنه فلاطفه ووعده بالمصاهرة ومائة ألف دينار والأمان له ولأهل بيته ولأهل بغداد وولاية النواحي [4] ، فقبل وطلب خط المأمون بذلك، وكتب إلى أهل بغداد إني شغلت بالحرب عن جباية الخراج فولّوا رجلا من بني هاشم، فولّوا المنصور بن المهدي وأحصى عيسى أهل عسكره فكانوا مائة ألف وخمسة وعشرين ألفا. وبعث منصور غسّان بن الفرج إلى ناحية الكوفة فغزاه حميد الطوسي من قوّاد الحسن بن سهل وأخذ أسيرا ونزل النيل. فبعث منصور بن محمد يقطين في العساكر إلى حميد فلقيه حميد بكونا [5] فهزمه وقتل من أصحابه ونهب ما حول كوثا ورجع إلى النيل وأقام ابن يقطين بصرصر.
[1] بياض بالأصل وفي الكامل ج 6 ص 322: «ووجه محمد ابنه عيسى إلى عرنايا فأقام بها، وأقام محمد بجرجرايا، فاشتدت جراحات محمد فحمله ابنه أبو زنبيل إلى بغداد» .
[2]
المعنى غير واضح وفي الطبري ج 10 ص 239: «وأقام محمد بجرجرايا فلما اشتدت الجراحات خلف قواده في عسكره وحمله ابنه أبو زنبيل حتى ادخله بغداد، ومات محمد بن أبي خالد من ليلية من تلك الجراحات، وانصرف أبو زنبيل من عند خزيمة حتى أتى زهير بن المسيّب فأخرجه من حبسه فضرب عنقه» .
[3]
خام: نكص وجبن.
[4]
وولاية أي النواحي أحبّ: ابن الأثير ج 6 ص 323 والطبري ج 10 ص 241.
[5]
كوثى: ابن الأثير ج 6 ص 324.