الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة عشرين أخاه وشكمير من بلاد كيلان، فجاء إليه بدويا حافيا بما كان يعاني من أحوال البداوة والتبذّل في المعاش ينكر كل ما يراه من أحوال الترف ورقة العيش.
ثم صار إلى ترف الملك وأحوال الرئاسة فرقت حاشيته وعظم ترفهه. وأصبح من عظماء الملوك وأعرفهم بالتدبير والسياسة.
ابتداء حال أبي عبد الله البريدي
كان بداية أمره عاملا على الأهواز وضبط ابن ماكر لأن هذا الاسم بالموحدة والراء المهملة نسبة إلى البريد. وضبطه ابن مسكويه بالياء المثناة التحتانيّة والزاي نسبة إلى يزيد بن عبد الله بن المنصور الحميريّ، كان جدّه يخدمه ولما ولي عليّ بن عيسى الوزارة واستعمل العمّال، وكان أبو عبد الله قد ضمن الخاصة بالأهواز وأخوه أبو يوسف على سوق فائق من الاقتصارية وأخوه علي هذا. فلما وزر أبو علي بن مقلة بذل له عشرين ألف دينار على أن يقلّده أعمالا فائقة، فقلّده الأهواز جميعها غير السوس وجنا سابور [1] وقلّد أخاه أبا الحسن القرانية [2] وأخاهما أبا يوسف الخاصة والأسافل، وضمن المال أبا يوسف السمسار، وجعل الحسين بن محمد المارداني مشرفا على أبي عبد الله، فلم يلتفت إليه. وكتب إليه الوزير بن مقلة بالقبض على بعض العمّال ومصادرته، فأخذ منه عشرة آلاف دينار واستأثر بها على الوزير، فلما نكب ابن مقلة كتب المقتدر بخطّه إلى الحاجب أحمد بن نصر القسوري بالقبض على أولاد البريدي، وأن لا يطلقهم إلا بكتابه، فقبض عليهم وجاء أبو عبد الله بكتاب المقتدر بخطّه بإطلاقهم وظهر تزويره فأحضرهم إلى بغداد وصودروا على أربعمائة ألف دينار فأعطوها.
الصوائف أيام المقتدر
ساره مؤنس المظفّر سنة ست وتسعين في العساكر من بغداد إلى الفرات، ودخل من ناحية ملطية ومعه أبو الأغرّ السلميّ، فظفر وغنم وأسر جماعة، وفي سنة سبع وتسعين بعث المقتدر أبا القاسم بن سيما لغزو الصائفة سنة ثمان وتسعين. وفي سنة تسع وتسعين غزا بالصائفة رستم أمير الثغور، ودخل من ناحية طرسوس ومعه دميانة،
[1] هي جنديسابور.
[2]
الفراتية: ابن الأثير ج 8 ص 185.
وحاصر حصن مليح الأرمني ففتحه وأحرقه. وفي سنة ثلاثمائة مات إسكندروس بن لاور ملك الروم، وملك بعده ابنه قسطنطين ابن اثنتي عشرة سنة. وفي سنة اثنتين وثلاثمائة سار عليّ بن عيسى الوزير في ألف فارس لغزو الصائفة مددا لبسر الخادم عامل طرسوس، ولم يتيسر لهم الدخول في المصيف، فدخلوا شاتية في كلب البرد وشدّته، وغنموا وسبوا. وفي سنة اثنتين وثلاثمائة غزا بسر الخادم والي طرسوس بلاد الروم، ففتح وغنم وسبى وأسر مائة وخمسين. وكان السبي نحوا من ألفي رأس. وفي سنة ثلاث وثلاثمائة أغارت الروم على ثغور الجزيرة ونهبوا حصن منصور وسبوا أهله بتشاغل عسكر الجزيرة بطلب الحسين بن حمدان مع مؤنس، حتى قبض عليه كما مرّ. وفي هذه السنة خرج الروم إلى ناحية طرسوس والفرات فقاتلوا وقتلوا نحوا من ستمائة فارس، وجاء مليح الأرمني إلى مرعش فعاث في نواحيها، ولم يكن للمسلمين في هذه السنة صائفة. وفي سنة أربع بعدها سار مؤنس المظفّر بالصائفة ومرّ بالموصل فقلّد سبكا المفلحيّ باريدى وقردى من أعمال الفرات، وقلّد عثمان العبودي مدينة بلد وسنجار ووصيفا البكتمري باقي بلاد ربيعة، وسار إلى ملطية فدخل منها وكتب إلى أبي القاسم عليّ بن أحمد بن بسطام أن يدخل من طرسوس في أهلها، ففتح مؤنس حصونا كثيرة وغنم وسبى ورجع إلى بغداد فأكرمه المعتضد وخلع عليه. وفي سنة خمس وثلاثمائة وصل رسولان من ملك الروم إلى المقتدر في المهادنة والفداء، فتلقيا بالإكرام وجلس لهما الوزير في الابهة، وصفّ الأجناد بالسلاح العظيم الشأن والزينة الكاملة، فأدّيا إليه الرسالة وأدخلهما من الغد على المقتدر وقد احتفل في الأبهة ما شاء، فأجابهما إلى ما طلب ملكهم. وبعث مؤنسا الخادم للفداء، وجعله أميرا على كل بلد يدخله إلى أن ينصرف. وأطلق الأرزاق الواسعة لمن سار معه من الجنود، وأنفذ معه مائة وعشرين ألف دينار للفدية. وفيها غزا الصائفة جنا الصفواني فغنم وغزا وسيّر نمالي الخادم في الأسطول فغنم. وفي السنة بعدها غزا نمالي في البحر كذلك، وجنا الصفواني فظفر وفتح وعاد وغزا بشر الأفشين بلاد الروم، ففتح عدّة حصون وغنم وسبى. وفي سنة سبع غزا نمالي في البحر فلقي مراكب المهدي صاحب إفريقية فغلبهم وقتل جماعة منهم، وأسر خادما للمهدي.
وفي سنة عشرة وثلاثمائة غزا محمد بن نصر الحاجب من الموصل على قاليقلا، فأصاب من الروم، وسار أهل طرسوس من ملطية فظفروا واستباحوا وعادوا. وفي سنة
إحدى عشرة غزا مؤنس المظفّر بلاد الروم فغنم وفتح حصونا، وغزا نمالي في البحر فغنم ألف رأس من السبي وثمانية آلاف من الظهر ومائة ألف من الغنم وشيئا كثيرا من الذهب والفضّة. وفي سنة اثني عشرة جاء رسول ملك الروم بالهدايا ومعه أبو عمر بن عبد الباقي يطلبان الهدنة وتقرير الفداء، فأجيبا إلى ذلك. ثم غدروا بالصائفة فدخل المسلمون بلاد الروم فأثخنوا ورجعوا. وفي سنة أربع عشرة خرجت الروم إلى ملطية ونواحيها مع الدمستق ومليح الأرمني صاحب الدروب وحاصروا ملطية وهربوا إلى بغداد واستغاثوا، فلم يغاثوا. وغزا أهل طرسوس بالصائفة فغنموا ورجعوا.
وفي سنة خمس عشرة دخلت سرية من طرسوس إلى بلاد الروم فأوقع بهم الروم وقتلوا أربعمائة رجل صبرا، وجاء الدمستق في عساكر من الروم إلى مدينة دبيل، وبها نصر السبكي فحاصرها وضيّق مخنقها واشتدّ في قتالها حتى نقب سورها، ودخل الروم إليها ودفعهم المسلمون فأخرجوهم وقتلوا منهم بعد أن غنموا ما لا يحصى وعاثوا في أنعامهم، فغنموا من الغنم ثلاثمائة ألف رأس فأكلوها. وكان رجل من رؤساء الأكراد يعرف بالضحّاك في حصن له يعرف بالجعبريّ فتنصّر وخدم ملك الروم، فلقيه المسلمون في سنة الغزاة فأسروه وقتلوا من معه. وفي سنة ست عشرة وثلاثمائة خرج الدمستق في عساكر الروم فحاصر خلاط وملكها صلحا، وجعل الصليب في جامعها، ورحل إلى تدنيس ففعل بها كذلك، وهرب أهل أردن إلى بغداد واستغاثوا فلم يغاثوا. وفيها ظهر أهل ملطية على سبعمائة رجل من الروم والأرمن، دخلوا بلدهم خفية وقدّمهم مليح الأرمني ليكونوا لهم عونا إذا حاصروها، فقتلهم أهل ملطية عن آخرهم. وفي سنة سبع عشرة بعث أهل الثغور الجزرية مثل ملطية وفارقين وآمد وأرزا يستمدّون المقتدر في العساكر وإلّا فيعطوا الإتاوة للروم فلم يمدّهم، فصالحوا الروم وملكوا البلاد. وفيها دخل مفلح الساجيّ بلاد الروم. وفي سنة عشرين غزا نمالي بلاد الروم من طرسوس ولقي الروم فهزمهم وقتل منهم ثلاثمائة وأسر ثلاثة آلاف، وغنم من الفضّة والذهب شيئا كثيرا وعاد بالصائفة في سنته في حشد كثير، وبلغ عمّوريّة فهرب عنها من كان تجمّع إليها من الروم، ودخلها المسلمون فوجدوا من الأمتعة والأطعمة كثيرا، فغنموا وأحرقوا وتوغّلوا في بلاد الروم يقتلون ويكتسحون ويخرّبون حتى بلغوا انكمورية التي مصّرها أهله وعادوا سالمين.
وبلغت قيمة السبي مائة ألف وستة وثلاثين ألف دينار. وفي هذه السنة راسل ابن