الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهدّدهم عليه فجاءوا به فبعثه إلى سليمان. ووفّى وكيع لحيّان النبطيّ بما ضمن له.
ولاية يزيد بن المهلب خراسان
كان يزيد بن المهلّب لما ولاه سليمان العراق على الحرب والصلاة والخراج استكره أن يحيف على الناس في الخراج فتلحقه المذمة كما لحقت الحجاج ويخرب العراق، وإن قصّر عن ذلك لم يقبل منه فرغب من سليمان أن يعفيه من الخراج وأشار عليه بصالح ابن عبد الرحمن مولى تميم فولاه سليمان الخراج وبعثه قبل يزيد فلما جاء صالح إلى يزيد ضيّق عليه صالح، وكان يزيد يطعم على ألف خوان فاستكثرها صالح فقال:
اكتب ثمنها عليّ وغير ذلك وضجر يزيد وجاء خبر خراسان ومقتل قتيبة فطمع يزيد في ولايتها ودسّ عبد الله بن الأهتم على سليمان أن يولّيه خراسان ولا يشعر بطلبته بذلك. وسيّره على البريد فقال له سليمان: إنّ يزيد إليّ بذكر عملك بالعراق! فقال: نعم بها ولدت وبها نشأت. ثم استشاره فيمن يوليه خراسان ولم يزل سليمان بذكر الناس وهو يردّهم، ثم حذّره من وكيع وغدره قال: فسمّ أنت! قال شريطة الكمال الإجازة ممن أشير به، وإذا علم يكره ذلك. ثم قال: هو يزيد بن المهلب فقال سليمان: العراق أحب إليه، فقال ابن الأهتم: قد عملت ولكن نكرهه فيستخلف على العراق ويسير إلى خراسان، فكتب عهد يزيد على خراسان وبعثه مع ابن الأهتم فلما جاءه بعث ابنه مخادا على خراسان ثم سار بعده واستخلف على واسط الجرّاح بن عبد الله الحكميّ وعلى البصرة ابن عبد الله بن هلال الكلابي، وعلى الكوفة حرملة بن عيد اللمغميّ. ثم عزله لأشهر بشير بن حيّان النهدي، فكانت قيس تطلب بثأر قتيبة وتزعم أنه لم يخلع. فأوصى سليمان يزيد إن أقامت قيس بيّنة أنه لم يخلع أن يقيد به من وكيع.
أخبار الصوائف [1] وحصار قسطنطينية
كانت الصوائف تعطلت من الشام منذ وفاة معاوية وحدوث الفتن واشتدّت الفتن أيام عبد الملك اجتمعت الروم واستجاشوا على أهل الشام فصالح عبد الملك صاحب قسطنطينية على أن يؤدّي إليه كل يوم جمعة ألف دينار خشية منه على المسلمين ونظرا
[1] الصوائف هي الجيوش التي كانت تجهز في أوان الصيف لسد الثغور وحرب الكفار، استمر ذلك من صدر الإسلام إلى أواخر الدولة العباسية أهـ. من خط الشيخ العطار.
لهم، وذلك سنة سبعين لعشر سنين من وفاة معاوية. ثم لما قتل مصعب وسكنت الفتنة بعث الجيوش سنة إحدى وسبعين في الصائفة. فدخل فافتتح قيساريّة، ثم ولّى على الجزيرة وأرمينية أخاه محمد بن مروان سنة ثلاث وسبعين فدخل في الصائفة إلى بلاد الروم فهزمهم، ودخل عثمان بن الوليد من ناحية أرمينية في أربعة آلاف ولقيه الروم في ستين ألفا فهزمهم وأثخن فيهم بالقتل والأسر. ثم غزا محمد بن مروان سنة أربع وسبعين فبلغ أنبولية وغزا في السنة بعدها في الصائفة من طريق مرعش، فدوّخ بلادهم وخرج الروم في السنة بعدها إلى العتيق فغزاهم من ناحية مرعش ثانية، ثم غزاهم سنة ست وسبعين من ناحية ملطية ودخل في الصائفة سنة سبع وسبعين الوليد ابن عبد الملك فأثخن فيهم ورجع وجاء الروم سنة تسع وسبعين فأصابوا من أهل أنطاكية وظفروا بهم فبعث عبد الملك سنة إحدى وثمانين ابنه عبيد الله بالعسكر ففتح قاليقلا. ثم غزا محمد بن مروان سنة اثنتين وثمانين أرمينية وهزمهم، فسألوه الصلح فصالحهم وولّى عليهم أبا شيخ بن عبد الله فغدروه وقتلوه فغزاهم سنة خمس وثمانين وصاف فيها وشتى ثم غزا مسلمة بن عبد الملك أرض الروم ودوّخها، ورجع وعاد إليها سنة سبع وثمانين. فأثخن فيهم بناحية المصيصة وفتح حصونا كثيرة. منها حصن بولق والأحزم وبولس وقمقيم. وقتل من المستقربة ألف مقاتل وسبى أهاليهم. ثم غزا بلاد الروم سنة تسع وثمانين مسلمة بن عبد الملك والعبّاس بن الوليد، فافتتح مسلمة حصن سورية وافتتح العبّاس أردولية، ولقي جمعا من الروم فهزمهم. وقيل إنّ مسلمة قصد عمّورية فلقي بها جمعا من الروم فهزمهم. وافتتح هرقلة وقموليّة وغزا العبّاس الصائفة من ناحية البلد بدون. وغزا مسلمة بن عبد الملك الترك سنة تسع وثمانين من ناحية أذربيجان ففتح حصونا ومدائن هناك. ثم غزا سنة تسعين ففتح الحصون الخمس التي بسورية. وغزا العبّاس حتى بلغ أردنّ وسورية. وفي سنة إحدى وتسعين غزا عبد العزيز بن الوليد في الصائفة مع مسلمة بن عبد الملك وكان الوليد قد ولّى مسلمة على الجزيرة وأرمينية وعزل عمه محمد بن مروان عنها، فغزا الترك من ناحية أذربيجان حتى الباب وفتح مدائن وحصونا، ثم غزا سنة اثنتين وتسعين بعدها ففتح ثلاثة حصون وجلا أهل سر سنّة إلى بلاد الروم ثم غزا العبّاس بن الوليد سنة ثلاث بعدها بلاد الروم ففتح سبيطلة، وغزا مروان بن الوليد فبلغ حنجرة. وغزا مسلمة ففتح ماشية وحصن الحديد وغزالة من ناحية ملطية. وغزا
العبّاس بن الوليد سنة أربع وتسعين ففتح انطاكية. وغزا عبد العزيز بن الوليد ففتح غزالة وبلغ الوليد بن هشام المعيطيّ مروج الحمام، ويزيد بن أبي كبشة أرض سورية. وفي سنة خمس وتسعين غزا العبّاس الروم ففتح هرقلة. وفي سنة سبع وتسعين غزا مسلمة أرض الرضاخيّة وفتح الحصن الّذي فتحه الرّصاع، وغزا عمر بن هبيرة أرض الروم في البحر فشتّى بها، وبعث سليمان بن عبد الملك الجيوش إلى القسطنطينية وبعث ابنه داود على الصائفة ففتح حصن المراة، وفي سنة ثمان وتسعين مات ملك الروم، فجاء القون إلى سليمان فأخبره وضمن له فتح الروم، وسار سليمان إلى وابق وبعث الجيوش مع أخيه مسلمة، ولما دنا من القسطنطينيّة أمر أهل المعسكر أن يحمل كل واحد مدّين من الطعام ويلقوه في معسكرهم فصار أمثال الجبال واتخذ البيوت من الخشب وأمر الناس بالزراعة وصاف وشتّى وهم يأكلون من زراعتهم وطعامهم الّذي استاقوه مدّخرا. ثم جهد أهل القسطنطينية الحصار، وسألوا الصلح على الجزية دينارا على الرأس، فلم يقبل مسلمة وبعث الروم إلى ألقون إن صرفت عنّا المسلمين ملّكناك فقال لمسلمة: لو أحرقت هذا الزرع علم الروم أنك قصدتهم بالقتال فنأخذهم باليد وهم الآن يظنون مع بقاء الزرع أنك تطاولهم، فأحرق الزرع فقوي الروم وغدر ألقون وأصبح محاربا، وأصاب الناس الجوع فأكلوا الدواب والجلود وأصول الشجر والورق وسلمان مقيم بوابق وحال الشتاء بينهم وبينه فلم يقدر أن يمدّهم حتى مات وأغارت برجان على مسلمة وهو في قلّة فهزمهم وفتح مدينتهم. وغزا في هذه السنة الوليد بن هشام فأثخن في بلاد الروم. وغزا داود بن سليمان سنة ثمان وتسعين ففتح حصن المراة مما يلي ملطية. وفي سنة تسع وتسعين بعث عمر بن عبد العزيز مسلمة وهو بأرض الروم وأمدّه بالنفول بالمسلمين وبعث إليه بالخيل والدواب، وحث الناس على معونتهم ثم أمر عمر بن عبد العزيز أهل طريدة بالجلاء عنها إلى ملطية وخرّبها. وكان عبد الله بن عبد الملك قد أسكنها المسلمين وفرض على أهل الجزيرة مسلحة تكون عندهم إلى فصل الشتاء، وكانت متوغلة في أرض الروم فخرّبها عمر، وولّى على ملطية جعونة بن الحرث من بني عامر بن صعصعة. وأغزى عمر سنة مائة من الهجرة بالصائفة الوليد بن هشام المعيطي وعمر ابن قيس الكندي.