الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حصار ابن هبيرة بواسط ومقتله
ثم تقدّم لنا هزيمة يزيد بن هبيرة امام الحسن بن قحطبة وتحصنه بواسط وكان جويرة [1] وبعض أصحابه أشاروا عليه بعد الهزيمة باللحاق بالكوفة فأبى. وأشار عليه يحيي بن حصين [2] باللحاق بمروان وخوّفه عاقبة الحصار فأبى خشية على نفسه من مروان واعتصم بواسط. وبعث أبو مسلمة [3] الحسن بن قحطبة في العسكر لحصاره وعلى ميمنته ابنه داود [4] فانهزم أهل الشام واضطرّوا إلى دجلة وغرق منهم كثير. ثم تحاجزوا ودخل ابن هبيرة المدينة وخرج لقتالهم ثانية بعد سبعة أيام فانهزم كذلك، ومكثوا أياما لا يقتتلون إلا رميا. وبلغ ابن هبيرة أن أبا أمية الثعلبيّ [5] قد سوّد فحبسه فغضبت لذلك ربيعة ومعن بن زائدة وحبسوا ثلاثة نفر من فزارة رهنا في أبي أمية، واعتزل معن وعبد الله بن عبد الرحمن بن بشير العجليّ فيمن معهما فخلّى ابن هبيرة سبيل أبي أمية وصالحهم وعادوا إلى اتفاقهم. ثم قدم على الحسن بن قحطبة من ناحية سجستان أبو نصر مالك بن الهيثم فأوقد [6] غيلان بن عبد الله الخزاعي على السفّاح يخبره بقدوم أبي نصر، وكان غيلان واجدا على الحسن، فرغب من السفّاح أن يبعث عليهم رجلا من أهل بيته، فبعث أخاه أبا جعفر، وكتب إلى الحسن العسكر لك والقوّاد قوّادك ولكن أحببت أن يكون أخي حاضرا فأحسن طاعته ومؤازرته. وقدم أبو جعفر فأنزله الحسن في خيمته وجعل على حرسه عثمان بن نهيك. ثم تقدّم مالك بن الهيثم لقتال أهل الشام وابن هبيرة فخرجوا لقتاله وأكمنوا معن بن زائدة وأبا يحيى الجرافي [7] ثم استطردوا لابن الهيثم وانهزموا للخنادق فخرج عليهم معن وأبو يحيى فقاتلوهم إلى الليل وتحاجزوا
[1] حوثرة: ابن الأثير ج 5 ص 438.
[2]
يحيي بن حضين: ابن الأثير ج 5 ص 438.
[3]
ابو سلمة: ابن الأثير ج 5 ص 438.
[4]
«وخرج ابن هبيرة وعلى ميمنته ابنه داود، فالتقوا وعلى ميمنة الحسن خازم بن خزيمة» ابن الأثير ج 5 438.
[5]
ابا أمية التغلبي: المرجع السابق.
[6]
اي الحسن بن قحطبة هو الّذي أوفد.
[7]
ابا يحيي الجذامي: ابن الأثير ج 5 ص 440.
وأقاموا بعد ذلك أياما. ثم خرج أهل واسط مع معن ومحمد بن نباتة، فهزمهم أصحاب الحسن إلى دجلة فتساقطوا فيها وجاء مالك بن الهيثم فوجد ابنه قتيلا في المعركة، فحمل على أهل واسط حتى أدخلهم المدينة. وكان مالك يملأ السفن حطبا ويضرمها نارا فتحرق ما تمرّ به فيأمر ابن هبيرة بأن تجر بالكلاليب، ومكثوا كذلك أحد عشر شهرا. وجاء إسماعيل بن عبد الله القسريّ إلى ابن هبيرة بقتل مروان وفشلت اليمانية عن القتال معهم، وتبعهم الفزاريّة فلم يقاتل معه إلا الصعاليك.
وبعث ابن هبيرة إلى محمد بن عبد الله بن الحسن المثنّى بأن يبايع له فأبطأ عنه جوابه، وكاتب السفّاح اليمانية من أصحاب ابن هبيرة وأطمعهم، فخرج إليه زياد بن صالح وزياد بن عبيد الله الحرثيان، ووعدا ابن هبيرة أن يصلحا له جهة السفّاح ولم يفعلا وتردّد الشعراء بين أبي جعفر وابن هبيرة في الصلح، وأن يكتب له كتاب أمان على ما اختاره ابن هبيرة وشاور فيه العلماء أربعين يوما حتى رضيه وأنفذه إلى أبي جعفر فأنفذه إلى السفّاح وأمر بإمضائه، وكان لا يقطع أمرا دون أبي مسلم، فكتب إليه يحي بن هبيرة قد خرج بعد الأمان إلى أبي جعفر في ألف وثلاثمائة فلقيه الحاجب سلّام بن سليم فأنزله وأجلسه على وسادة وأطاف بحجرة أبي جعفر عشرة آلاف من أهل خراسان، ثم أذن لابن هبيرة فدخل على المنصور وحادثة وخرج عنه ومكث يأتيه يوما ويغبه يوما. ثم أغرى أبا جعفر أصحابه بأنه يأتي في خمسمائة فارس وثلاثمائة راجل فيهتز له العسكر فأمر أبو جعفر أن يأتي في حاشيته فقط. فكان يأتي في ثلاثين ثم آخرا في ثلاثة ثم الحّ السفّاح على أبي جعفر في قتله، وهو يراجعه للأمان الّذي كتب له حتى كتب إليه السفّاح والله لتقتلنه أو لأبعثنّ من يخرجه من حجرتك فيقتله.
فبعث أبو جعفر إلى وجوه القيسيّة والمضرية وقد أعدّ لهم ابن نهيك في مائة من الخراسانية في بعض حجره. وجاء القوم في اثنين وعشرين رجلا يقدمهم محمد بن نباتة وجويرة [1] بن سهيل فدعاهم سلّام الحاجب رجلين رجلين وعثمان بن نهيك يقيدهما إلى أن استكملهم وبعث أبو جعفر لحازم بن خزيمة والهيثم بن شعبة في مائة إلى ابن هبيرة فقالوا: نريد حمل المال فدلّهم حاجبه على الخزائن فأقاموا عندها الرجال وأقبلوا نحوه فقام حاجبه في وجوههم، فضربه الهيثم فصرعه، وقاتل ابنه داود فقتل في جماعة من مواليه ثم قتل ابن هبيرة آخرا وحملت رءوسهم
[1] حوثرة بن سهيل: ابن الأثير ج 5 ص 441.